الدولة | مصر |
---|---|
المحافظة – المدينة | الإسكندرية |
الطائفة | أقباط أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🕊️ موقع دير السريان الأثري
يقع على بُعد ١٤ كيلو تقريبًا من الرِّست هاوس المرجود في منتصف طريق مصر – الإسكندرية الصحراوي، بوادي النطرون بالصحراء الغربيّة في برّية شيهيت (ميزان القلوب).
وهو من القرن الخامس الميلاديّ تقريبًا كما تشير المصادر المختلفة إلى ذلك.
وهناك أدلّة كثيرة تؤكّد لنا ذلك نذكر أهمّها:
🏰 الحِصن القديم
يقع على يمين مدخل الدير، وإن يكن قد تَمَّ ترميمُه، لكن من المعروف أنّ الذي بنى هذه الحصونَ في الأديرة هو الملك زينون (٤٧٤–٤٩١م)، تكريمًا لابنته الراهبة إيلارية التي ترهّبت في برّية شيهيت، وذاع صيتها في العالم كلّه.
🌿 مساحة الدير ومعالمه
تبلغ مساحة الدير حوالي فدان و١٣ قيراطًا، وطوله ١٤٦ مترًا، وعرضه ٤٥ مترًا، وبابه متّجه إلى الناحية البحريّة كما هو الحال في بقيّة أديرة البرّية.
وإن كان دير السريان أصغر الأديرة مساحةً، إلّا أنّه اختُصّ بنقوشٍ ورسومٍ ذات أثرٍ عظيم الشأن من الناحية الأثريّة والفنيّة، وهذه النقوش بكنيسة الدير الرئيسيّة.
ولأنّه كان به رهبان سريان فترةً من الزمن، لذلك اشتهر باسم دير السريان، وما زال يُعرف باسم دير العذراء السريان حتى وقتنا هذا، لتمييزه عن دير السيدة العذراء البرموس بالبرّية أيضًا.
🛡️ الحِصن القديم (تفصيل)
يوجد على يمين الباب الأثريّ للدير من الجهة الغربيّة حصنٌ عالٍ كان يلجأ إليه الرهبان لاتقاء غارات البربر وغيرهم.
يبلغ ارتفاعه ثمانية عشر مترًا، وطوله أربعة عشر مترًا، وعرضه ثلاثة عشر مترًا، ويتكوّن من أربعة طوابق.
يُفتح بابه في الطابق الثاني، ويتمّ الوصول إليه بقنطرةٍ من الخشب السميك ترتكز على باب الحصن وبناءٍ مقابله،
وتُرفَع هذه القنطرة عند اللزوم بسلاسل مُثبّتةٍ من خلفها، وله بابٌ سميك، فلا يستطيع أحدٌ أن يصل إلى الحصن بعد رفع القنطرة.
وكلّ طابقٍ به حجراتٌ واسعة.
في عام ١٧٨٢م قام المعلّم إبراهيم الجوهري بتجديد هذا الحصن وكذلك كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل التي بأعلاه، وصنع لها حجابًا مطعَّمًا بالعاج عليه كتابةٌ تفيد بأنّ المهتمّ بها هو المعلّم إبراهيم الجوهري (١٤٩٨ش).
إذ يُعتَبَر رئيس الملائكة ميخائيل شفيعًا وحارسًا للرهبان، ولذلك في كلّ دير يوجد بأعلاه كنيسة لرئيس الملائكة ميخائيل، لأنّه هو الملاك الحارس.
🧱 أسوار الدير
تُعتَبَر أسوار دير السريان أعلى أسوار الأديرة القائمة بالبرّية، ويبلغ متوسّط ارتفاعها اثنتي عشرة مترًا.
بها طاقاتٌ في أعلاها، وتوجد أجزاءٌ بارزةٌ إلى الخارج لكي لا تتجمّع الرمال حول السور، وهي نظرية هندسيّة رائعة.
في عام ١٩٠٢م وقع جزءٌ كبير من السور البحريّ قبالة قصر الضيافة (الذي كان سابقًا شرق كنيسة السريان)، فقام القمص مكسيموس رئيس الدير في ذلك الوقت بإعادة بنائه.
