الولادة: 1572
الوفاة: 1635
👶 النشأة:
ولد عبد الكريم كرمه في حماه عام 1572، وهو ابن الخوري حوران وأمه سعادات. قُتل والده في رحلة بين طرابلس وحماه، ونشأ في رعاية والدته.
ترهب في دير مار سابا قرب القدس، وتعلم اللغة اليونانية، واتخذ اسم ملاتيوس لكنه استمر يستخدم اسمه الأصلي أحيانًا.
👨👦 الحياة العائلية:
له أخ أكبر يُدعى الحاج تلجة (يوساف) الذي ترهّب أيضًا واهتم بنسخ المخطوطات، وتلقّى تعليمه على يديه تلاميذ بارزون.
⛪ العمل الكنسي:
عُيّن شمامسًا إنجيليًا في حماه ثم رُقي إلى الكهنوت، وظل يخدم في حماه حتى عام 1608.
استدعاه أهل حماه للاستفادة من وعظه وإرشاده.
🛐 تَنصيبُهُ أُسقُفًا على حلب:
في عامِ 1608، جاءَ مَلاتيوس كرمه إلى حلب في مَهَمَّةٍ حُكوميَّةٍ لِتَخفيفِ الجِزيَةِ المفروضةِ على الرومِ الملكيِّين في حَماه، إِثْرَ زيارةِ الوزيرِ مُراد باشا القويجي إلى المدينة. خلالَ إقامَتِهِ، بدأَ يَعِظُ المؤمنين، وبِناءً على طَلَبِهِم، انتُخِبَ مِطرانًا على حلب في 12 شُباط 1612، بعدَ أَنْ كانَ ناظرًا عليها سيماون أُسقُفَ مَرمِنِيثا. انتهَت بذلك نَظارةُ سيماون، الَّتي استمرَّت 15 سنةً.
🤝 الرَّاعي الصالح:
عَنى مَلاتيوس بالرِّعاية الاجتماعيَّة بترتيب أَسماء الفُقراء والأرامل والأيتام، ووَضَعَ لهم مُخصَّصاتٍ ماليَّةً وغذائيَّةً وكِسائيَّةً، وكانَ يزورُهُم بانتظامٍ.
مَنَعَ المَظاهِر الفاسدة في الأَعراس، وحرصَ على السُّلوك الحسن للرّجال والنّساء، كما حرصَ على تَزويجِ الفتيات الفقيرات بشُبَّانٍ مناسبين.
📚 نَشاطُهُ العُمرانيُّ والثقافيُّ: إنشاءُ أُولى المدارسِ المسيحيَّةِ في حلب:
اهتمَّ بترميم وتوسيع كنيسة الرومِ الملكيّين في حلب، وتزيينها بالإيقونات المُقدَّسة، كما أَدخل نهضةً فنيَّةً من خلال دَعمه لفنَّان الإيقوناتِ راهبِهِ مَلاتيوس الصاقزي.
أَسَّسَ في 1629 أُولى المدارس المسيحيَّة في داره المطرانيَّة، وعهد فيها بالتعليمِ إلى الأَب اليسوعيّ جيروم آيروت، ما أَسهمَ في نهضةٍ ثقافيَّةٍ بين المسيحيّين.
✝️ تَقواهُ وزُهدُهُ وتَقَشُّفُهُ:
كان مُلتزمًا بالتَّقشُّف، لا يقبلُ هدايا مادّيَّةً إِلَّا إذا كانت لِلفُقراء أو للكنائس.
لم يكن يتوقَّف عن الصَّلاة ليلًا ونهارًا، وحرص على إِقامة القُدَّاس باستمرارٍ، حتَّى في أَيَّام الأَعياد للمتوفّين.
كان يتناولُ طعامًا بسيطًا جدًّا، ما أظهر زُهدًا كبيرًا في حياته.
ميلادُ دعمٍ وتَطوُّرِ التعليمِ المسيحيِّ وعلاقاتُهُ مع المُرسَلين الأجانب:
بعدَ مجمعِ رأسِ بعلبك في 1628، قامَ المِطرانُ مَلاتيوس كرمه بجولةٍ في أَريافِ لبنانَ لِلبحثِ عن مَخطوطاتِ الكِتابِ المُقدَّسِ بالعربيَّة، في إطارِ جهودِهِ لترجمةِ ونشرِ الكُتبِ المُقدَّسةِ بينَ شَعبِهِ. واستمرَّ في التَّنسيقِ مع الرُّهبانِ اليسوعيِّين والكبوشيِّين في حلب، مستفيدًا من دَعمِهِم في إنشاءِ مدارسَ لتعليمِ اللُّغاتِ والعُلومِ الدينيَّةِ، ممَّا ساعَدَ على رَفعِ المستوى الثقافيِّ والدينيِّ لأَبناءِ أبرشيَّتِهِ.
تَجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ مَلاتيوس كرمه كانَ يُظهِرُ ميولًا كاثوليكيَّةً واضحةً، ممَّا جَعَلَ علاقاتِهِ مع المُرسَلين الأجانبِ قويَّةً، خاصَّةً مع الرُّهبانِ الفرنسيسكان واليسوعيِّين، الَّذين كان وجودهم في حلب مؤشّرًا على تَعزيز النُّفوذ الكاثوليكيّ هناك. وكان هو نفسُهُ مُبادرًا لتَوطيد الرَّوابطِ مع الكُرسيّ الرَّسوليّ في روما، حيثُ كتبَ عدَّة رسائل وبعثاتٍ طلبًا للدَّعم الرُّوحيّ والمادّيّ، مُعبّرًا عن أَمله في إصلاح الأَوضاع الكنسيَّة وتطوير التعليم المسيحيّ في مناطقه.
