| الدولة | سوريا |
|---|---|
| المحافظة – المدينة | القامشلي |
| الطائفة | سريان أرثوذكس |
| الموقع على الخريطة |
🌍 قبل الحرب الكونية الأولى
قبل الحرب الكونية الأولى 1914 – 1917، كانت العشرات من القرى السريانية منتشرة في الجزيرة السورية مثل غردوكة، وحلوة، وروتان، وملا عباس، وغيرها، وكان أبناؤها يعيشون على الزراعة وتربية المواشي وبعض التجارة البدائية في جو من السلام والوئام. وفي هذه الفترة، التجأ أبناؤنا السريان إلى جبال طور عبدين هربًا من الحرب ونتاجها المشئومة، وبعد انتهائها شرع هؤلاء السريان بالعودة إلى الجزيرة ليبنوا قرى جديدة ويعيدوا ترميم القرى المتضررة من الحرب. وقد ساعدتهم في ذلك التجمعات والقبائل العربية التي كانت موجودة في المنطقة، وتلك منّة يذكرها لهم تاريخنا السرياني بمداد من ذهب.
ومن جملة تلك القرى: قرية دمخية الكبيرة موضوع حديثنا.
📍 الموقع
تقع قرية دمخية الكبيرة في ضواحي مدينة القامشلي الحديثة، حيث تبعد عنها مسافة 8 كيلومترات على طريق القامشلي – حسكة، وتقع غربي الطريق مسافة 2 كيلومتر، وقد فتحت لها طريق رسمية عُبدت بالإسفلت عبر حقول القرية وبساتينها.
تسكنها عشرون عائلة سريانية، وعدد أكبر من العائلات العربية، يعيشون معًا في تفاهم ووئام.
🕰️ التاريخ
لقد عاد أبناء القرية وبانوها السريان مع العائدين من منطقة غرزان بتركيا في العقد الثالث من هذا القرن، حاملين معهم اسم قديسهم وشفيعهم مار آحو لعظيم إيمانهم واعتقادهم به، والذي جرت العجائب والمعجزات الإلهية بواسطته وعلى يديه، واشتغلوا بالزراعة وتربية المواشي والدواجن.
📖 أصل الاسم
قرية دمخية الكبيرة: اسمها السرياني الأصل اختلفت فيه الآراء، فمنهم من قال إنها مركبة من كلمتين (ܕܶܡ ܟܼܰܝܶܐ : دِم خايه) بالسريانية الشرقية أي (دم الحياة)، زعماً منهم أن القرية كانت تشتهر بصناعة الخمور وأن الخمر يشير إلى دم السيد المسيح كما جاء في الإنجيل (متى ص 26 ع 27 و28): “اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي”.
ويعتقد أن اسمها محرف من لفظة (ܕܡܰܟܼ : دماخ) بالسريانية، تعني النوم أو الرقاد أو الموت لأن المسيحية تسمي الموت رقادًا، أخذاً من كلام السيد المسيح عندما سُمّي موت أليعازر رقادًا قائلاً: “ألعازر حبيبنا قد نام لكني أذهب لأوقظه” (يوحنا ص 11 ع 11).
ومما يؤيد وجهة النظر هذه اكتشاف نواويس حجرية أثناء الحفر صدفة في تل قريب من القرية، مما يدل على أن القرية كانت تشتهر بحفر ونحت التوابيت، وهذا ما دعا لتسميتها بالراقدة أو النائمة.
🏗️ بناء الكنيسة
في عام 1943، كان سكان هذه القرية السريان قد جلبوا معهم حجراً وتراباً من دير الشجرة في قرية عين قصر. فمن عادة السريان أنه عندما يريدون بناء كنيسة أو دير على اسم السيدة العذراء أو قديس ما، فإنهم يجلبون من الكنيسة الأساسية ترابًا أو حجراً أو قطعة صليب ليبنوا عليه الكنيسة أو الدير الجديد، الكائن في غرزان وسط جبل “كردلا” بتركيا، والذي بناه القديس مار آحو بذاته.
وعلى هذا الحجر وهذا التراب وُضِع الأساس لبناء كنيسة مار آحو في قرية دمخية الكبيرة، كما هي العادة لدى السريان، وذلك تحت إشراف الوجيه السرياني الغيور كورية مقدسي أفريم، الملقب بـ”كورية شموني”.
⛪ مواصفات الكنيسة
وهي كنيسة صغيرة تقع في الطرف الجنوبي الشرقي من القرية، مبنية من الخشب واللبن الترابي، يبلغ طولها من الداخل خمسة عشر مترًا، وعرضها خمسة أمتار من الإسمنت المسلح، حفظًا لها من أمطار الشتاء وعاديات الزمن.
وفي عام 1963، قرر أهل القرية السريان توسيع الكنيسة وترميمها بعمل جماعي شاركوا فيه مادياً ومعنوياً، وبُني لها مذبح خشبي صغير، صنع نقوشه الفنان السرياني المرحوم شبو كلو أفريم المدياتي.
🙏 خدمة الكهنة
صلى في هذه الكنيسة لأول مرة الكاهن الأب القس شمعون داؤد قس حنا من عام 1943 ولغاية عام 1947.
بعد هذه الفترة، بقيت بخدمة الكاهن الجليل والذائع الصيت الخورفسقفوس ملكي أفريم، حيث كان يعودها في المناسبات الدينية ويُقيم فيها الصلوات، لحين وفاته في 31/12/1979.
