الولادة: 1861
الوفاة: 1925
👶 النشأة والتعليم
وُلد يوسف بن نقولا قاضي في دمشق في 18 كانون الثاني 1861 بعد استشهاد والده في أحداث 1860. ربّته والدته سوسنّة غنّاجة ثم عمّه جرجي قاضي. تلقى علومه الأولى عند الآباء اللعازريين، ثم تابع دراسته في مدرسة عين تراز الإكليريكية، ومعاهد سان سلبيس في فرنسا (إيسي وباريس)، حيث درس الفلسفة واللاهوت (1883-1888)، بعد أن أتقن العلوم الأدبية واللغوية لدى الآباء اليسوعيين.
✝️ الرسامة والخدمة التعليمية
رُسم شماسًا إنجيليًا على يد الكاردينال ريشار في باريس، ثم كاهنًا عام 1888 بوضع يد البطريرك بطرس الجريجيري. عُيّن مديرًا للمدرسة البطريركية في دمشق (1889-1892) ثم في بيروت (1892-1895)، حيث أحيا التعليم وأسس نهوضًا في المدارس الليلية.
⛪ المهام الكنسية
شغل منصب النائب البطريركي في القدس (1895-1898)، ثم في باريس (1898-1903). شارك خلال إقامته هناك في اللجنة المكلّفة بالإعداد لمجمع ملكي عام، وأسهم في صياغة مشروعه بالعربية والفرنسية، مدافعًا عن استقلالية الكنيسة الملكية في مواجهة محاولات الهيمنة.
📜 المجمع الملكي 1909
عند انتخاب كيرلس جحا بطريركًا، حاول التهرب من عقد المجمع، لكنه اضطر لاحقًا إلى الدعوة إليه. انعقد في عين تراز بين 30 أيار و8 تموز 1909، ورفعت نصوصه إلى روما حيث بقيت دون تنفيذ، وطُوي الموضوع.
📜 انتخابه أسقفًا على حلب
بعد انتقال المطران كيرلس جحا إلى البطريركية سنة 1902، بقي كرسي حلب شاغرًا 16 شهرًا، ثم انتُخب الخوري يوسف قاضي مطرانًا في 27 تشرين الأول 1903 بأغلبية 99 صوتًا من أصل 106. سيّمه البطريرك كيرلس الثامن جحا في الإسكندرية في 29 تشرين الثاني 1903 باسم ديمتريوس، ودخل حلب في كانون الأول رافعًا شعار: الوداعة والقوة.
🐑 الراعي الصالح
أحصى المطران الجديد رعيته بدقة، فبلغ عدد الكاثوليك الروم في حلب سنة 1904 نحو عشرة آلاف، ضمن مجتمع متنوع سكانيًا. تميّز بخدمة رعوية نشيطة: سام كهنة، نظّم المدرسة الأسقفية، كتب رسائل دورية رعوية بمناسبة الفصح، أصلح العادات الاجتماعية خاصة في الحداد والزواج، وقلّص الأعياد والأصوام لتخفيف الأعباء.
🏫 النهضة التعليمية والرعوية
طوّر مدرسة القديس نقولاوس الكبرى حتى بلغ طلابها 176 سنة 1906، إلى جانب مدارس للصبيان (321 طالبًا) والبنات (80 طالبة). أنشأ مدارس ليلية للتعليم المسيحي، واهتم بتربية الأحداث. كما قام برحلات إلى روما وفرنسا لخدمة أبرشيته.
✨ شخصيته
كان سخي النكتة، سريع الخاطر، عميق الروحانية، ومرنًا في التأقلم بين أجواء باريس وحلب. جمع بين الصرامة الرعوية والانفتاح، فنال محبة الحلبّيين وإعجاب زواره من الداخل والخارج.
⚔️ في خضّمّ الحرب العالمّيّة الأولى
في خضمّ الحرب العالمية الأولى أظهر المطران ديمتريوس قاضي حكمة وشجاعة استثنائية. فقد تجنّب أي صدام مع الأتراك، محافظًا على الصمت السياسي، لكنه فتح قلبه وبيته وصندوقه للمنفيين والبؤساء، يساعدهم بسخاء، ويستشفع لهم لدى جمال باشا والسلطات، حتى إنه أعطى أحيانًا كل ما يملك. احتضن الكهنة والأرمن الهاربين من الملاحقة، وفرّ لهم الحماية والكسوة. كما دعم جمعية الرحمة، رغم التضييق، وواجه استيلاء الأتراك على الكنائس بتحويل قاعة المطرانية إلى معبد يضج بالمصلّين.
وبعد وفاة البطريرك كيرلس جحا عام 1916، عُيّن المطران قاضي نائبًا رسوليًا وقائمقامًا بطريركيًا، فانتقل إلى دمشق. عاش أربع سنوات من القلق الدائم، تحت رقابة جمال باشا وضغوط الحكومة العثمانية التي حاولت فرض انتخاب بطريرك جديد. غير أن سقوط الحكم العثماني ودخول الحلفاء دمشق أزال المخاوف، فاجتمع الأساقفة في دير المخلّص عام 1919 وانتخبوه بطريركًا باسم ديمتريوس، محافظًا على شعاره: الوداعة والقوة.
⛪ بطريرك الطائفة (١٩١٩- ١٩٢٥)
بقي البطريرك ديمتريوس قاضي على رأس الطائفة بين عامي 1919 و1925، وركّز جهوده أولًا على إعادة تنظيم الأبرشيات بتنصيب أساقفة جدد بعد الفراغ الذي خلّفته الحرب العالمية الأولى. كما أسس سنة 1921 فرعًا شرقيًا لراهبات المحبة (بزنسون)، حافظ على الطقس الشرقي وخضع لإشراف البطريرك، فأنشأن مدارس في القاهرة والإسكندرية ودمشق. وفي 1924 شكّل لجنة لإعداد نظام عام للطائفة، وسعى إلى تثبيت عقارات الوقف بأسماء معنوية كنسية بدل الأفراد، مع إعفائها من رسوم الانتقال. لكن اندلاع الثورة السورية أرهقه نفسيًا، فأدركته الوفاة فجأة في دمشق صباح الأحد 25 تشرين الأول 1925.
نقلاً عن كتاب “أساقفة الروم الملكيين بحلب في العصر الحديث”، مع بعض التصرف.