الحركة الرياضية عند السريان
 

 

إن من ينظر إلى الناحية الرياضية يشعر أنها تشغل جانباً مألوفاً من حياتنا الاجتماعية منذ أن نشأت هذه الحركة عندنا عام 1930. ولعل الأشخاص الكبار يعرفون أن الفضل  في انتشار  الحركة الرياضية عندنا يعود في الدرجة الأولى إلى بعض فرق كرة القدم وكان أهمها (( فريق نينوى)) وفريق (( بيت أوروم)) ، وكان لهذين الفريقين الأثر البالغ في تقدم الرياضة في صفوف الشبيبة حتى الحرب العالمية الثانية .

فخلال الاعوام ( 1933 – 1940 ) نالت الحركة الرياضية مزيداً من الاهتمام في أوساط الشبيبة بمؤازرة من انتمى اليها من الاداريين أمثال السادة يوسف كوركجي ويوسف نامق وابراهيم مقدسي انطون ويوسف ايشوع وغيرهم ...
وخلال سنوات الحرب اتسعت الافاق الرياضية وانتقلت من طور إلى طور بمساعي السادة بشير كلور وحربي يشوع وبطرس طورو وغيرهم وأخذت شكلاً جديداً منذ أن برز (( نادي الشهباء الرياضي )) الذي سار بخطوات سريعة ثابتة ونازل الأندية الرياضية الأقدم منه وخاض مباريات موسمية جديدة ودخل في الاتحاد السوري لكرة القدم وارتقى إلى الدرجة الأولى بعدما كان في الدرجة الثانية .

وفي عام 1946 ترأس نادي الشهباء الرياضي ، يوسف نامق نزولاً عند رغبة المجلس الملي الرهاوي ، فانبرى من جانبه للحركة الرياضية مستجيبا لنداء الشبيبة ، وأخذ يشاطر الرياضيين طموحهم وأفراحهم . وفي هذه المرحلة من حياة النادي وضعت أنظمته الأساسية ونظمت أموره الداخلية ، كما أن النادي حصل على الرخصة الرسمية  فدخل بذلك إطار الأندية الرياضية التي تستفيد سنوياً من إعانة الإتحاد السوري لكرة القدم .

لقد أبدى المؤلف خلال مدة رئاسته للنادي التي طالت حتى أوائل عام 1952 اهتماماً خاصاً بالحركة الرياضية كما أنه بذل جهوداً متواصلة لتهذيب الشبيبة الرياضية تهذيباً نفسياً وخلقياً يتناسب مع الروح الرياضية . وكان من ثمرات وجوده في النادي محاضرات وحلقات وجلسات حوار دائم للبحث والنظر والمناقشة فيما يتعلق بأماني الشبيبة من ملعب خاص مثلاً ، وبيت كبير يضيئه نور التربية وشعاع الرياضة المنير . وهكذا فقد مر الزمان تحت سقف النادي حتى تحول السراب حقيقة وأصبح لدى الشبيبة الرياضية ملعب خاص للتمارين وللمباريات الرياضية ودار كانت مقرا حتى عام 1960 .
وفي عام 1952 ترأس السيد جان كلور نادي الشهباء الرياضي حتى عام  1957 . وكان لوجوده في النادي دور أساسي بارز لما بذله من جهود لرفع مستوى الرياضة وتعزيز أماني الرياضيين ، كما أنه أفسح أمام الفرق الرياضية لمختلف الألعاب مجالات واسعة لإظهار مواهبها في مسيرة الحركة الرياضية .
ازدهر نادي الشهباء الرياضي في عهد السيد جان كلور ازدهاراً متواصلاً في المجالات الرياضية ، ليس في مجال كرة القدم أو السلة أو كرة الطائرة فحسب ، بل في ألعاب القوى كالجري والقفز ورفع الأثقال وغيرها من أنواع الرياضة المألوفة يشرف على تمارينها اليومية مدير الرياضة في باحة مقر النادي أو على أرض ملعب النادي الخاص .

والجدير بالذكر  أن النادي لم يقصر اهتمامه على الحركة الرياضية فحسب ، بل إنه انصرف لرفع المستوى الأخلاقي والاجتماعي للشبيبة بوسائل شتى. وكان له صالة خاصة للمحادثة وأخرى للمطالعة وغرفة كبيرة لوسائل التسلية المهذبة وفرع خاص للإناث يمارسن أنواع الرياضة الخفيفة وفريق خاص لكرة القدم وبذلك كان أول فريق أنثوي لهذه الرياضة ينشأ في سوريا لا بل في العالم العربي ، وأيضاً فريق لكرة الطائرة على مستوى القطر شارك في المنتخب الوطني فترة طويلة وفرع آخر للتمثيل يقدم بين حين وآخر ، بعض المسرحيات الأخلاقية والاجتماعية ذات التوجيه الأخلاقي تتناول وتعالج أمراضنا الفردية والاجتماعية .