ومن ذلك التاريخ انتقلت إلى عهدة الأب عيسى نعمان، ثم الأب صليبا صومي.
وفي عام 1984، تولاها الأب القس شمعون صومي، يزورها كلما سنحت له الفرصة، وفي الأعياد والمناسبات الدينية حيث يُقيم فيها الصلوات والقداديس من أجل المؤمنين.
🏡 توسعات ومرافق الكنيسة
بدءًا من عام 1984 وما بعدها، بُني مقابل الكنيسة من الجهة الشمالية اثنتا عشرة غرفة ومنافع من الأسمنت المسلح، وأُحِيطت الكنيسة وغرفها وحديقتها وباحتها بسور إسمنتي مسلح.
وفيما بعد، أُضيف لعقار الكنيسة من الجهة الشرقية مساحة ثلاثة آلاف وخمسمئة متر مربع، وسُوِرَت أيضًا، وفتح لها باب نحو باحة الكنيسة، وزُرعت فيها الأشجار لتكون في المستقبل حديقة تجمل الكنيسة وملاذًا يقصده المؤمنون من قيظ الصيف، كما حُفِرت داخل هذه الحديقة بئر ارتوازية لسقاية الشجيرات، لتكون ماءً سلسبيلاً لإرواء العطاش والطبخ والغسل وكل ما شابه ذلك.
🌟 دور المطران مار اسطاثيوس
ولا بد لنا في هذه العجالة من ذكر المثلث الرحمات مار اسطاثيوس قرياقس تنورجي، المطران السابق للجزيرة والفرات، ومكانته المرموقة لدى المؤمنين وعند السلطات الحكومية، وفضله الكبير لاهتمامه الزائد بمشروع بناء مار آحو الحديث، وقضائه في ذلك أيامًا مديدة، حيث كان يشرف بنفسه على العمل في حر الصيف وقيظه، وسعى جاهداً لتعبيد طريق القرية وإيصال الهاتف إليها.
وكان نيافته، ورغم شيخوخته ومرضه (طيب الله ثراه)، لا يفوته أن يترأس الاحتفالات الدينية التي كانت تُقام في يوم عيد القديس، الذي يحتفل به في العام مرتان:
- الأولى: يوم الاثنين الذي يلي الأحد الجديد بعد عيد الفصح، حيث تنام كثرة من المؤمنين والمؤمنات وأطفالهن داخل الكنيسة تبعًا لنذور قطعوها على أنفسهم.
- الثانية: يوم 14 أيلول، يوم عيد الصليب.
وفي صبيحة عيد القدس، يوم الاثنين الذي يلي الأحد الجديد، جُرِيَ على عادة متبعة منذ عهد بعيد، تنحر الذبائح ويُطبخ اللحم والبرغل، ويتهافت المؤمنون لتناول جزء منه، ويحمل قسم آخر إلى البيوت كبركة يقدم للأهل والأقرباء والجيران ممن لم تسنح لهم الفرصة لزيارة الكنيسة في هذا اليوم المبارك.
🕊️ حاضر الدير
وبتاريخ 24/4/1998، رُسِمَ لها الكاهن النشيط حبيب حبصونو بوضع يد نيافة مار اسطاثيوس متى روهم مطران الجزيرة والفرات، وذلك في كنيسة مار يعقوب النصيبيني بالقامشلي، وهو يُقيم فيها الصلوات والقداديس على مدار الأسبوع، كما يقوم بتعليم أطفال القرية اللغة السريانية والطقوس الكنسية.
وتُعتبر هذه الكنيسة ذات مكانة غير عادية، فهي تكاد تكون مركزًا دينيًّا وإشعاعًا اجتماعيًّا في المنطقة، يجتمع فيه الناس من كل الملل والطوائف ويعودونها في المناسبات والأيام السيّدية.
ويُؤدي المؤمنون صلواتهم ويُقدّمون نذورهم وهداياهم وتبرعاتهم لهذه الكنيسة، سواء أكانت نقدية أم عينية، مثل صور القديسين التي امتلأت بها الكنيسة، والشموع، والفرش، والبرادي، وغير ذلك من الأشياء التي تحتاجها الكنيسة.
وتُقصد هذه الكنيسة مراكز التربية الدينية في محافظة الحسكة، بل في محافظات عدة في القطر العربي السوري، وتُقام المخيمات واللقاءات الشبابية، والسهرات الروحية، وتُقدّم الدروس التربوية والدينية، وتُرتّل الأناشيد الكنسية، والتأملات في الكتاب المقدس، وغير ذلك من النشاطات المفيدة والنافعة.
كما يقصدها الفوج الكشفي السرياني الرابع في القامشلي للتخييم هناك لبضعة أيام سنويًا وبشكل دوري، وتنزل للمبيت هنا في غرف الكنيسة وفود كثيرة تحل ضيفة على مؤسسات الكنيسة السريانية في القامشلي.
كما يقصدها بعض المرضى والعجَز للتضرع لله والقديس، راجين الشفاء والراحة، كما يقصدها بعض المحتاجين لتدبير أمورهم.
وجدير بالذكر أن لهذه الكنيسة لجنة مدنية تقوم على شؤونها وحاجاتها من استقبال الزوار، وترميم ودهن البناء، وتأمين حاجة الكنيسة من الخمر والزيت والشموع وغير ذلك.
وقد تم شراء قطعة أرض واسعة على الطريق العام قامشلي – حسكة قرب منتزه الأرض الخضراء لهذا الدير لتكون مقبرة لموتى المؤمنين عما قريب.