الدولة | لبنان |
---|---|
المحافظة – المدينة | الشمال |
الطائفة | روم أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
⛪ دير رقاد والدة الإله حماطورة
كأيقونةٍ صامدةٍ على صخور شمال لبنان، يُطلُّ دير رقاد والدة الإله حماطورة للروم الأرثوذكس على شيرٍ صخريٍّ على طريق الكورة – الأرز.
دير حماطورة (معناه نبع الجبل) كان في ما مضى مدرسةً لتعليم الإكليروس، ويتدرّب فيه الرهبان قبل الكهنوت وإرسالهم إلى الخدمة «ليفيضوا كالنبع»، ويُعتبَر شاهدًا على التاريخ المحفور في حجاره.
🪨 الطريق إلى الدير
دربٌ مهجورةٌ، من مئات أدراجٍ صخريةٍ شقَّها الأقدمون، كتفها الجبل وخاصرتها نهر كوسبا، هي الطريق الوحيدة للوصول إلى دير سيّدة حماطورة.
📜 لمحة تاريخية
يلفت رئيس الدير الأب بندلايمون فرح إلى أنّ الكثير من تفاصيل الحقبة الأولى من تاريخ المكان غامضة «بسبب غياب الوثائق، إلا أنّ تاريخ بناء الدير يعود لحدود القرن الخامس الميلادي». كل المخطوطات التي بقيت حتى الآن تشهد بأنّ المساحة الحالية للدير تُشكّل 10 في المئة من مساحته التاريخيّة الأصليّة، «إذ كان يمتدّ على طول الشير الصخري». وكما عرف الدير فترات ازدهارٍ ونشاط، فإنّ أقبيته تشهد على العواصف البشرية والطبيعية التي أُلِمَّت به عبر القرون.
في زمن المماليك الذين كانوا يُكنّون عداوةً للرهبنة، تعرّض الدير «لعمليات تخريبٍ وتهديمٍ ضخمةٍ ومصادرةِ المنتجات. وأتى العثمانيّون في ما بعد وأكملوا على الباقي». كما لم تسلم حجارة «عجيبة الكورة» (كما يحلو لزائريه تسميتها) من غدر اليد البشريّة، فالذاكرة إن حكت، ستروي أنّ الطبيعة أيضاً ألقَت بثقلها عليه، إذ تعرّض لدمارٍ كبيرٍ إثر الزلازل، وأبرزها العام 1600 وأواخر العام 1917، وفق فرح.
🧱 محاولات الترميم
في الخمسينات من القرن الفائت، حاول شخص يُدعى يوسف إسرائيل، الذي يُقال إنّ سيّدة حماطورة شَفَت زوجته، المساعدة في إصلاح ما تدمّر وأن يُعيد للدير رونقه، إن بماله الخاص أو بجمع التبرّعات اللازمة لذلك، لكنّه لم يكن مقيماً فيه بشكلٍ مستمرّ لأنّ «له عمله وأسرته».
العام 1992، بعد حريقٍ أُصيبَت به كنيسة الدير، سقط دليلٌ آخرُ إلى أهميّته التاريخيّة. فالنيران المندلعة تسبَّبَت بوقوع طبقة الطين المكشوفة التي تُخفي وراءها رسوماً جداريّةً ذات طابعٍ بيزنطيٍّ تعود للقرون الوسطى، يُعمَل على إعادة تأهيلها حتى الآن.
⛪ انبعاث الحياة الرهبانية
دخل الأب فرح الدير في خريف 1994، وأقام القدّاس الأوّل فيه بتاريخ 21 تشرين الثاني. وبعد أشهر، حضر العمّال وبدأت أعمال الترميم وإعادة البناء اللازمة، و«بعدها راحت الحياة الرهبانيّة تتجدّد تباعًا في الدير، حتى تجاوز عدد الرهبان اليوم الخمسة عشر بعدما ناهز عتبة المئتين قبل حملات الاضطهاد».
💀 اكتشاف الجثث
العام 2008، وأثناء عمليات الحفر والترميم، عُثِرَ الرهبان تحت أرض الكنيسة على أربع جثثٍ مدفونةٍ، «تعود لشهداء تعرّضوا للضرب بعنفٍ إذ بدت عظامهم مكسورة. وإحدى الجثث مقطوعة الرأس وعظامها محاطة بطبقةٍ من الكِلس»، وافق الأب فرح. ووافق العلماء، على أنّ وجود طبقةٍ من الكِلس على الجثّة يعود لسببين، الأوّل طبيعة التراب الذي يُغطي الجثّة والذي يحوي على الكِلس، وذلك لا ينطبق مع طبيعة التراب تحت الكنيسة. أمّا الثاني، فهو أن تكون الجثث تعرّضَت للاحتراق.
فتأكّد حينها الرهبان من أنّ إحدى الجثث «تعود للقدّيس يعقوب الحماطوري، لتطابق مكان وجود الجثث مع ظهور القدّيس العجائبي من جهة، والتاريخ المحدّد في المخطوط لاستشهاد القدّيس الذي أسّس الرهبانية في الدير من أيام المماليك، من جهة أخرى».
👥 الحياة الرهبانية اليوم
يغلب العنصر الشاب على الرهبان الموجودين في الدير، ذلك لأنّ الراهب الأرثوذكسي لا يتنقّل من ديرٍ إلى آخر في حياته الرهبانية، فكل سكّانه أصحاب دعواتٍ جديدة.
تتميّز الحياة في الدير بالطابع البدائي، وبخاصّة أنّه بعيدٌ من بلدة كوسبا، فيُعاني سكّانه صعوبة التنقّل والتواصل مع المحيط الخارجي خصوصاً في الشتاء.
«تصل المواد الأساسيّة التي يحتاجها الرهبان إمّا عبر نقلها على الدواب أو بواسطة ونشٍ موصولٍ من بلدة راسكيفا في قضاء زغرتا إلى الدير. ويتوزّع سكّانه المهمّات من الزراعة وتربية الحيوانات والدواجن، فضلاً عن أعمال الترميم، وطبعًا حسن استقبال الضيوف الذين يتقاطرون ليس فقط من البلدات الشماليّة أو اللبنانيّة، بل إنّ نسبةً ملحوظةً من السيّاح الأجانب يتوافدون كل سنة للتعرّف إلى هذه التحفة التي تُشبه في شكل العمارة الأديرة في تركيا واليونان»، كما يؤكّد الرهبان.
🏛️ دعوة للحفاظ عليه
هذا الدير، وكما غيره من المعالم الخارجة من التاريخ، هو فعلًا في حاجةٍ لدعم المؤسّسات الدينيّة والدولة وأهل الاختصاص، لينفض الغبار عن معالمه ويُعيد إليه بريقه.