الولادة: 1720
الوفاة: 1798
✨ النشأة والبدايات
هندية عجيمي هي راهبة مارونية متصوفة، لعبت دورًا بارزًا في تاريخ الكنيسة المارونية في القرن الثامن عشر. وُلدت في مدينة حلب في 16 آب 1720، من عائلة مارونية متدينة، والدها شكر الله عجيمي ووالدتها هيلين حوّا. تنتمي عائلتها إلى طبقة التجار الذين جمعوا ثرواتهم من المعاهدات التجارية المبرمة بين القوى الأوروبية والدولة العثمانية منذ عام 1675. كان لها شقيق يُدعى نيكولاس وشقيقات أخريات لم يُذكر عددهن.
📖 التعليم والتكوين الروحي
تلقت هندية تعليمها الروحي على يد اليسوعيين، الذين شجعوها على تكريس حياتها للمسيح، ودعموها من خلال تعريفها بقصص عن فتيات اخترن الحياة الدينية العلمانية. تأثرت بهم إلى حد كبير، فتبنت سرّ الاعتراف المتكرر والولاءات الكاثوليكية الرومانية، وظلت على صلة بهم حتى عام 1748.
🕊️ تأسيس الرهبنة
انتقلت بعدها من حلب إلى دير حراش، ثم إلى دير بكركي في لبنان، وهناك أسست في 25 آذار 1750 رهبنتها الخاصة التي حملت اسم “عن قلب يسوع الأقدس”. ادعت أنها ترى المسيح وتحادثه وتتوحد به توحدًا فريدًا، كما تحدثت عن رؤى صوفية جعلتها تُعتبر قديسة حية تحظى باحترام المؤمنين وتقدير البطاركة، بدءًا من سمعان عواد وصولًا إلى يوسف اسطفان. وقد دعمها هؤلاء بقوة، فيما اتخذ اليسوعيون وبعض رجال الدين الموارنة موقفًا متحفظًا وأكثر تشككًا تجاه عقيدتها.
💭 شخصيتها وخياراتها
منذ طفولتها، شعرت هندية بأنها خُلقت لتكرس حياتها للمسيح. في الرابعة من عمرها، قالت إنها سمعت صوتًا يخبرها بأنها ستؤسس أخوية من الرجال والنساء وتكون رئيستها. كانت مختلفة عن بنات جيلها، إذ رفضت الزواج ووهبت حياتها للعبادة، رغم سخرية عائلتها وجيرانها منها واعتبار سلوكها حرمانًا وتمردًا على الأعراف الاجتماعية. كانت ترى أن طاعة المسيح تستلزم ترك الأبوين والعائلة، وأن الانصراف إلى العلاقات الاجتماعية والطقوس المعتادة للشابات في عمرها يناقض رسالتها. هكذا تحولت حياتها إلى تمرّد واضح على التقاليد، وأصبحت نموذجًا لامرأة تتحدى القيود الدينية والاجتماعية في زمانها.
⚖️ الاتهامات والجدل العقائدي
لكن أفكارها ورؤاها أثارت جدلًا كبيرًا. خلال التحقيقات الكنسية في السبعينيات، وُجهت إليها اتهامات بالهرطقة. فقد ادعت أنها اتحدت بالمسيح اتحادًا حقيقيًا، وأن معرفتها تفوق معرفة الملائكة، وأنها معصومة، بل رأت بعض الآيات في الكتاب المقدس تشير إليها، وذهبت إلى حد القول إنها أعظم من العذراء مريم وتستحق العبادة لاتحادها بالمسيح. كذلك اتُّهمت بممارسات غير مشروعة، مثل تناول سرّ القربان في غير أوقاته، واعتبرت هذه الادعاءات خروجًا خطيرًا عن العقيدة المارونية.
🌍 التأثير والانتشار
رغم ذلك، أثرت هندية في عدد من المؤمنين، وامتد تأثيرها إلى حلب حيث ظهرت جماعة مماثلة أسستها مارغريت بابتست بدعم من القس الفرنسي نيكولاس جودي. لكن هذه الحركات قمعت لاحقًا على يد البطريرك مكسيموس مظلوم والمجمع التبشيري عام 1838.
🕊️ الصراع مع الكنيسة والفاتيكان
الصراع مع الكنيسة والفاتيكان أخذ منحى حادًا. ففي عام 1752 أمر البابا بندكت الرابع عشر بإجراء تفتيش أولي في قضيتها، لكن المفتش الذي عُرف بعدائه لها تحوّل لاحقًا إلى مؤيد. وفي عام 1771، ثبّت البطريرك يوسف اسطفان رهبنتها رسميًا ومنحها قوانين داخلية. إلا أن الأمور بلغت ذروتها بين 1777 و1779 عندما رفع عدد من الأساقفة شكاوى ضدها أمام المجمع المقدس والبابا بيوس السادس.
بعد تحقيق مطول، أصدر البابا في 25 حزيران 1779 مرسومًا يقضي بحل رهبنتها وتوزيع راهباتها على الأديرة الأخرى، وتحديد إقامتها، كما وجّه توبيخًا شديدًا للبطريرك يوسف اسطفان الذي أُوقف عن ممارسة سلطاته البطريركية لفترة قبل أن يُعاد إليها عام 1784.
🌅 السنوات الأخيرة والوفاة
عاشت هندية بعد ذلك متنقلة بين الأديرة تحت قيود صارمة، وقد مُنعت من ممارسة أي دور ديني علني. وتوفيت في 13 شباط 1798 في دير سيدة الحقلة، تاركة خلفها واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ الكنيسة المارونية. فقد كانت شخصيتها ورؤاها مصدر انقسام، وأجبرت الفاتيكان على التدخل مرارًا خشية أن تؤدي قضيتها إلى انشقاق داخل الموارنة. ومع ذلك، بقيت سيرتها تُقرأ بوصفها نموذجًا للتصوف والتمرد الديني والاجتماعي، ودليلًا على الدور المعقد الذي لعبته النساء في الكنيسة المارونية في القرن الثامن عشر.