الدولة | مصر |
---|---|
المحافظة – المدينة | بني سويف |
الطائفة | أقباط أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🏰 دير مارجرجس بسدمنت الجبل
يقع دير مارجرجس بحري سَكَنْ ناحية سدمنت الجبل بمركز إهناسيا المدينة، على مسافة نحو أربعمائةِ مترٍ إلى جوار كوم سدمنت الجبل، وعلى الجانب الغربي لترعة بحر يوسف “المُسَمَّاةِ قديمًا بحر الفيوم وبحر المنهى”، وشمالي مدينة إهناسيا نحو سبعةِ كيلومترات، وغرب مدينة بني سويف بحوالي ثلاثةٍ وعشرين كيلومترًا تقريبًا.
وكلمة “سدمنت” مصرية قديمة مركبة من “صا-أمنت” أي “الغرب”، ولذلك نجد كلماتٍ كثيرةً في بلادٍ من محافظة بني سويف مثل: أشمنت، وتزمنت، وهِربشِنت، والفنت.
والدير جغرافيًّا يُنسَب إلى ناحية سدمنت الجبل، ويقال له دير سدمنت، وهذه الناحية قديمًا كانت من توابع كورة “عَمَل” الفيوم، ثم أُضيفَت بعد ذلك إلى الأعمال البهنساوية، ومن عندها يبدأ درب سدمنت الجبل، وهو طريقٌ صحراويٌّ يربط بين ناحية سدمنت وناحية قلمشاة بمركز أطسا بمحافظة الفيوم.
🕰️ لمحة تاريخية
من الناحية التاريخية يدخل الدير ضمن أديرة إقليم الفيوم، وكان تابعًا قبلًا لإيبارشية الفيوم، وبعد التقسيم الإداري الحديث الذي جرى في القرن التاسع عشر الميلادي، وبموجبه نشأت محافظة بني سويف الحالية، أصبحت منطقة سدمنت وما حولها من النواحي داخل حدود هذه المحافظة إلى هذا اليوم.
وفي عام 1881م تنيَّح الأنبا أيساك، الذي كان لمدة نحو خمسين عامًا أسقفًا لإيبارشيةٍ واسعةٍ تشمل البهنسا والفيوم والجيزة وأطفيح، وفي ذلك العام أيضًا فُصِلَت بني سويف والبهنسا عن الفيوم وصار لها أسقف خاص بها لأول مرة منذ زمن بعيد، فتبع دير سدمنت إداريًّا الإيبارشية الجديدة ببني سويف إلى اليوم، وفيه دُفِنَ آباؤها الأساقفة والمطارنة الراحلون.
وعُرِفَ الدير باسم “مارجرجس” أو “أبو جورج” في كل المصادر القديمة التي كُتِبَت عنه.
⛪ تاريخ وعُمق الدير
المعروف لدينا الآن مما وَقَفْنَا عليه من المصادر التاريخية المختلفة أن الدير يرجع تاريخه إلى القرن السادس الميلادي، وأنه كان ديرًا عامرًا بالرهبان المجتهدين الدارسين المتمكنين في علمهم وفهمهم للتراث الكنسي، ولما توقف الرهبان عن سكناه أُقِيمَ به كهنةٌ متزوجون.
والدير يقع على الحدود بين محافظتي بني سويف والفيوم، وهو متسعٌ لاستقبال الكثيرين لكبر مساحته ومبانيه، إذ يقع على مساحة تُقَدَّر بنحو اثني عشر فدانًا، وتوجد به كنيسةٌ قديمةٌ أُدخِلَت عليها بعض الترميمات والتجديدات.
🌅 موقع الدير ومظهره الطبيعي
للدير موقعٌ ممتاز، فهو يطل على المياه الزرقاء الجميلة وبحر يوسف المتسع، ووراء البحر من الناحية الشرقية رقعةٌ زراعيةٌ خضراء تمتد على طول البحر، ومن الناحية الغربية تمتد صحراء شاسعة كلها رمالٌ منبسطةٌ تُريح النفس وتجعل الروح تُحلِّق في جوٍّ صافٍ جميلٍ يساعد على التأمل الروحي الهادئ وتجديد نشاط الإنسان.
وبجوار الدير من الناحية البحرية مدافن الأقباط، والناظر إليها يتذكّر الموت والحياة الأخرى فيتخشّع ويهتم بتوبته وحياته الروحية والأبدية.
🚍 زيارات الدير ومواسمه
يفِدُ إلى الدير أفواجٌ من الرحلات من كل المحافظات، كما أن للدير مواسم يأتي فيها الزوار من محافظتي الفيوم وبني سويف، ويقضون به أيامًا لنوال البركة.
فمثلًا يأتون في أسبوع الآلام، وكذلك في ما قبل عيد الصعود، وعيد مارجرجس شفيع المكان في أيام مايو من كل عام.
وكان بسدمنت رهبانٌ على درجةٍ عاليةٍ من العلم والمعرفة، وإليهم يُنسَب ترتيب المزامير وصلوات السواعي، كما يُنسَب إليهم أيضًا ترتيب كتب القراءات المعروفة بالقطمارس السنوي وكتب البصخة، وسجّلوا مخطوطات القداس الغريغوري والقداس الكيرلسي قِبْطِيًّا باللغة البحيرية وترجموها إلى العربية.
وكان عددهم لا يقل عن ألفٍ وثلاثمائةِ راهبٍ ضمن عشرةِ آلافِ راهبٍ كانوا يقطنون تلك المنطقة على هيئة مجموعات، ومن المجموعة التي كانت تُقيم بسدمنت الجبل القس بطرس السدمنتي.
وظل الدير عامرًا بالرهبان حتى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، وقد صمد هؤلاء الآباء الرهبان بما لهم من قوة إيمانٍ وغزارة علمٍ أمام اضطهادات الملكانيين بقيادة المقوقس، وصمدوا أمام غزوتين عنيفتين كان لهما أثرٌ كبيرٌ على تخريب الأديرة، وهذا أحد الأماكن التي ما زالت قائمةً منذ ما يقرب من ألفٍ وأربعمائةِ سنة، وتؤكد كتب التاريخ أن الدير ظل عامرًا فترةً طويلةً من الزمن.
🕍 كنيسة مارجرجس بالدير
هي كنيسةٌ قديمةٌ شاهدةٌ على قِدَم المكان، مع ما أُدخِلَ عليها من تجديداتٍ وترميماتٍ في عصورٍ مختلفة، منها في عهد نيافة الحبر الجليل الأنبا أثناسيوس المتنيِّح.
ويصفها الراهب صموئيل السرياني (نيافة الأنبا صموئيل حاليًّا)، فيقول:
“دير مارجرجس بسدمنت الجبل الذي يتوسط المدافن على بحر يوسف قرب مدينة إهناسيا المشهورة بآثارها من مختلف العصور.
الكنيسة لها ثلاثة هياكل دائرية الحنية، الهيكل الأوسط أعرض من الهيكلين الجانبيين اللذين هما أعمق من نصف دائرة.
منطقة الخورس أمام الهيكل مغطاةٌ بقبةٍ في المنتصف محمولةٍ على كوابيل وحنياتٍ ركنيةٍ وأنصاف قبابٍ شمالها وجنوبها.
الخورس مفصولٌ عن صحن الكنيسة بواسطة حائطٍ سميكٍ به فتحةٌ كبيرةٌ في المنتصف وفتحتان جانبيتان، الفتحة القبلية مغلقةٌ حاليًّا، أما الصحن فمغطى بقبتين متساويتين محمولتين على كوابيل وحنياتٍ ركنيةٍ أيضًا ومركَّبتين على دعاماتٍ مستطيلةٍ وعمودين صغيرين ملتصقين في منتصف المسافة بين الدعامات.
أُضيفَ في زمنٍ لاحق الجناح الجنوبي إضافةً صغيرةً لتوسيع الصحن، وإضافةٌ كبيرةٌ حديثةٌ في الشمال تنتهي بالمعمودية في النهاية الشرقية بجوار الهياكل.
المدخلان الحاليان للكنيسة يقعان في الحائط الغربي، وبها ثلاثة هياكل: الأوسط باسم مارجرجس، والبحري باسم السيدة العذراء، والقبلي باسم الملاك ميخائيل.”
وقد أُصِيبَت الكنيسة بحشرة النمل الأبيض التي أَتَت على جميع الأخشاب الموجودة داخل الجدران، ثم تَهَدَّمَت القباب بعد زلزال 12 أكتوبر 1992م، فكان لابد من إعادة بنائها، وقد أُعِيدَ بناؤها عام 1993م مع المحافظة على الطابع المعماري الأصلي للكنيسة من حيث التقسيم والقباب ومواقع الأعمدة والمداخل كما كانت تمامًا.
🎯 أهداف وأنشطة الدير
أولًا: الخدمات الروحية والخلوات والإشراف عليها وتعليم اللغة القبطية والطقس والعقيدة.
ثانيًا: تنظيم دوراتٍ تدريبيةٍ لتأهيل قادة المهن والحرف المختلفة على إتقان العمل والأمانة في الأداء، وفن التعامل مع الآخرين، والتوفيق بين رعاية الأسرة والعمل، والإقلاع عن العادات السيئة.
ثالثًا: إعداد المكان والتجهيزات المختلفة من سكنٍ مجهّزٍ نظيفٍ، ومطعمٍ وبوفيهٍ، وأماكن هادئةٍ وأخرى للأطفال، وللرياضات الروحية والبدنية، لاستقبال قاصدي الخلوات من جميع المحافظات.
رابعًا: عمل مشروعاتٍ لخدمة البيئة وتدريب الأفراد عليها مثل:
- مشروع تربية الأرانب.
- مشروع المنحل.
- مشروع تربية الدواجن.
- مشروع المشغل لتدريب الفتيات على أشغال الإبرة والتفصيل ومحو الأمية.
- مشروع الحضانة وتعليم النشء.
ويهدف كل ذلك إلى خدمة الإنسان في كافة النواحي.
خامسًا: استقبال الوافدين الزائرين في المواسم الدينية، خاصةً في موسم احتفالات الشهيد العظيم مارجرجس قبل عيد الصعود بعشرة أيام، وفي تلك الفترة يعتذر الدير عن استقبال الخلوات.
🗺️ طريقة الوصول إلى الدير
أ- من بني سويف: (محطة التاكسيات بجوار موقف الأتوبيس) إلى إهناسيا المدينة، ثم إلى سدمنت الجبل.
ب- من الفيوم: (محطة التاكسيات بالحواتم) إلى اللاهون، ثم إلى سدمنت الجبل.
ج- من القاهرة: إلى قرية كفر عمار جنوب مركز العياط، طريق يمين متفرع من الطريق الزراعي السريع إلى قرية ميدوم، فاللاهون، فسدمنت الجبل.
مساحة الدير حوالي تسعةَ عشرَ فدانًا تقريبًا، وراعي الدير أبونا القمص بطرس جيد.
⚰️ مقبرة الآباء
عندما جاء إلى الدير نيافة الحبر الجليل الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا المتنيح عام 22 / 7 / 1962م، وبعد أن اهتم بالكنيسة ورمّمها وجد أمامها كوم ترابٍ كبيرًا، فبدأ في رفعه بمعاونة العمال، وأثناء العمل وُجِدَت المدفنة الخاصة بالرهبان (الطافوس)، وبها عظام ورفات الآباء الرهبان القدامى الذين كانوا بالدير، فأخذها وبنى لها مقبرةً جديدةً في شارع الكنيسة على يمينها.
جُعِلَت من طابقين: الأول وُضِعَ فيه رفات الآباء القدامى، والثاني أُوصِيَ أن يُدفن فيه نيافته بعد نياحته، وقد دُفِنَ فيه فعلًا مع نيافة الحبر الجليل الأنبا أيساك مطران بني سويف والفيوم السابق، الذي تَنَيَّحَ عام 5 / 8 / 1924م.
🪦 استعمال الدير في الدفن
منذ قديم الزمان يوجد بجوار الدير من الناحية البحرية والغربية مقابر، وكان الدير قديمًا يُستَخدَم للصلاة على الأموات، ثم بعدها يُدفَن الموتى في المقابر.
وبجوار الدير قرى كثيرة، وأهالي هذه القرى أسسوا هذه المدافن لدفن موتاهم، وتأتي أيضًا قرى من محافظة الفيوم لدفن موتاهم في مدافن الدير.
وعُرِفَت الكنيسة بدير مارجرجس بسدمنت على أنها كنيسةٌ للصلاة على الموتى، حيث كانت محاطةً بالمدافن، وهي كنيسةٌ قديمةٌ وسطها.
وكان الكهنة الذين يخدمون بالدير مهمتهم الأساسية الصلاة على الموتى.