الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | القامشلي |
الطائفة | سريان أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
⛪ دير وكنيسة القديسة فبرونيا النصيبينية (السورية السريانية)
شُيِدَ الدير على ضريح القديسة الشهيدة بمناسبة مرور 1700 عام على استشهادها على يد الرومان المحتلين، ليكون فيما بعد مكانًا لائقًا لممارسة الشعائر الدينية، ومركزًا مهمًا للثقافة، ومكانًا مريحًا للراحة والاستجمام لأنباء مدينة القامشلي، إضافة إلى دار للعجزة.
🌟 أهمية بناء الدير
أهمية بناء دير متميز على ضريح القديسة الشهيدة فبرونيا النصيبينية السريانية تكمن في أنها روت بدمها الطاهر الأرض، مؤكدًا بذلك أن ذلك يكرس العمق التاريخي للكنيسة السريانية في منطقة الجزيرة، ويوضح المكانة المرموقة لمدينة نصيبين التاريخية (التي تلامسها مدينة القامشلي – نصيبين الجديدة) في قلوب السريان أينما كانوا.
📜 سيرة القديسة فبرونيا السريانية الشهيدة
تبدأ سيرة القديسة فبرونيا الجليلة الذكر منذ أن أخذت من مربيتها وأُدخِلَت دير الراهبات في نصيبين وهي لا زالت في السنة الثانية من عمرها. ولما كانت عمتها (برونة) رئيسة الدير قد بذلت قصارى جهدها في تربيتها على الفضائل المسيحية السامية لكي تحفظها من الضلالة وتنقذها من المعاثر، ولا سيما أنها كانت رائعة الجمال.
ولما كبرت فرضت على نفسها قيودًا نسكية صارمة كتناول الطعام مرة كل يومين، والنوم على سرير خشبي رفيع، وكثيرًا ما كانت ترقد على الأرض العراء في سبيل قمع شهوة جسدها. وحينما تراودها التجارب والهواجس كانت تنهض وتلوذ بالصلاة والقراءة الروحية لكي تتمكن من طرد تلك الأفكار الشريرة.
كما أنها تميزت بحب العلم والمعرفة إلى درجة جعلت الرئيسة والراهبات يتعجبن من سعة معارفها. وعندما كانت النساء العلمانيات يقصدن الدير للاشتراك في الصلاة والقراءة المقدسة التي تتلوها فبرونيا، أمرت الرئيسة بأن تُقرأ لهن وهي وراء الحجاب.
ولكن رغم هذا الإجراء شاع خبرها في المدينة، وأخذ الناس يتحدثون عن علمها وجمالها ووداعتها وتقواها وتصوّفها. وعندما وصل خبر اجتياح الجيش الروماني لمدينة نصيبين لغرض التنكيل بالمسيحيين وجعلهم يقدمون الذبائح للآلهة الوثنية الرومانية، اضطر جميع المسيحيين بما فيهم الإكليروس والراهبات إلى الهروب والاختباء.
ولكن الراهبة الباسلة فبرونيا أصرت على البقاء مع الرئيسة (برونة) ونائبتها (تومايس) للخوض في غمار الجهاد والنضال من أجل اسم يسوع المسيح له المجد، حيث قالت:
“لعمر المسيح الذي خطبت له وقدمت له ذاتي، لن أغادر هذا المكان، وليكن ما شاء الله”.
وبهذا القول برهنت الدرّة النصيبينية ذات العشرين ربيعًا من تجسيد أروع القيم والمثل الجهادية من أجل الرسالة المسيحية، وجاهدت جهاد الإيمان الجميل، وفازت بالحياة الأبدية التي دُعيت إليها واعترفت من أجلها الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين، من رسالة القديس بولس الأولى إلى تيموتاوس / 6 : 12.
وبالفعل شهد ملعب نصيبين الحكم الجائر بحق الراهبة الضعيفة والشابة الجميلة فبرونيا النصيبينية، حيث حُكِمَ عليها بالتعذيب الجسدي، ولامس جسدها الطاهر مختلف أنواع القمع والإرهاب من جلد وحرق وبتر وقطع في معظم أعضاء جسدها الطاهر، وذلك باستخدام النار المحرقة والأمشاط الحديدية والسيف البتار والفأس القاطع. وما عُلِمَتْ لها أو ذنبها سوى أنها مسيحية مسكينة، وهبت نعمة الجمال وفضيلة العفاف.
(وجميع الذين يريدون أن يحيوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهدون، أما الأشرار والمغوون من الناس فيزدادون شراً مضلين ومضلين)، من رسالة القديس بولس الثانية إلى تيموتاوس / 3 : 12-13.
🗣️ أقوال الطوباوية فبرونيا أثناء الاستجواب
هذه بعض الأقوال النيرة والإجابات المضيئة التي تفوهت بها الطوباوية فبرونيا الثائرة أمام الحاكم الجلاد سيلينس القبيح أثناء الاستجواب في وسط الملعب الرياضي في نصيبين، وهي موثوقة اليدين، وفي عنقها طوق حديدي ثقيل، وبحضور جمع غفير من الناس، حيث ترك الكثير منهم ساحة الميدان البطولية التي استشهدت فيها القديسة السريانية فبرونيا المسيحية بسبب شدة التعذيب الجسدي واللاإنساني.
ـ “أيها الحاكم، إن لي في السماء خدراً لم تصنعه أيادي البشر، وعرسًا لا يزول، ومهرًا قوامه ملكوت السماء وعريسًا غير مائت ولا يزول ولا يتغير، ومعه سأتنعم إلى الأبد. فلا تجهد نفسك أيها الحاكم، إذ لن تحصل مني على شيء لا بالوعد ولا بالوعيد”.
ـ “اسمع أيها الحاكم، فلو أنك عريتني تمامًا من ثيابي لما حسبت هذا هوانًا. لأن صانع الذكور والإناث واحد، وإني لست تائقة إلى التعري من الثياب حسب، بل أنا متهيئة أيضًا لعذاب النار والسيف إن كنت أهلاً لأتألم في سبيل ذاك الذي تألم من أجلي”.
ـ “اسمع أيها الحاكم، يعلم الله سيدي أني لم أر وجه رجل حتى الآن، ولأني وقعت بين يديك دعيت وقحة بلا حياء! ولكن قل لي أيها الحاكم الجاهل وعديم الإحساس، هل من مجاهد ينزل إلى حلبة الألعاب الأولمبية وهو متوشح بثيابه؟ ألا يقف عارياً في الجهاد إلى أن يتغلب على منافسه؟ أما أنا فأنتظر العذابات والنار، فأنى لي أن أصارع وأنا لابسة ثيابي؟ أما ينبغي لي أن أُجابه العذاب وأنا عارية إلى أن أنتصر على الشرير أبيك وأحتقر عذاباتك وتهديداتك؟”.
ـ “لقد علمت من الخبرة الأولى أني لا أُغلب، وإني أحتقر عذاباتك!”.
ـ “قبحك الله أيها الشيخ اللعين الشرير، لأنك تصدني عن الذهاب إلى عريسي، فأسرع واخرجني من هذا الجسد، فها إن حبيبي ينتظرني”.
وأخيرًا رفعت الطوباوية فبرونيا الباسلة صوتها إلى السماء وصرخت بألم عظيم وقالت:
“أيها الرب إلهي، انظر إلى ما أنا فيه من الشدة والظلم، وأقبل نفسي”. ثم سكتت وانتقلت روحها إلى السماء.
🔥 انتصار الدم الطاهر
وفي النهاية، إن الدم الذكي والطاهر المراق على تراب ملعب نصيبين لم يذهب هراءً، فقد صرخ إلى ربه في الحال وانتقم من القاتل الجاحد كالثور الهائج الذي ينطح عمودًا فيسقط ميتًا، وهكذا مات سيلينس اللعين، وإلى جهنم وبئس المصير.
فقال لوسيماكس (ابن أخ سيلينس) عندما وجد عمه الحاكم جثة هامدة:
“ما أعظم إله المسيحيين! فقد انتقم الله لدم فبرونيا الذي سفك ظلماً”.
كما دعا فريمس (قائد الجيش الروماني) وقال له:
“ياسيدي فريمس، إني أكفر بجميع عادات آبائي وبارثهم وأموالهم، وأنضم إلى المسيح”.
كما قال فريمس:
“وأنا أيضًا ياسيدي، ألعن ديوقلتيانس (إمبراطور الرومان) ومملكته، وأكفر بارث آبائي وأنضم إلى المسيح”.
وهكذا انتصرت الجوهرة السريانية الباسلة على التنين الروماني الظالم، فكان استشهادها سببًا في إيمان الكثير من الوثنيين.