الدولة | مصر |
---|---|
المحافظة – المدينة | القاهرة |
الطائفة | أقباط أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🌟 ظهور السيدة العذراء مريم في الزيتون
ظهرت السيدة العذراء مريم فوق كنيستها بالزيتون بشكل وصورة لم يسبق لهما مثيل، وشاهدها الملايين على مدى ثلاث سنوات متواصلة، وتم تصويرها فوتوغرافيًا وظهرت على شاشة التلفزيون. وهذا لم يحدث، وبهذه الكيفية، سوى مرة واحدة في التاريخ.
في حدث جليل شهد له رئيس الجمهورية وقيادات الدولة ووسائل الإعلام القومية وقتها، ولم يستطع أي من هؤلاء إنكار هذه المعجزة العظيمة، في الوقت الذي أعلن فيه التقرير الرسمي للكنيسة القبطية وبالتحديد في 4 مايو 1968، حيث تم إعلان نبأ التجلي، وقال البيان: إن مصر قديمًا استقبلت العائلة المقدسة الهاربة من بطش هيرودس، فظلت العذراء تبارك شعب مصر…
⛪ بناء الكنيسة
تقع الكنيسة في شارع طومان باي الشهير بالزيتون، وقام ببناءها توفيق بك خليل إبراهيم بإشراف المهندس الإيطالي ليمون جيللي على شكل مصغر من كنيسة “أجيا صوفيا” الشهيرة بمدينة إسطنبول بتركيا، وذلك بعد رؤيا أعلنت فيها القديسة العذراء مريم أنها ستظهر في كنيستها. وقد تم الانتهاء من بناء الكنيسة في عام 1924، وتم تدشينها وتكريسها للصلاة في يوم الأحد الموافق 29 يونيو 1925 برئاسة القديس الأنبا أثناسيوس، أسقف بني سويف المتنيح. وتزينت الكنيسة من الداخل بنقوش رائعة للقديسة العذراء وأيقونات متعددة رسمها فنانون إيطاليون حضروا خصيصًا لهذا الغرض، وظلت الكنيسة حتى الآن في هذا الحي الهادئ، والذي كان قديمًا على أطراف منطقة القاهرة.
🌅 الحدث الأشهر
في الثامنة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 2 أبريل عام 1968م الموافق 24 برمهات 1684ش، بدأت سيدتنا كلنا وفخر جنسنا القديسة العذراء مريم تتجلى في مناظر روحية نورانية على قباب كنيستها بالزيتون، وكان أول من رأها ضابط طيار وسائق من عمال جراج هيئة النقل العام، الذي كان مواجهاً للكنيسة، ورأوا فتاة ترتدي ملابس بيضاء جاثية فوق القبة الكبرى وهي شديدة الانحدار، وظن بعضهم أنها فتاة تحاول الانتحار.
فصرخوا يحذرونها، غير أنها وقفت بثوبها الأبيض المضيء، وهي تمسك في يدها ما يشبه غصن الزيتون، وبدأت تتحرك، والنور يشع من جسمها إلى جميع الجهات المحيطة بها. حينئذ تيقنوا أنها ليست فتاة عادية، ولكنها العذراء مريم، وعلا صوتهم: “هي العذراء، هي أم النور”. وقد رأها قرّابى الكنيسة وأسرته التي كانت تحرس الكنيسة وتقيم بحجرة عند بوابة الكنيسة الخارجية، فتسمرت أقدامهم وفتحوا أفواههم، وأصيبوا بالدهشة من هول المنظر، وإذا بالفتاة التي رآوها تسير على سطح الكنيسة بالقرب من حافتها، فتصور فاروق محمد عطوة من وضوح التجلي أنها فتاة تريد الانتحار بإلقاء نفسها من فوق سطح الكنيسة، فأشار إليها بأصبعه المربوط وصاح بأعلى صوته: “حاسبي يا ست.. حاسبي يا ست.. حاسبي لحسن تقعي”.
وعندما تكرر المنظر أبلغ البعض الشرطة (بوليس النجدة)، فوصل رجالها على الفور، ولم يدروا ماذا يفعلون، وفجأة ظهر سرب من الحمام يطير فوق رأسها، وعلى الفور ذاع نبأ هذه الفتاة، فعرف المسيحيون أنها ظهور للعذراء مريم، فتجمع العشرات، فالمئات، في غضون دقائق معدودة، وكانت مريم العذراء واقفة وليست مواجهة للناس، فاستدارت في وقفتها وبدأت ملامحها تزداد وضوحًا، ورأى الناس غصن الزيتون تمسكه في يدها، ثم ظهر سرب حمام فوق رأسها، وأدرك الكل أن هذا ظهورًا للسيدة العذراء مريم، فصاحوا وهللوا ورنم المسيحيون: “العدرا مريم.. العدرا مريم.. شوفوا الست العدرا أم النور”، وأنقلب المكان إلى مجموعات تصلي وأخرى ترنم.
🕊️ معجزات التجلي
وقال الأب الوقور القمص قسطنطين موسى، كاهن الكنيسة آنذاك: “رأيتها بالقبة الشرقية البحرية من الداخل في صورة نصفية بلون برتقالي، ثم شاهدتها في ليال متوالية بالقبة المذكورة وبين القباب على السطح، وبالحجم الطبيعي، متحركة ومنحنية، تبارك الشعب الذي كانت تجمعاته تقدر بعشرات الألوف”. وقد رافق تجلي القديسة العذراء مريم معجزات شفاء وحل مشكلات وتغيير حياة كثيرين؛ كان الأشخاص المدهشون من الظهورات يركعون على الأرض، يصلّون مسبحة الوردية، يرتلون التراتيل المسيحية. وقد أنشد المسلمون: “مريم، الله اصطفاك… لقد اصطفاك فوق كل النساء” من القرآن. بعض الأشخاص لم يروا شيئًا، كثيرون غيرهم شاهدوا كل شيء، مأخوذين بتألقها ساعة بعد أخرى، يشاهدون ويصلّون، يذهبون إلى منازلهم للراحة، ثم يعودون ليجدوا أنها ما تزال هناك تحرسهم وتصلّي لأجلهم.
🏛️ موقف الدولة والرئيس عبد الناصر
في هذا الوقت خشت الحكومة أن يكون في الأمر خدعة، فسلطوا أضواء كاشفة على الكنيسة، فازدادت هيئة العذراء نورانية، وقامت الهيئة العامة للكهرباء بقطع الكهرباء عن منطقة الزيتون التي بها الكنيسة وما حولها، وقامت الشرطة بفحص المنطقة المحيطة فحصًا دقيقًا في دائرة قطرها 24 كيلومترًا، وهدفهم الكشف عن أي نوع من أنواع الحيل الخداعية التي ربما تكون مصدر هذه الأضواء الغريبة والإشعاعات. وكانت النتيجة أن السلطات عجزت عن تفسير هذه الظاهرة الغريبة، وظلت العذراء تظهر ببهاء عجيب، ظهورات متكررة تصل إلى عدة ساعات في الليلة الواحدة.
ويقرر الرئيس جمال عبد الناصر الحضور شخصيًا لمشاهدة هذا الظهور الغريب، وكان بصحبة حسين الشافعي سكرتير المجلس الإسلامي الأعلى، وجلسا في شرفة منزل أحمد زيدان، كبير تجار الفاكهة، والذي كان منزله مواجهًا لكنيسة السيدة العذراء بالزيتون، وليلتها ظهرت السيدة العذراء أم النور ظهورًا فريدًا في الخامسة صباحًا، ورآها كل الحضور. وتولت الحكومة تنظيم الحضور حول الكنيسة، وجمع مبالغ نقدية، وأعطت الحكومة الجراش المقابل للكنيسة، وبنيت فيه الكاتدرائية الكبيرة الموجودة حاليًا أمام الكنيسة، والمعروفة باسم القديسة العذراء مريم.
📝 لجنة كنسية للتحقيق
شكل قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس السادس لجنة من الأساقفة لتقصي وقائع الظهور والمعجزات التي صاحبتها، لإعطائه تقريرًا عن هذا الحدث الفريد في نوعه، الذي شاهده الملايين من شعب مصر، مسلمين ومسيحيين. وفي يوم السبت الموافق 4 مايو 1968 م بعد الظهر، أذيع التقرير الرسمي للكنيسة القبطية، حيث دعا إلى مؤتمر صحفي وأعلن النبأ على مصر كلها، أن مصر قديمًا استقبلت العائلة المقدسة الهاربة من بطش هيرودس، فظلت العذراء تبارك شعب مصر.
وقد أجاب العلامة المتنيح الأنبا غريغوريوس، أسقف الدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي، رئيس اللجنة على أسئلة الصحفيين، ومن أقواله: “لعل هذا الظهور بشير خير وعلامة من السماء على أن الرب معنا، وأنه سيكون في نصرتنا، ولن يتركنا، فنحن نسمع منذ يونيه الماضي أن الله تخلى عنا” (يقصد نيافته الحديث عن نكسة 1967م وكانت هناك ظروف عصبية تعيشها مصر كلها خاصة المسيحيين). وأُقِرّت الظهورات أيضًا من قبل البطريرك الكاثوليكي المحلي، الكاردينال استفانوس الأول، والذي صرّح بأن ظهورات العذراء مريم في الزيتون بعيدة عن أي شكوك، وقد شاهدها العديد من أبنائه الأقباط الكاثوليك الموثوق بهم.
كما أعلن الأب هنري عيروت، مدير كلية العائلة المقدسة الكاثوليكية (الرهبنة اليسوعية)، قبوله للظهورات العجائبية للعذراء مريم، قائلًا: “سواء كنا كاثوليك أو أرثوذكس، فنحن جميعًا أولادها، وهي تحبنا جميعًا بالتساوي، وظهوراتها في كنيسة الزيتون للأقباط الأرثوذكس أكدت هذه الفكرة”.
وأكد القس الدكتور إبراهيم سيد، رئيس جميع الكهنة الإنجيليين في مصر، أن هذه الظهورات كانت حقيقية. كذلك شهدت الظهورات راهبات من جمعية القلب الأقدس، وأرسلوا تقريرًا مفصلًا إلى الفاتيكان، وفي مساء يوم الأحد 28 نيسان/أبريل عام 1968، وصل مندوب من الفاتيكان، شاهد الظهورات وأرسل تقريرًا إلى قداسة البابا بولس السادس، بابا الفاتيكان.
📝 نص البيان الباباوي
وهذا هو نص البيان الباباوي الذي أُذيعَ نيافة الأنبا أثناسيوس، أسقف بني سويف والبهنسا، بالمقر الباباوي بالأزبكية، في يوم 4 من مايو 1968م:
“منذ مساء يوم الثلاثاء الثاني من أبريل 1968م الموافق 24 برمهات 1684ش، توالى ظهور السيدة العذراء أم النور في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي باسمها بشارع طومان باي بحي الزيتون بالقاهرة، وكان هذا الظهور في ليال مختلفة كثيرة لم تنته بعد، بأشكال مختلفة بالجسم الكامل وأحيانًا بنصفه العلوي، يحيط بها هالة من النور المتلألئ، وذلك تارة من فتحات القباب، وكانت تتحرك وتمشي فوقها وتنحني أمام الصليب العلوي، فيضيء بنور باهر، وتواجه المشاهدين وتباركهم بيدها وإيماءات رأسها المقدسة، كما ظهرت أحيانًا بشكل جسم كما من سحاب ناصع أو بشكل نور يسبقَه انطلاق أشكال روحانية كالحمام شديد السرعة، وكان الظهور يستمر لفترة زمنية طويلة وصلت أحيانًا إلى ساعتين وربع ساعة، كما في فجر الثلاثاء 30 أبريل 1968م الموافق 22 برمودة 1684ش، حين استمر شكلها المتلألئ من الساعة الثانية والدقيقة الخامسة والأربعين إلى الساعة الخامسة صباحًا.
وشاهد هذا الظهور آلاف عديدة من المواطنين من مختلف الأديان والمذاهب ومن الأجانب، ومن طوائف رجال الدين والعلم وسائر الفئات الذين قرروا بكل يقين رؤيتهم لها، وكانت الأعداد الغفيرة من الناس تتفق في وصف المنظر الواحد بشكله وموقعة وزمانه، بشهادات إجماعية تجعل ظهور السيدة العذراء أم النور في هذه المنطقة ظهورًا متميزًا في طابعه، مرتقيًا في مستواه عن الحاجة إلى بيان أو تأكيد.
وصحب هذا الظهور أمران هامان:
الأول: انتعاش روح الإيمان بالرب والعالم الآخر والقديسين، وإشراق نور المعرفة الرب على كثيرين كانوا بعيدين عنه، مما أدى إلى توبة العديدين وتغيير حياتهم.
الثاني: حدوث آيات باهرة من الشفاء المعجزي لكثيرين، ثبت علميًا وبالشهادات الجماعية.
وقد قام المقر الباباوي بجمع المعلومات عن كل ما سبق بواسطة أفراد ولجان من رجال الكهنوت الذين تقصّوا الحقائق وعاينوا بأنفسهم هذا الظهور، وأثبتوا ذلك في تقاريرهم التي رفعوها إلى قداسة البابا كيرلس السادس والمقر الباباوي. إذ يُصدر هذا البيان، يُقرَّر بملء الإيمان، وعظيم الفرح، وبالشكر الإنسحاقي أمام العزة الإلهية، أن السيدة العذراء أم النور قد والَت ظهورها بأشكال واضحة ثابتة في ليال كثيرة مختلفة لفترات متفاوتة، وصلت في بعضها لأكثر من ساعتين دون انقطاع، وذلك ابتداءً من مساء الثلاثاء 2 أبريل 1968م الموافق 24 برمهات 1684ش حتى الآن بكنيسة السيدة العذراء القبطية الأرثوذكسية بشارع طومان باي بحي الزيتون في طريق المطرية بالقاهرة، وهو الطريق الثابت تاريخيًا أن العائلة المقدسة قد اجتازته في تنقلاتها خلال إقامتها في مصر.