وقيل إنّه استخدم أكثر من مائة عامل كان يقوم بخدمتهم القمص عبد القدّوس الذي تنيّح شيخًا وقورًا يناهز التسعين من عمره.
وقد عاش حياة البساطة والتقوى، وكان يُؤازر هذا العمل قداسة البابا كيرلس الخامس الذي كان محبًّا للأديرة، ولدير السريان خاصةً.
⛪ كنائس الدير
كنيسة العذراء السريان
إنها أجمل كنائس البرّية إذ تمتاز بالنقوش الجميلة التي تغطي جدرانها وأبوابها وقبابها، خصوصًا داخل هيكلها المتسع.
إنها من الطراز البازيليكي المنتشر في معظم كنائس مصر الأثرية، وتشبه إلى حد ما كنيسة دير الأنبا بيشوي وإن كانت أصغر منها مساحة، إلا أنها تفوقها في نقوشها وإتقانها.
يبلغ طولها حوالي ٣٠ مترًا، وعرضها ١٢ مترًا، ويغطي الخورس الأول قبة عالية.
على جانبها من قبلي نصف قبة نقش عليها البشارة والميلاد، وعلى جانبها من بحري نصف قبة نقش عليها نياحة السيدة العذراء والسيد المسيح يحمل روحها وحولها الإثني عشر تلميذًا، مع كتابة باللغة السريانية والقبطية في كليهما.
المذبح متسع وحوله أربعة أعمدة خشبية يعلوها قبة خشبية، العمودان الشرقيان يحملان أيقونة السيد المسيح في القبر، وقد اهتم بها الراهب مكسيموس ١٥٤٦ش – ١٨٣٠م كما هو مكتوب على أحد عمدتها، والهيكل مزين بنقوش جميلة بارزة، بعضها مثل النقوش الموجودة على حجاب كنيسة العذراء الأثرية بدير البرموس وكنيسة أنبا مقار بدير أنبا مقار.
كلها تشير إلى سر التناول وبعض النقوش مثل أبواق آلات الموسيقى التي كان يتغنى بها داود النبي في تسبيح الله.
يوجد بالكنيسة ثلاثة هياكل:
- الرئيسى باسم السيدة العذراء مريم
- القبلي باسم الشهيد يوحنا المعمدان
- البحري باسم الشهيد ماربقطر ابن رومانوس
🔑 باب الرموز
تتميز الكنيسة بحجاب جميل الصنع يسمى باب الرموز ينفرد به دير السريان، يتكون من ستة ضلف، الواحدة طولها حوالي ٢٧٥ سم وعرضها ٤٥ سم، وقسم كل منها إلى سبع أقسام.
زينت أعلاها بصور للقديسين كتبت أسماءهم باللغة اليونانية وطُعمت بالعاج في الخشب، وبقية الأقسام بها رسومات هندسية جميلة من العاج يزينها الصليب. كل قسم منها يشير إلى مرحلة من تاريخ كنيستنا المجيد، وهي:
عصر الرسل: يظهر فيه بالترتيب من اليمين إلى الشمال: القديس ديسقوروس، القديس مارمرقس (بطاركة الإسكندرية)، عمانوئيل إلهنا، القديسة مريم، القديس أغناطيوس، القديس ساويرس (بطاركة سريان).
عصر الاستشهاد: يظهر فيه الصليب وسط الدوائر التي تشير إلى انتشار المسيحية.
ستة دوائر بكل منها صليب تشير إلى ستة كراسي رسوليّة وهي: أورشليم، الإسكندرية، ررما، القسطنطينية، أنطاكية، قرطاجنة.
عصر بداية ظهور البدع والطوائف الأخرى
الصليب المعكوف يرمز إلى الهرطقات
كثرة الخطوط المتقاطعة بين الصلبان تشير إلى كثرة الطوائف الحالية وضعف الإيمان
صليب واحد من حوله صلبان يشير إلى مجيء السيد المسيح الثاني ووحدة الكنيسة
وعلى عتبة الباب العليا مكتوب باللغة السريانية: (إن هذا الباب قد عمل بواسطة موسى رئيس الدير في زمن البطريرك غبريال الإسكندري ويوحنا الأنطاكي عام ٩١٤م).
يفصل الخورس الأول عن الثاني حائط سميك، به باب على مثال باب النبوات الذي سبق ذكره، يتكون من ٤ ضلف، بأعلاها أيقونة من العاج المطعم بالخشب وهي من اليمين إلى الشمال: القديس مارمرقس الرسول، ومنظر غير واضح، ثم القديسة مريم، ثم بطرس الرسول.
تحتها خمسة مستطيلات محلاة بالنقوش العاجية الجميلة على طراز الباب السابق، كتب على قائمتيه بالسريانية في عصر البطريرك فزمان الإسكندري وباسيليوس الأنطاكي.
ثم الخورس الثاني الذي به مقصورة الأباء القديسين، يعلوها أيقونة أثرية للسيدة العذراء وأخرى لمارافرام السرياني، وبيده غصن شجرة مكتوب بجوارها عكازه الذي أورق من خشب التمر الهندي.
أما الخورس الثالث فهو متسع ويقوم على أعمدة ضخمة قبلي لأنها كانت أعمدة رفيعة مصنوعة من المرمر، يعلوها قبو متسع مستطيل ومرتفع، تتخلله طاقات صغيرة تعطيها تهوية جيدة في الصيف، ولذلك يصلي الرهبان في هذه الكنيسة طيلة فترة الصيف اعتبارًا من جمعة ختام الصوم وحتى بدء صوم الميلاد المجيد.
يوجد في أول الخورس الثالث اللِّقان وهو موجود في أرضية الكنيسة ومصنوع من الرخام، وعنده تُجرى صلوات اللِّقان حاليًا.
في آخر الكنيسة يوجد نصف قبو فوق الباب الغربي المؤدي إلى المائدة القديمة، يتزين بأيقونة فريسكو لصعود السيد المسيح وحوله التلاميذ. وقيل إن سقف الكنيسة كان يتزين بالأيقونات الجميلة.
كنيسة الأربعين
تقع شمال مدخل كنيسة العذراء السريان، وهي على اسم شهداء سبسطيه بسوريا، إذ كانوا جنودًا شجعانًا في عهد ليكينوس قيصر ٣١٣م، الذين لما رفضوا إنكار دينهم أمر بطرحهم في بحيرة من الجليد بجوار حمام ساخن لاستغلال إنكار إيمانهم.
وإذ شاهد الحارس أربعين أكليلا استقرت على ٣٩ منهم، وبقي واحد معلقًا لأنه غُلب من البرودة والتجأ إلى الحمام الساخن فمات لوقته، فأسْرَع الحارس وأعلن إيمانه ونزل إلى بحيرة الجليد فأستقر عليه الأكليل المعلق واستشهد معهم. تعيد لهم كنيستنا في ١٣ برمهات.
هي كنيسة صغيرة بها هيكل واحد وقد كرسها الأنبا بطرس أسقف جرجا عام ١٧٨٢م بعد بياضها مع كنيسة السريان.
يوجد عن يمين بابها مقبرة الأنبا سلامه كما كان يلقبه الأحباش، واسمه الحقيقي الأنبا أخريستوذولوس، فهو القمص عبد المسيح الأنبيري الذي كان رئيسًا لدير السريان، وقد سامه البابا متاؤوس الرابع مطرانًا على إثيوبيا عام ١٦٦٥م، بعد فترة عاد إلى الدير وعكف على النسك والعبادة حتى تنيّح ودفن بتلك المقبرة.
كنيسة العذراء المغارة
تقع بجوار شجرة مارافرام السرياني، وملاصقة للسور البحري.
تنزل إليها بدرجتين ثم تسير في دوكسار مربع حوالي ٦×٦ م، ثم تنزل بثلاثة درجات إلى الكنيسة، وهي مربعة حوالي ١٢×١٢ م، مقسمة إلى ثلاث خوارس، ذات قبو مرتفع مستطيل.
يوجد بها ثلاثة هياكل:
- الرئيسى للسيدة العذراء
- القبلي مارمرقس الرسول
- البحري مارجرجس أمير الشهداء
بالهيكل الرئيسى يعلو المذبح أربعة أعمدة خشب، يعلوها قبة بها من الناحية الشرقية رسم قديم على جلد السيدة العذراء، وأسفلها عن اليمين الأنبا بولا وعن اليسار الأنبا أنطونيوس.
يزدان حجاب الهيكل بصلبان مطعمة بالعاج، ذات إتقان بديع يرجع تقريبًا إلى عام ١٤٥٠ للشهداء (١٧٣٤م).
بحري باب الهيكل الرئيسى توجد مقصورة الأباء القديسين الذين يتم نقلهم منها إلى كنيسة السريان التي يصلى بها صيفًا.
أما هذه الكنيسة (المغارة) فيُصلّى بها من الأحد الأول من صوم الميلاد وحتى الخميس الأخير من الأربعين المقدسة، وبقية العام في كنيسة السريان.
ويوجد على هذه المقصورة أيقونة أثرية للسيدة العذراء غاية الإبداع في فنها وألوانها. كما أن المقصورة مكتوب بأعلاها: (عملت باهتمام القس ميخائيل رئيس الدير عام ١٤٣٦ش).
يوجد بالخورس الأول باب يتكون من ثلاثة أقسام من خشب غاية المتانة وسميك ومرتفع في طوله حتى بداية القبو، به نقوش دقيقة تضيف عليه جمالًا حسنًا.
في الخورس الثالث يوجد لقان رخامي مثل الذي بكنيسة السريان، ويُصلّى فوقه لقان الغطاس.
للكنيسة باب غربي يوصل حاليًا إلى مخزن خاص بالكنيسة.
كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل
تقع بأعلى الحصن القديم.
⚰️ رفات القديسين
يوجد بمقصورة القديسين بالدير أنبوبتان: الأولى بها رفات الأنبا يحنس كاما، والثانية بها جزء من مارافرام السرياني.
وكان يوجد بالحصن القديم صندوق من الأبنوس (حاليًا بالمتحف)، كان به أجزاء من القديسين: القديس ساويرس، القديس ديسقوروس، القديس قرياقوس ويوليطه أمه، الشهيد تادرس المشرقي، الأربعين شهيدًا بسبسطيه، القديس يعقوب الفارسي، القديس يحنس القصير، الأنبا موسى الأسود، وأيضًا جزء من شعر مريم المجدلية.
🌳 شجرة مارافرام السرياني
يوجد شرق كنيسة العذراء المغارة بالدير شجرة ضخمة تعرف باسم شجرة مارافرام السرياني.
فقد قيل إن القديس مارافرام أتى إلى برية شيهيت وقضى بها ٨ سنوات في القرن الرابع، ومن فرط النسك الذي أنهكه كان يتوكأ على عكاز (عصا)، فظنه رهبان الأسقيط أنه يتشبه بالشيوخ. وبحسب ما أشار إليه أبوه الروحي، غُرس عكازه هذا في الأرض، ولأن الله أراد إظهار بره وتقواه، فقد نما هذا العكاز الجاف وأزهر كعصا هررن قديمًا وأصبحت شجرة ضخمة، وهي من فصيلة التمر الهندي، ويشرب الكثيرون من زهرها وثمرها كبركة.
ولقد مضى عليها أكثر من ستة عشر قرنًا، وما زالت بحيويتها وخضرتها.
وهي بخلاف شجرة الطاعة التي للأنبا يحنس القصير والتي كانت عند ديره (ضمن الأديرة القديمة التي تخربت)، وكانت من النبق وقطعت منذ عهد قريب.
👑 بطاركة من دير السريان
الأنبا غبريال السابع البابا ٩٥
كان من منشية دير المحرّق ابن القمص جرجس روفائيل كاهن كنيسة الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة.
ترهّب بدير السريان باسم الراهب روفائيل المنشاوي.
تمّت رسامته بطريركًا يوم الأحد بابه ١٢٤٢ش – الموافق ١ أكتوبر ١٥٢٥م.
كان ناسكًا فاضلًا، له إصلاحاته الكثيرة، ولا يُنسَى له التاريخ أنّه قام بتعمير ديري الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا بالبرّية الشرقيّة بعد أن خربهما العربان، وقُتِلَ من فيهما عام ١٤٨٤م.
إذ أرسل إليهما ثلاثين راهبًا من دير السريان الذي بلغ عدد رهبانه في ذلك الوقت ٦٣، منهم ٢٠ راهبًا إلى دير الأنبا أنطونيوس، والباقون إلى دير الأنبا بولا لتعمير هذين الديرين. كما أرسل إليهما كتبًا وأدواتٍ أخرى من دير السريان، لا تزال حتى اليوم ومكتوب عليها “وقف دير السريان ببرّية شيهيت”.
وأيضًا عمّر دير المحرّق.
ويذكر مخطوط ٣٩١ طقس ومخطوط ٢٠٩ لاهوت بدير الأنبا أنطونيوس التعميرَ، وقد سجّل الرهبان ذلك على حائط الكنيسة تخليدًا لذكرى الأنبا غبريال.
وفي أيّامه أيضًا عادت أثيوبيا إلى الكرسيّ الإسكندريّ بعد الانشقاق الذي كان في أيّام الملك داود الثاني سنة ١٥٤٠م.
وأخيرًا تنيّح في ٩ بابه ٢٨٥ش الموافق ٦ أكتوبر ١٥٦٨م بدير الأنبا أنطونيوس بالميمون، ثم نُقِلَ جثمانه إلى دير أبي سيفين بمصر القديمة، وذلك بعد أن قضى على الكرسيّ المرقسيّ مدّة ٤٣ سنة ويومين، وهي أطول مدّة بالنسبة للسابقين له، فيما عدا الأنبا أثناسيوس البابا العشرون الذي قضى على الكرسيّ المرقسيّ ٤٥ عامًا.
الأنبا شنوده الثالث البابا ١١٧
وُلد نظير جيد في ٣ / ٨ / ١٩٢٣م بناحية سلام – أسيوط.
ولمّا بلغ ستّ سنواتٍ انتقل إلى دمنهور فعاش مع أخيه الأكبر الموظّف هناك، حيث أتمّ التعليم الابتدائيّ.
ثم انتقلوا إلى القاهرة فأتمّ تعليمه الثانويّ بمدرسة الإيمان الثانويّة بشبرا، وقد أحبّ الشعرَ ذي العمق في المعنى والموسيقى في الألفاظ حتى أتقنه.
بعدها حصل على ليسانس آداب – قسم تاريخ سنة ١٩٤٧م، وعمل مدرّسًا، ثم التحق بالكلّية الإكليريكيّة قسمًا مسائيًّا، وتخرّج منها عام ١٩٥٠م.
بعدها عيّنه الأرشيدياكون حبيب جرجس مدرّسًا بها لتفوّقه، وكان قد استقال من مدرسة القُبّة الثانويّة بشبرا ليتفرّغ للخدمة، خاصةً أنّه بجانب مجاله الواسع في الخدمة كان يرأس مجلة مدارس الأحد حتى ذهابه للرهبنة.
كان يتردّد كثيرًا على دير السريان إذ كان منذ شبابه المبكر يحبّ الرهبنة والرهبان، إلى أن حضر الدير في ١٥ / ٧ / ١٩٥٤م مريدًا الانحلال من الكلّ والارتباط بالواحد، وعدم العودة إلى العالم مرّةً أخرى.
ولأنّه كان معروفًا لدى نيافة الأنبا ثاؤفيلس ورهبان الدير، صار راهبًا يوم الأحد ١٨ / ٧ / ١٩٥٤م باسم الراهب أنطونيوس السريانيّ.
ثمّ رُسِمَ قِسًّا يوم الأحد ٣١ / ٨ / ١٩٥٨م ليكون الأب الروحيّ للرهبان.
بعدها رفض رتبة القمصيّة باتّضاع معتبرًا نفسه غير مستحقّ لها.
وكان وهو في الدير راهبًا مثاليًّا، وشعلةً من النشاط لا تعرف الراحة، إذ كان يقوم بعدّة أعمال في الدير: تنظيم وفهرسة مكتبة الدير، الإشراف على بيت الخلوة واستقبال الزائرين، الإشراف على المبنى، سماع الاعترافات والإرشاد، وأحيانًا متابعة العمال.