👑 ارتقاؤُهُ السدَّةَ البطريركيَّة:
بعدَ مَقتلِ البطريركِ أَغناطيوس الثَّالثِ عطيَّة في نيسان 1634، وقعَ الاختيارُ على المطرانِ مَلاتيوس كرمه ليَخلُفَهُ في الكرسيِّ الأَنطاكيِّ، رغمَ ميولِهِ الكاثوليكيَّةِ الواضحةِ. فقد تَميَّزَ بالعلمِ، والإصلاحِ، والتقوى، ممَّا أَكسبَهُ مَحبَّةَ الرَّعيَّةِ.
تَمَّت رِسامَتُهُ بطريركًا باسمِ أَفْتيميوس الثَّاني في 1 أيار 1634، بعدَ وصولِهِ إلى دمشقَ يومَ عيدِ القدِّيسِ جاورجيوس (23 نيسان). وأصدرَ فورًا منشورًا بطريركيًّا يروي فيهِ قِصَّةَ انتخابِهِ وتَنصيبِهِ.
بدأ بطريركيَّتَهُ بإرسالِ وفدٍ رسميٍّ إلى روما لتقويةِ العلاقاتِ مع الكرسيِّ الرَّسوليِّ. حَمَلَ الوفدُ رَسائلَ وكُتُبًا طقسيَّةً وخاتَمَ البطريركِ لتوقيعِ وثيقةِ الاتِّحاد. لكنَّ الوفدَ لم يَصِل إلى روما إِلَّا بعدَ وفاتِهِ في 1 كانون الثَّاني 1635، ما حالَ دون توقيعِ الوثيقةِ رسميًّا.
📚 إنتاجُهُ الأَدبيُّ:
كانَ مَلاتيوس يُجيدُ العربيَّةَ، واليونانيَّةَ، والسُّريانيَّةَ. وكرَّسَ جهودَهُ لإعادة ترجمة الكُتب الطقسيَّة، وتأليف النُّصوص الدينيَّة. ومن أَبرزِ أعماله:
“المُختصر في تاريخ مطارنة حلب” (مفقود)
مجموعة مواعظ محفوظة في عدَّة مخطوطات
ميمر على مريم الخاطئة، لصّ اليمين، عظة عن الطاعون بحلب
“مرج الأزهار”: سِيَر قديسين وقصة انتقال العذراء
“تفسير أناجيل الآحاد والأعياد”
رسائل مختلفة إلى روما
“أسطاتيكون”: رسالة رعوية لتنظيم الشؤون الكنسية
✍️ كما شاركَ في نَسخِ المخطوطاتِ بنفسِهِ، وأَقدمُ مخطوطةٍ معروفةٍ بخطِّهِ هي “كتاب الفردوس العقلي” (1604).
📖 إعادةُ ترجمةِ الكُتبِ الطقسيَّةِ:
ابتداءً من سنة 1612، قامَ بإعادةِ ترجمةِ عددٍ من الكُتبِ الطقسيَّةِ الأَساسيَّةِ، منها:
اللِّيتورجيكون: القداسات وصلاة الغروب والسحر
كتاب الترتيل والتلحين
سنكسارات الميناون
كتاب تيبيكون الطقوس الكنسية
كتاب الأورولوجيون (السواعي): أُرسل إلى البابا في 1634
كتاب الأفخولوجيون (صلوات الكهنة): أُرسل سنة 1643 لطباعة نسخته
⚰️ وفاتُهُ:
لم يَـمكثْ على السدَّةِ البطريركيَّةِ سوى ثمانيةِ أَشهرٍ، وتُوفِّيَ في 1 كانون الثَّاني 1635. أَسبابُ الوفاةِ تَعَدَّدَت:
البطريرك مكاريوس: “مرض ثقيل”
ابنُه الشمّاس بولُس: “مرض مائي مشهور” (ربّما استسقاء)
مُرسَلون معاصرون: ماتَ مسمومًا بسببِ ميولِهِ الكاثوليكيَّة
لكنَّ الوثائقَ، لا سيما “وصيَّة” أَخيهِ تَلْجَة، تُظهِرُ أنَّهُ كانَ يَتوقَّعُ وفاتَهُ، وتركَ تعليماتِهِ بخصوصِ خَلَفِهِ، ما يُرجِّحُ أنَّهُ تُوفِّيَ بمرضٍ طبيعيٍّ.
🪦 دُفِنَ في دمشقَ، وذُكرَ أنَّ قبرَهُ بدأَ يُفيضُ بالعجائبِ وشفاءِ الأَمراضِ، ما جَعَلَهُ موضعَ تَبجيلٍ بينَ المؤمنين.
🌟 خاتمة
كان المطران ملاتيوس كرمه / البطريرك أفتيميوس الثاني شخصية استثنائية جمعت بين التقوى، الثقافة، والإصلاح الكنسي. يُعد من أبرز رواد الحركة الثقافية في حلب في القرن السابع عشر، ومن أوائل دعاة الاتحاد بين الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية.
مصادِرُ السيرةِ:
أَبرزُ مصدرٍ لِسيرتِهِ هو تلميذُهُ وخَلفُهُ على أبرشيَّةِ حلب، البطريرك مكاريوس الحلبّيّ ابنُ الزعيمِ، في “مَجموعِ اللطيفِ”، ونُشِرت سيرتُهُ أيضًا في مجلَّة “المَسَرَّةِ” عامَ 1913.
نقلاً عن كتاب أساقفة الروم الملكّيّين بحلب في العصر الحديث بتصرف.
موسوعة قنّشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت