الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | طرطوس |
الطائفة | روم أرثوذكس |
الموقع على الخريطة |
⛪ تاريخ كاتدرائية طرطوس
إن تاريخُ كاتدرائيةِ طرطوس يشكّلُ جزءًا هامًا من تاريخِ المدينة الذي يُعتَبَرُ حتى الآن غير مكتملٍ بسبب المراجع والوثائق المتعلقة به. لقد دخلت المسيحيةُ باكرًا إلى مدينةِ طرطوس واعتنقَ شعبُها الدينَ الجديد، وقاموا بتحطيم أصنامهم وألقوها في البحر، وقد زارها القديسان بطرس ولوقا حيث أقامَ القديسُ بطرس الذبيحةَ الإلهيةَ في الموقع وقداسًا احتفاليًا، وكرّسَ المكان باسمِ السيدةِ العذراء، وأقامَ القديسُ لوقا برسم أيقونةِ السيدة العذراء في المذبح.
وتذكر بعضُ الروايات أنّ السيدة العذراء والقديس بولس شاركا في بناء كنيسةٍ صغيرةٍ في هذا المكان، واعتُبرت كنيسةُ طرطوس أقدمَ كنيسةٍ في العالم كرّست باسمِ السيدة العذراء.
📜 الأحداث التاريخية الأولى
وفي عام 387م ضربَ مدينةَ طرطوس زلزالٌ مدمر، فهُدمت الكنيسةُ وكلّ ما حولها، ولكن المذبح والأيقونة بقيا سالمين، وقد اعتُبر هذا الحادثُ عجائبيًّا، وبدأ الناس يتوافدون على المكان لقدسيته، وخاصةً أنّه يُحوي مذبحَ القديس بطرس وأيقونةَ السيدة العذراء.
لقد كانت الفترةُ الصليبيةُ هي الفترة الأكثر تدوينًا للمدينة والكاتدرائية، فبعد احتلال الصليبيين النهائي للمدينة في عام 1102م، بدأوا بتحصين المدينة والاهتمام بها، وقد ذكر بعض الشهود أنّ الكنيسةَ القديمة كانت بسيطةً وصغيرةً حتى العام 1220م، وبعد ذلك تمّ بناء القسم الأجمل والأكبر منها، وقد أُلحقَت الكنيسةُ الصغيرة بالكاتدرائية بعد بنائها. ويذكر “كاميل أنلارت” أنّه بُدئَ ببناء الكاتدرائية في عام 1130م.
ومن خلال طرازِ البناء للكنيسة القديمة يمكن الافتراض أنّ هذه الكاتدرائية كانت غير مكتملةٍ حتى العام 1150م.
📜 الزيارات والمعالم
وفي العام 1154م زارَ مدينةَ طرطوس الجغرافي العربي الإدريسي، الذي أشار إلى وجود كاتدرائية عظيمة تشبه القلعة حسب مقاييس ذلك الزمان، وأنها كانت محط تبجيلٍ وتقديسٍ لجميع الطوائف، كما أنّ طرازها المعماري هو الذي أضفى عليها هذا المظهر المميز.
ضربَ الكاتدرائية زلزالٌ مرةً ثانية أثناء بنائها في عام 1177م، وفي عام 1188م هدم صلاح الدين الأيوبي الأبراج أثناء احتلاله المدينة، وبعد ذلك أُعيدَ ترميمها. أثناء الوجود الصليبي في مدينة طرطوس، وفي فترة سيطرة فرسان الهيكل على المدينة، قاموا بتقسيم المدينة إلى قسمين:
🏰 القسم الأول: المدينة الأسقفية
وهي المدينة التي يعيش فيها الناس ويُمارسون حياتهم اليومية، ويحيط بها السور الأول للمدينة، والذي يمتد من الباب الشمالي للمدينة ويتجه شرقًا حتى المجمع الحكومي، ثم ينحرف جنوبًا حتى يصل إلى ساحة المشبكة، ثم ينحرف غربًا حتى يصل إلى البحر عند برج الطاحون. وكان يحيط بهذا السور خندقٌ عميقٌ وعريضٌ، اختفى آخرُ قسمٍ من السور منذ 30 عامًا.
وكانت الكاتدرائية مركزَ المدينة الأسقفية، وقد سُمِّي أولُ أسقفٍ لها “راؤول” في 17/شباط/1130م.
🏰 القسم الثاني: القلعة أو حصن الهيكليين
وهي الموقع الذي يُسمّى اليوم المدينة القديمة، التي كانت محاطةً بسورٍ مزدوج وخنادقٍ تملأ بالمياه، وكان يعيش في هذا الحصن الفرسانُ الهيكليون، فقد كان حصنهم المنيع والدرع الذي يقيهم من الهجمات لاسترداد المدينة.
وبعد بناء هذه الأسوار والتحصينات حول المدينة وقلعتها، ازداد هذا الموقع سيادةً، وبدأ يتوافد إليه الحجاجُ المسيحيون من كل أنحاء العالم، وأصبحت هذه الكنيسة من أهم الكنائس في الشرق.
📜 أحداث لاحقة ومعجزات
كان منتصفُ القرن الثالث عشر ذروةَ اكتمال بناء الكاتدرائية، ويجب أن نشير هنا إلى أنّه في العام 1204م زار المدينة كونراد أسقف مدينة هالبرشتات، وكان يعاني من مرضٍ عضال أصيب به، وبعد زيارته الكاتدرائية شُفي من هذا المرض بشكلٍ عجائبي.
واجهت الكاتدرائية خطرًا كبيرًا بعد النصر الكبير الذي حقّقه الظاهر بيبرس على الصليبيين بعد انتصاره على المغول في معركة عين جالوت عام 1263م.
انطوى هذا الخطر على هدم الصرح الديني المسيحي في الشرق بطريقةٍ استراتيجية، ومنها كاتدرائية طرطوس، غير أنّ البابا كليمانث الرابع أدان هذه الأعمال التي تتضمن هدم هذه النفائس، وقام بإصلاح ما تهدّم وقرّر تحصين هذه الكاتدرائية لتتم حمايتها بشكلٍ جيد.
🏛 التحول إلى متحف
تحوّلت هذه الكاتدرائية إلى متحفٍ، وتحول اسمها من كاتدرائية طرطوس إلى متحف طرطوس، وإنّ هذه الكاتدرائية وآثارها ما زالت حتى يومنا هذا صامدة، وتحوي بداخلها الآثارَ المسيحية، مثل: أيقونة من الفسيفساء، الهيكل وفيه المذبح، جرن المعمودية، وبعض الحجارة التي نُقِشَ عليها باللغة اليونانية.