الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | حلب |
الطائفة | – |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🏛️ الاسم والتعريف
(قورش أو النبي هوري)
نذكُر سيروس، لأنها مدينةُ الأسقف تيوردوريطس الذي تكلم على حياة الرهبان في كتابه ((التاريخ الكنائسي)). وتقع في أقصى الشمال من سورية على مسافة 80 كم تقريبًا من حلب، وتبعُد 22 كم إلى الغرب من إعزاز، ونصل إليها بعد المرور على الجسرين الرومانيين القديمين المقامين على نهر الصابون ونهر عفرين، ويبعُدان عن بعضهما حوالي الكيلو متر الواحد.
🌉 الجسور والطريق
ويبعُد جسرُ نهر الصابون عن بلدة قورش حوالي 1,5 كم، كما يمكن الوصول إلى البلدة الأثرية من كفرجنة مرورًا بشلالات وجسر ميدانكي على نهر عفرين، والمسافة بين كفرجنة وقورش حوالي 30 كم، تمر بمنطقة خضراء غنية بأشجار الزيتون والكرمة.
🏺 لمحة تاريخية
كانت سيروس مركزًا هامًا لمنطقةٍ من شمال غربي سورية سُمِّيت بالقورشية، وقد سُمِّيت سيروس على اسم مدينة مقدونية مغمورة أيام الدولة السلوقية، وكانت تؤمِّن لملوك إنطاكية الجنود الأشداء الجاهزين للالتحاق بالجيش.
اشتهر من أبنائها المعمارُ العظيم اندرونيك Andronic الذي بنى برج الرياح الشهير في أثينا، ويذكر سترابون معبد أثينا القورشية حامية البلاد العظيمة التي تشاهد صورتها على نقود أسكندر بالا التي سكَّها فيها في العام 150 م. لكن العبادة الرئيسة في سيروس كانت للإله زوس zeus kataibates (الإله الذي في النور)، ويرسم على النقود جالسًا على صخره ممسكًا بيده اليسرى صولجانًا وقابضًا على الصاعقة. وربما كان معبده قائمًا على قمة التلة أو الجبل المجاور للمدينة.
🏛️ الفترات الرومانية والبيزنطية
أقامت في قورش الفرقة العاشرة الرومانية Fretensis بقيادة تيبيريوس، وعندما ضُمّت كليكية الشرقية والكوماجين إلى الإمبراطورية في عهد فسبسيان العام 72 م لم تعد منطقة حدود، وأزهرت كأحد مراكز الحضارة. وقد أعطانا خطيبٌ مفوه هو افيديوس كاسيوس، قاهرُ الفرتيين والمنافس السيئ الحظ لمارك أوريل، الذي انتصر عليه ورفض دخول سيروس التي ساندت خصمه.
وتصبَح سيروس جزءًا من منطقة الفرات التي كانت عاصمتها منبج، ويعلّمنا تيودريطس (رزق الله) القورشي، أسقفها، أن امتداد منطقته 40 ميلاً طولًا ومثلها عرضًا وتضم 800 دير. وقد أصبحت مركزًا هامًا للنساك وذكر العديد منهم في كتابه.
ومما يؤكد انتشار المسيحية المبكر في المدينة إرسالُها أسقفها سيريس Sirice لتمثيلها في مجمع نيقية في العام 325 م، ويُعتقد أن سيروس أصبحت مسيحية على يد سمعان الغيور الذي بنى فيها كنيسة ومات ودفن فيها.
✝️ القديسون والمذابح
لكن هناك أماكن أخرى تدعي وجود رفات الرسول سمعان لديها، كما تعرف المدينة باحتوائها ذخائر القديسين الطبيبين قوزما ودميانوس اللذين رميا في هوة عميقة. وقد تم بناء كنيسة حول قبرهما كان يؤمها الحجاج للتبارك وطلب الشفاء، مما جعل المدينة تُسمى بمدينة القديسين Hagiopolis. كما يُعتقد أنه كان فيها كنيسة أخرى على اسم شهيد محلي يدعى ديونيسيوس، منحها الإمبراطور أناستاز حق حماية من يلجأ إليها. وقد تأثرت المدينة بالخلافات المذهبية، مما جعل الأسقف تيودوريطس المتهم بالنسطورية يغادر مركزه الأسقفي في 449 م إلى دير النقيرة قرب أفاميا.
🏰 التحصينات والفتح العربي
أعاد الإمبراطور جوستنيان تحصين المدينة بعد دمارها على يد كسرى في 450 م. وقد فتح العرب المدينة سلّمًا في 637 م، وكانت تُقِيم فيها حامية عربية مؤلفة من عشرة آلاف رجل أيام الأمويين والعباسيين لأهميتها العسكرية وقربها من الحدود البيزنطية.
وكانت واحدةً من العواصم السبع التي أوجدها هارون الرشيد في آواخر القرن الثامن الميلادي وجعل عاصمتها منبج. ويذكر المؤرخ ميخائيل السرياني أسماء الأساقفة السريان الذين تعاقبوا عليها منذ القرن التاسع حتى الحادي عشر، ولربما بسبب إلغاء كرسي الأسقفية فيها، أو أثر تدمير المدينة الذي يؤكده السائح الزاهد الهروي إذ يقول منذ العام 1173 م:
((قورش مدينة قديمة قرب حلب تمتد حولها العديد من بقايا الآثار وهي خربة حاليًا، ولكن فيها من ذكيات الماضي الشيء الكثير. وفيها قبر ((أوريا بن حنان)). وهذا الوصف ينطبق عليها هذه الأيام.))
في أيام الصليبيين سُمِّيت كوريسه Coricie وكانت تابعة لكونتية اديسا (أورفا)، وقد استردها نور الدين زنكي من الصليبيين في العام 1150 م، ودمرها زلزال في 1157 م.
🏙️ وصف المدينة
تمتد المدينة من سفح التل حتى طرف الوادي الذي يجري في نهر الصابون. وهناك سور من أيام السلوقيين أعيد ترميمه مرات عدة، يحيط بالمدينة من الشمال والجنوب، ويسير في الشرق مع انحناءات الوادي. وفي المدينة قلعة قائمة موقع الأكروبول القديم تمتد مع أطراف التلة البيضوية، وفي جدران سورها أربعة أبراج مربعة وبرجان حول باب السور الجنوبي يطل على المدينة المنخفضة. في أعلى القمة الحصن الرئيس Donjon له أربعة أبراج، ثلاثة منها مربعة والرابع دائري.
يشق وسط المدينة شارع مستقيم متجه جنوب، وقام مسرح في سفح تلة الأكروبول الشرقية قطره 120 م فيه 24 صفًا من المدرجات الحجرية. طول المسرح حوالي 48 م، تم إظهاره في العام 1952 من قبل بعثة المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأدنى، بادرة السيدين فريزول، ويتميّز المدرج بمقاعده الضخمة وأعمدته وتيجانه الكورنتية المزينة، بعض المقاعد فيه حملت أسماء الأشخاص وكأنها محجوزة لهم لمشاهدة مسرحيات ذلك العصر.
وبالاتجاه شمالًا في المدينة وضمن سور ضخم يستند إلى سور المدينة الغربي، قامت باحة واسعة جدًا بداخلها كنيسة قديمة ذات ثلاثة أروقة، ربما كانت تفصل بينها أعمدة، كذلك توجد في شرقي الشارع الرئيس بقايا كنيسة بازليك فيها ركائز قائمة بينما زالت حنيتها.
امتدت قبور البلدة خارج أسوارها شمالًا وجنوبًا، وقام مدفن روماني Mausole سداسي الشكل يعود إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، يدعوه أهالي المنطقة ((قبر النبي هوري)). وذكر الهروى وجود قبر أوريا بن حنان في طول ضلع الشكل السداسي 5,50 م، مبني بأحجار منحوتة ملساء في الأسفل تنتهي في الزوايا الست بأحجار استناد تحمل الإفريز الذي يحيط بكامل البناء، وقد علاه نافذة كبيرة في كل من أوجهه الستة انتهت بقوس في أعلاها، ولها إفريز ثانٍ مزخرف، قام سقف على شكل هرم عالٍ، تجمعت وجوهه المثلثية لتنتهي في قمتها بتاج كورنتي مزخرف بأوراق الأكانت (الخرشوف). وداخل المدفن غرفة صغيرة مقوسة فيها قبر رمزي مؤرخ من العام 703 ه (أيام المماليك) وموشح بحلة خضراء، وهو مكان تكريم من قبل الأهالي.
وبجانب الغرفة ممر ضيق يصعد منه بدرج إلى الطبقة العلوية حيث النوافذ المطلة على جميع الجهات، والأعمدة البديعة في زوايا البناء للطبقة العلوية، وقد تألفت من قطعة واحدة من المرمر. إلى جانب المدفن بُني مسجد صغير وخان وبئر ماء. ويذهب الأهالي إلى جدار حواري قرب المسجد لتعليق حجر صغير عليه عن طريق الاحتكاك، معتقدين أنه إذا لصق الحجر الصغير فهذا يعني أن أمنية صاحبه ستتحقق. كما هناك شجرة رمان قريبة طالما ملأت الأشرطة القماشية الملونة أغصانها طلبًا لتحقيق الأماني.