عشرون قرناً مضت منذ وعد الله إبراهيم والآباء بمجيء المخلص والفادي، وعلى مدى هذه السنين الطوال ظلّ يترقّبه الاتقياء في كل جيل، عابدين بالجهد ليلاً ونهاراً، وكل جيل يسلم وديعة الترقّب الحار الذي لا يخمد إلى الأبناء ثم يرقدون على الرجاء. وفي هذا الشعور المرهف الحساس، الذي يترقّب تتميم الوعد في كل يوم وكل لحظة، كان يقرأ الملهمون النبوات ويطبقونها على الحوادث لعلهم يحصلون على شيء من ملامح القادم أو قرب الزمان. ولم يستطع طول الزمان أن يضعف حركة هذا الترقب ولا الحوادث الجسمية استطاعت أن تخمد هذه النار المتأججة، بل على النقيض كانت خفقات القلب تزداد بمرور الزمن ولهيب الشوق يشتد بعصف الحوادث، وكأنما المسيّا الآتي من وراء الزمن تستدعيه الأيام وتتعجله الحوادث. "الوعد" (تأملات في عيد الميلاد). الأب متى المسكين.