هذه لمحة خاطفة عن الحركة الرياضية ومنافعها خلال ثلث قرن من الزمن ، أي منذ نشأتها وحتى عام 1972 . وقد عاش نادي الشهباء في سيره الطويل صورة صادقة للجركة الرياضية وما تنطوي عليه هذه الحركة من الطموح والازدهار اللذين تحققا بفضل من تولى إدارة هذا النادي أو اهتم به من الأعضاء ومن الأنصار كالسادة بول كلور واوجين كلور وسليم قولطقجي الذين كان لهم دور مشكور في تنشيط الحركة الرياضية.
 وفي عام 1972 صدر المرسوم التشريعي رقم 38 والقرار الصادر عن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام القاضي بدمج الأندية الرياضية واستبدال أسمائها بأسماء جديدة . وهكذا فقد تم دمج نادي الشهباء الرياضي بنادي الشبيبة الرياضي وأصبح اسم النادي الموحد (( نادي الجلاء الرياضي )) ، ومقره في حي العزيزية بحلب. وأغلق مقر نادي الشهباء ردحاً من الزمن أصيبت خلالها الروح الرياضية بالخمول والجمود حتى تم افتتاح مقر فرعي لنادي الجلاء في حي السريان أشرف عليه السيد اوجين كلور ، العضو في الهيئة الإدارية لنادي الجلاء ويعاونه السيد سليم قولطقجي. وقد شارك رهط كبير من أنصار ومساندي الحركة الرياضية في رفد وإحياء النشاط الرياضي من جديد .
هذا ولا تزال الأسرة السريانية على ثقتها بنفسها تعيش وتستمر حرصاً على الحركة الرياضية وتعتز بأبناء مخلصين أوفياء ممن نذروا نفوسهم سنداً للشبيبة ودعماً للحركة الرياضية وما فيها من العزة والخير للوطن وللجميع .

 

 

نقلاً عن مجلة /الرياضة والجمال/ ـ دمشق
العدد 13 ـ شباط 1972

عندما ظهرت الفتاة السورية في ملعب نادي الفتيان بدمشق (بالشورت)وهي تلعب كرة السلة في أوائل الخمسينات ..قالوا هذه شجاعة.وعندما مضت الفتاة السورية في أوائل الستينات تتبارى في ميادين الكرة الطائرة واليد والطاولة وألعاب القوى والجمباز وحتى السباحة ..قالوا هذا منتهى الجرأة ،وعندما شاهد الجمهور في مطلع السبعينات على شاشة التلفزيون السوري المرأة في العالم تلعب كرة القدم ،تماما كما يلعبها الرجال،قالوا :هذه مسألة فيها وجهة نظر! أن تلعب المرأة كرة السلة والطائرة واليد والطاولة ..فتلك ألعاب تتناسب وطاقتها الأنثوية..
وأن تمضي المرأة في ميادين ألعاب القوى والجمباز والسباحة ..فتلك رياضات تكسب جسمها الرشاقة والصحة والعافية ..أما أن تلعب المرأة كرة القدم ..وتمضي في ملعبها الكبير كالرجال ساعة ونصف الساعة بلا كلل ،تتناقل الكرة بأناقة ،وتلعبها بسهولة ،وتقذفها بقوة ..فتلك مسألة صعبة!.إذن ..مسألة ممارسة المرأة العربية لكرة القدم ..لم تكن مسألة سهلة ..ولكنها لم تكن مستحيلة .

فكيف ولدت الفكرة ..وكيف تحولت إلى حقيقة؟ تعالوا ـ أصدقائي القراء ـ لنتعرف على القصة من بدايتها .

ولادة الفكرة بدأت عام1971 ..وإشارة الضوء كانت الأفلام الرياضية التي يعرضها التلفزيون السوري ومن ضمنها مباريات كرة القدم بين السيدات ..والمنفذ هو نادي الشهباء في حلب ـ حي السريان .ففي هذا النادي حيث تمارس الفتاة نشاطاتها جنبا إلى جنب مع الرجل....فكر مجلس إدارة النادي بإنشاء أول فريق للفتيات بكرة القدم ،ونقل الفكرة إلى أولياء اللاعبات .فوجدت قبولا وتجاوبا من غير حدود واستجمع النادي ما لديه من فتيات رياضيات  وبدأ عملية اختبار واختيار .
 ومن أول تمرين لهن ..اكتشف المشرفون أن هناك قابلية كبيرة واستعداداً جديا لممارسة اللعبة ..تماماً كما يمارسها الرجال ..دون خوف ولا رهبة .وبدأت اللاعبات بالتمارين الجدية المنتظمة ،وأخذ مجلس الإدارة يفكر في نقل الصورة إلى الجماهير ،فوجد أن أفضل سبيل هو إجراء مباراة رسمية ،ولكن مع من تلعب الفتيات ؟ قالوا :لتكن المباراة الأولى مع فريق أشبال النادي ..ما دام لم يتشكل بعد أي فريق آخر للفتيات .

وفي نهاية صيف عام1971 أعلن عن إجراء أول مباراة رسمية بكرة القدم بين فريق آنسات نادي الشهباء وفريق أشبال النادي .ورغم أن مباراة أخرى بين الرجال وعلى بطولة الدوري العام كانت تجري في نفس الوقت في الملعب البلدي بحلب..إلا أن خمسة آلاف متفرج قصدوا ملعب نادي الشهباء ،ليشهدوا ولادة أول فريق أنثوي لكرة القدم ..وكان في مقدمة المتفرجين المتحمسين أولياء اللاعبات .

وجرت المباراة ...تماما وفق القواعد المتبعة في مباريات الرجال ..مع فارق في وقت المباراة الذي اختصر إلى ساعة ..سجلت فيها ثمانية أهداف كان نصيب فريق الفتيات منها خمسة أهداف وخرج فائزاً على فريق الأشبال، الذي لم يتمكن من إحراز أكثر من ثلاثة أهداف .
وهكذا ولد أول فريق أنثوي لكرة القدم في حلب ..وتحولت الفكرة إلى حقيقة ..وكسرت الفتاة السورية طوق العزلة ..ومضت تلعب لعبة الرجال بشجاعة وجرأة .والسؤال الآن :ما هو صدى تشكيل هذا الفريق ..وما هي مقومات استمراره ،وحياته ؟.

الإصداء على الصعيد المحلي كانت واسعة ..ومشجعة ..فقد بدأ التفكير في بعض المحافظات السورية بتشكيل فرق مماثلة ..وقد لا يمضي هذا العام إلا ونسمع عن فرق أنثوية أخرى أخذت تلعب كرة القدم .والتشجيع من قبل أولياء اللاعبات كان رائعاً ..بدليل إنه لم تمض ثلاثة أشهر على ولادة الفريق حتى تضاعف عدد المنتسبات إليه ..

يقول السيد جورج بلطه مدرب الفريق: إنني لم أكن أتوقع أن تقوم اللاعبات بتنفيذ المبادئ الأولية للعبة بمثل هذه الجدية ..كما لم أكن أتوقع أن تستوعب اللاعبات اللعبة وتحبها بمثل هذه السرعة والسهولة .

وتقول اللاعبة منى قس (18 سنة)رئيسة الفريق ،وهي في الوقت نفسه لاعبة في منتخب حلب لكرتي السلة والطائرة ،إن أشد ما يؤسفها أنها بدأت تتعلم كرة القدم وهي كبيرة ..ولكنها لم تجد في اللعبة الصعوبة التي كانت تتصورها
ـ يقول السيد سليم طرقجي أحد الإداريين المتحمسين جداً للفريق ،إن منتهى ما يتمنى أن تتشكل فرق مماثلة في بقية المحافظات حتى تتاح للفريق أن يلعب وأمام الجمهور بشكل مستمر ..وإن تأخرت ولادة هذه الفرق ،فإن نادي الشهباء يفكر في استقدام فرق أجنبية دون حساب للنتائج .ولما سمع بتشكيل أول فريق للفتيات يلعب كرة القدم في النادي الأهلي القاهري قال:سندعو هذا الفريق في أول فرصة .
أما رئيس النادي المهندس بول كلور ،فقد ذكر بتواضع أن النادي وأنصاره ومشجعيه لن يبخلوا في رفد هذا الفريق بكل الإمكانات المادية والمعنوية ،هدفه من ذلك تأكيد شجاعة المرأة وجرأتها وقدرتها على مجاراة الرجال في كل شيء .

وتبقى تحية من أسرة ((الرياضة والجمال))إلى نادي الشهباء بحلب الذي كسر الطوق وحطم القيود .وأطلق الرياضيات فيه ليلعبن لعبة الجنس الخشن ..بلا قيود ولا مقيدين !.

الاداريين:

ـ جورج بلطة.
ـ منى قس
ـ كيراكوس مختار.
ـ لطوف فضول .

أسماء اعضاء الفريق:

 فيوليت عنانوئيل ـ أوديت ترزي ـ سميرة ترزي ـ راغدة فضول ـ أيدا فلاح ـ مها دباس ـ فيوليت مختار ـ نائلة مختار ـ فيروز عبدو ـ سلوى فستقجي ـ ايفا دنهش ـ لوسين سعادة ـ هيفين عقاد ـ سمر عقاد ـ قمر عقاد ـ جوزفين كالوس ـ بهية جولجي ـ فردوس.

 

 
 

 


قنشرين كافة الحقوق محفوظة 2004 -2011


Qenshrin.com
Qenshrin.net

  All Right reserved @ Qenshrin  2004- 2011