وقال أوتو ميناردس عالم الآثار الألمانيّ عندما زار الدير عام ١٩٦٠م في كتابه:
“اليوم، في منتصف القرن العشرين، نرى دير السريان في مقدّمة أديرة وادي النطرون، وذلك يرجع لأسقفه الأنبا ثاؤفيلس الذي قضى كثيرًا من الوقت مع أبنائه الرهبان في الدير. ومن بين رهبان الدير واحدٌ أكثر تعليمًا وثقافةً من كلّ رهبان الكنيسة القبطيّة، هو الراهب أنطونيوس السريانيّ، الذي يظهر كأفضل راهبٍ وأعظم مثقّفٍ بينهم.”
كما أنّه كان في الدير يحبّ الهدوء والوحدة؛ ففي عام ١٩٥٧م عاش فترةً في مغارةٍ غربيّ الدير، وفي عام ١٩٦٠م تقريبًا عاش بمغارةٍ تُطلّ على البحر الفارغ على بعد نحو ١٢ كيلومترًا جنوب الدير.
استدعاه البابا كيرلس السادس وكان معه نيافة الأنبا ثاؤفيلس، ففوجئ بوضع اليد عليه ليكون أسقفًا، وتمّت سيامته أسقفًا للتعليم والمعاهد الدينيّة باسم الأنبا شنوده في صباح الأحد ٣ / ٩ / ١٩٦٢م مع نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات.
وكانتا أوّل أسقفيّتين عامّتين تنشئهما الكنيسة القبطيّة في مصر.
أعطى الأنبا شنوده الإكليريكيّة ومعاهدها اهتمامًا كبيرًا بجانب الوعظ الأسبوعيّ، وتميّزت عظاته بالروحانيّة وسهولة الفهم للكبار والصغار.
ولم تمنعه الأسقفيّة عن خدمته للدير وتردّده المستمرّ إليه ليتزوّد من قلايته المنفردة التي ما زالت في دير السريان.
بعد نياحة البابا كيرلس السادس، وفي يوم الأحد ٣١ / ١٠ / ١٩٧١م أُلقِيَت القرعة الهيكليّة لاختيار البابا، ففاز نيافة الأنبا شنوده، وتمّ تنصيبه بابا وبطريركًا للكرازة المرقسيّة يوم الأحد ١٤ / ١١ / ١٩٧١م في احتفالٍ كبيرٍ اشترك فيه بطاركة وأساقفة ووفود كنائس سوريا والحبشة والأرمن والطوائف الأخرى، وكبار الشخصيّات والشعب.
فتضاعف نشاطه الرعويّ، ونذكر بعضًا منه باختصار:
من الناحية التعليميّة: اهتمّ بالإكليريكيّة وأسس لها فروعًا داخل مصر وخارجها، وواصل الوعظ الأسبوعيّ، وأصدر كتبًا روحيّة، وأنشأ مطبعة الأنبا رويس ومجلة الكرازة.
في التعمير: اهتمّ بالكاتدرائيّة الكبرى، والمقرّ البابويّ، ودير الأنبا بيشوي، ورعايته للأديرة عامةً.
وفي عهده صارت هناك رهبنة في أديرة أخرى مثل: الشهيدة دميانة بالبراري، والأنبا باخوميوس بأدفو، ومارجرجس بالرزيقات، والعذراء بأخميم، والأنبا أنطونيوس بأمريكا.
وحبّه للبرّية والرهبنة جعله لا يمرّ أسبوعٌ إلا ويقضي بالدير أوقاتًا ينعم فيها بهدوء قلايته.
وفي ١٨ / ٧ / ١٩٧٩م احتفل الآباء الأساقفة والرهبان باليوبيل الفضيّ لرهبنته (٢٥ عامًا)، وصلّى القدّاس الإلهيّ بدير السريان.
في مجال الرعاية: قام برسامة كثيرين من الآباء الأساقفة والكهنة، واهتمّ بكرازة بلاد المهجر وافتقادها وزيارتها، وأسس العديد من كنائسنا في أمريكا وأستراليا وأوروبا وليبيا وغيرها.
في العمل المسكونيّ: عقد مؤتمراتٍ كثيرة مع الكنائس الأخرى، خاصةً في السنوات الأخيرة. وقد جعل لكنيسة مارمرقس مكانةً عظيمةً بين كنائس العالم قاطبة، بل وتزداد يومًا فيوما. لا يستطيع قلمٌ أن يُحصي أعماله ونشاطه المستمرّ، إذ تحتاج إلى كتبٍ عديدةٍ.