الولادة: –
الوفاة: –
مار إسحاق النينوي (ܡܪܝ ܐܣܚܩ ܢܝܢܘܝ)، واحد من كبار الآباء الروحيين في القرن السابع الميلادي ضمن التراث السرياني. عاش في القرن السابع الميلادي (حوالي 600-700م)، وهو زمن شهد تحولات كبرى في العالم السرياني، بما في ذلك الفتوحات الإسلامية وتأثيراتها على الكنيسة. يُلقب بـ”النينوي” نسبة إلى مدينته الأصلية نينوى (مدينة تقع بالقرب من الموصل في العراق الحديث). عاش وترهب في منطقة نينوى وما حولها، التي كانت مركزاً دينياً وثقافياً مهماً.
حياته ودوره
كان راهباً ومعلّماً روحياً بارزاً، اشتهر بالحكمة والنسك والتأمل. يُعتبر من أهم الآباء الروحيين الذين أثروا في اللاهوت النسكي السرياني. كان له دور كبير في توجيه الرهبان والمجتمعات المسيحية خلال فترة صعبة من التغيرات السياسية والدينية.
تعاليمه وأفكاره
ركّز على الزهد والنسك كطريق للوصول إلى الاتحاد مع الله. واعتبر أن الصلاة والاعتراف بالخطايا هما من أهم وسائل تطهير النفس. علّم أهمية التواضع والرحمة والمحبة كأساس للحياة المسيحية الحقيقية. كان يقدّم نصائح عملية للرهبان في كيفية مقاومة الشهوات والتقرب من الله.
أثره وتأثيره
ترك تراثاً غنياً من الخطب والرسائل الروحية التي انتشرت بين الأديرة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام. تعاليمه أثرت في الكثير من الرهبان واللاهوتيين السريان اللاحقين، وخصوصاً في المدارس الرهبانية في نينوى والرها. يُحتفى به في التقاليد السريانية باعتباره قديسًا ومعلّماً روحياً.
التذكار
يُذكر مار إسحاق النينوي في كتب السنكسارات السريانية في مواعيد متفرقة بحسب الطقس المحلي، عادة ضمن تذكار الآباء العظام.
اقتباسات من تعاليم مار إسحاق النينوي
عن الصلاة والاتحاد بالله: “الصلاة هي المفتاح الذي يفتح لنا أبواب السماء، وبها يقترب القلب من النور الإلهي، فلا نبقى أسرى ظلمات النفس.”
عن التواضع: “التواضع هو تاج الروح، ومن تواضع رفعه الله، ومن تعظم سقط في غروره.”
عن محبة القريب: “لا يمكن للإنسان أن يحب الله الذي لا يراه، وهو يكره أخاه الذي يراه كل يوم.”
عن مقاومة الشهوات: “من ترك الشهوات، وجد سلامًا داخليًا، ومن استعبد نفسه لها، وجد نفسه عبداً لكل شيء إلا الله.”
قصة من حياة مار إسحاق النينوي
روى الرهبان أن مار إسحاق كان يعيش في عزلة شبه كاملة في دير قريب من نينوى، وكان يقضي ساعات طويلة في الصلاة والصوم. جاء إليه شاب يسأل عن كيفية الاقتراب من الله. فقال له مار إسحاق: “لكي تعيش الاتحاد مع الله، عليك أن تبدأ بحب نفسك حقاً، فلا تكون قاسياً عليها، ثم تحب القريب، وتغفر للعدو.”
الشاب استغرب وقال: “كيف أبدأ بحب نفسي وأنا أجد نفسي مليئة بالخطايا؟”
ابتسم مار إسحاق وقال: “الخطايا ليست نهاية الطريق، بل بداية التوبة. لا تهرب من ذاتك، بل اقف أمامها بخشوع، وقل لها: يا نفسي، أنت مخلوقة بمحبة، وستجدين الرحمة حين تطلبينها.” ثم دعا الشاب ليصلي معه، وعلمه كيف يجعل الصلاة حواراً صادقاً مع الله، لا مجرد كلمات تقال.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت