الدولة | لبنان |
---|---|
المحافظة – المدينة | الشمال |
الطائفة | موارنة |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🏞️ وادي قاديشا – الوادي المقدَّس
يعرف وادي قاديشا بهذا الاسم نسبةً إلى مغارة قاديشا الواقعة فيه، ولكنه اشتهر باسم وادي قنوبين نسبةً إلى دير قنوبين الذي يقوم فيه. ويقع هذا الوادي جغرافيًّا في جبّة بشرّي، تلك الناحية الجبلية العالية في شمال لبنان، ولأجل ذلك اكتسبت اسم «الجبّة» لأن هذه الكلمة تعني بالسريانية العلوّ والارتفاع.
أما كلمة قنوبين فمتحَدّرة من اللغة اليونانية Koinobion التي تعني «جماعة تعيش حياةً مشتركة عمادها المحبة والصلاة».
وكلمة «قاديشا» آرامية آتية من جذر سامي، وأصلها «قاديشو» بمعنى «المقدَّس»، فوادي قاديشا هو «الوادي المقدَّس».
⛪ انتشار النسّاك والموارنة في الوادي
لكن هذه الصفة لم تُطلَق عليه إلا منذ القرن السابع، حين قصده الموارنة وانتشر نسّاكهم وحبساؤهم في مغاوره والمحابس التي زرعوها على جانبيه. وتكرس هذا الاسم نهائيًّا في القرن السابع عشر على يد المرسلين الغربيين والبطريرك إسطفان الدويهي.
وهو يسمى أيضًا «وادي الذخائر»، نسبةً إلى ذخائر القديسين الذين زرعوا بالمئات في مغاوره وحفافيه، إذ توالى عليه كثير من المتعبدين على اختلاف معتقداتهم، ولكن الموارنة طبّعوه بطابع نسكهم أكثر من غيرهم لأنهم لجأوا إليه ليس فقط للتعبد، بل للحماية من الاضطهادات، وطلبًا للعيش والصمود والقداسة.
ويمتد هذا الوادي من موقع مغارة قاديشا التي يتدفق منها نبع تنحدر مياهه نزولًا حتى مزرعة النهر حيث يلتقي هناك بوادي قزحيّا.
وهو يتميز عن سائر الأودية بكونه يبدأ بخسوف حاد، يوحي بأن الأرض قد تكون تعرضت لعوامل طبيعية أدت إلى هذا التجويف العميق.
🏞️ وادي قزحيّا – الوادي الصغير
أما وادي قزحيّا فيدعى «الوادي الصغير» إذ لا يتجاوز طوله الثلاثة كيلومترات، فهو يمتد من مزرعة النهر صعودًا حتى أسفل بلدة كفرصغاب. ودير مار أنطونيوس القائم فيه، يعود وجوده إلى أوائل القرن الرابع، كونه تزامن مع انتشار الحياة النسكية في الشرق، وهناك شهادات من التاريخ تثبت أهميته وقدمه.
⛪ دور دير قزحيّا التاريخي
من أقدم أديار الوادي المقدَّس، وهو نموذج للحياة النسكية. “قزحيا” (صيغة لاسم إشعيا) تعني بالسريانية “كنز الحياة”، أي المسيح، الذي لا يجده الرهبان إلا حين يتخلون عن متع الحياة الأرضية وينصرفون بالتجرد والزهد إلى الصلاة، وسط “ماء الحياة” المتدفق باستمرار في سرير الوادي المهيب.
كان الدير، منذ القديم، ركيزة الحياة النسكية في الكنيسة المارونية، ومدرسة للتنشئة الرهبانية. استهوَت محابسه، وبخاصّة محبسة مار بيشاي، النسّاك الراغبين في عيش الانفراد والزهد. وكان من بين أولئك النسّاك الحبساء البطاركة:
موسى العكّاري (1524–1567)، ميخائيل الرزي (1567–1581)، سركيس الرزي (1581–1596)، يوسف الرزي (1596–1608).
وفي الدير أيضًا مغارة معروفة محليًا بـ “مغارة المجانين” (الممسوسين والمسكونين بالهواجس والشياطين)، يؤتى بهم كي يشفيهم القديس أنطونيوس. ولا تزال فيها حتى اليوم بقايا سلاسل كانت تقيّد أقدام المرضى.
واليوم في محبسة غبتا التابعة لهذا الدير، يعيش راهب حبيس: الأب أنطونيوس شينا (دكتور في اللاهوت) يواصل التقليد القديم للنساك الأوائل بإماتة الجسد، وبالصلاة والانصراف التام إلى الله.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أول مطبعة وصلت إلى الشرق كانت سنة 1585، أي في أيام البطريرك سركيس الرزي على حد قول بعضهم، لكن بعضهم الآخر يرى أنّ التاريخ كان سنة 1610، إذ إنّ أول كتاب طُبع فيها كان كتاب المزامير سنة 1610 (وما زالت نسخة منه محفوظة في مكتبة جامعة الروح القدس – الكسليك).
📜 انتقال الدير إلى الرهبانية اللبنانية
تسلّمت الرهبانية اللبنانية الدير سنة 1708 من المطران يوحنا حبقوق، في عهد المؤسس الأب العام عبدالله قرأعلي الذي قام بإدارته بنفسه، واتخذته الرهبانية مركزًا للرئاسة العامة من سنة 1708 حتى سنة 1723، نظرًا إلى أهميته التاريخية والكنسية والاجتماعية.
📚 مكتبة دير قزحيّا العريقة
تجدر الإشارة إلى أنّ دير قزحيّا يضم مكتبة تحتوي على أرشيف ومخطوطات سريانية وموسوعات علمية.
وهو ما زال، كما في أول عهده العريق، مزارًا ومحجّة للراغبين في الصلاة والعزلة والاستشفاء والاسترشاد والتأمل. ويُذكَر أنّ لبنان شهد في العام 1585 أول مطبعة بالأحرف السريانية في العالم العربي، وذلك في هذا الدير، ليصدر عنها بعد سنوات نسخة عن كتاب المزامير بالحرف السرياني عام 1610.