الولادة: 1725
الوفاة: 1809
🌱 نشأته
وُلِدَ في حَلَب في أجواءِ الاضطراباتِ والاضطهاداتِ الطائفيّة، وكان اسمُهُ في المَعْمَدِ “ميخائيل”. نشأ منذ صِغَرِهِ في دارِ المطرانيّة، وتربّى وتثقّف على يدِ المطران مكسيموس حكيم الذي لاحَظَ نُبوغَهُ، فأرسلهُ إلى رومة سنة ١٧٣٦ وهو في الثانيةَ عَشْرةَ من عُمرِهِ. هناكَ دَرَسَ في “معهد انتشار الإيمان” نحو خمسَ عشرةَ سنةً، حتّى ١٧٥١، وتعلّم الفلسفةَ واللاهوتَ والقانونَ الكنسيّ، كما أُتيحَ له إتقانُ اللاتينيّةِ واليونانيّةِ والفرنسيّةِ والإيطاليّة.
أصبح فيما بعدُ مطرانًا على الأبرشيّةِ الحلبيّةِ مدّةً زادت على اثنتينِ وثلاثينَ سنةً، وكان يُنتَظَرُ أن يَحتلَّ المقامَ الأوّل بين أساقفةِ الرومِ الملكيّين بحلب، لولا ما شابَ إدارتَهُ من مشاكلَ محلّيّةٍ ألبَتْ عليه الأخصامَ، وما وُصِمَ به تعليمُهُ من تطرُّفٍ عقائديٍّ جعلهُ موضعَ شَكٍّ وارتيابٍ، وحَجَرَ عثرةٍ لكثيرين.
✝️ كاهن في حلب (١٧٥١ – ١٧٧٤)
نالَ جُرمانوس آدَمُ الرِّسامةَ الكهنوتيّةَ سنةَ ١٧٥١ في رومة، ثُمَّ عادَ إلى حَلَب، فُكُلِّفَ بإدارةِ “أخوّيّةِ الدِّفاعِ عن الإيمانِ المُقَدَّس”. وقد شاركَ في مراحلِ الاضطهادِ ضدَّ الكاثوليك، ومارسَ خدمَتَهُ الكهنوتيّةَ بحماسٍ وإخلاصٍ.
بعدَ وفاةِ البطريرك مكسيموس حكيم (١٧٦١) اندلعَ صراعٌ على البطريركيّة بين أثناسيوس دَهّان الذي ثُبِّتَ بطريركًا، وأثناسيوس جوهر الذي رَفَضَ عزلهُ. وتدخّلَت رومة، فبُطِلَ انتخابُ جوهر، وثُبِّتَ دَهّان رسميًّا.
خلالَ هذا الصراع ألَّفَ القَسُّ جُرمانوس آدَمُ سنةَ ١٧٦٣ كُرّاسًا ضدَّ مَطامعِ جوهر. ورغمَ محاولاتِ جوهر وأنصارِه إعادةَ انتخابِه واحتلالَهُ ديرَ المُخَلِّص سنةَ ١٧٦٨، انتهى النزاعُ بالصلح بعدَ أن قدَّمَ الطاعةَ للبطريرك دَهّان، وحُلِّلَ من الحِرْم.
في تلك الفترة ألَّفَ جُرمانوس آدَمُ رسالةً إلى الرهبانِ المُخَلِّصيّين (١٧٦٨) ضَمَّنَها “دَحضَ ادّعاءاتِ أنصارِ جوهر”، وأشارَ إلى أنَّهُ أنهى سنةَ ١٧٦٧ كتابَهُ الشهير “إيضاح اعتقاد الآباء القُدِّيسين ضدَّ إلحادِ المُشاقّين”، الذي دافعَ فيه بقوّةٍ عن المعتقدِ الكاثوليكيّ.
⛪ أسقُفُ عَكّا (١٧٧٤ – ١٧٧٦)
بسببِ تآليفِ جُرمانوس آدَمَ ونشاطِهِ الرعَويِّ في حَلَب، طَلَبَهُ أبناءُ الطائفةِ في عَكّا مطرانًا لهم، فوافَقَ جميعُ الأساقفةِ على هذا الترشيحِ ما عدا أثناسيوس جَوهَر. فقَد أُقيمَ جُرمانوس آدَمُ مَطرانًا على عَكّا ليلةَ عيدِ الميلاد سنةَ ١٧٧٤ في كنيسةِ ديرِ مار أنطونيوس القَرْقَفَه.
لكنَّهُ لم يستطِعِ الإقامةَ طويلًا في أبرشيّتِهِ، إذ هُرِّبَ من عَكّا سنةَ ١٧٧٥ مع أُسرةِ آلِ الصبّاغ بسببِ المخاوفِ والاضطراباتِ، فلجأ إلى أديِرة الرهبانيّةِ الشويريّةِ في لبنان. وتردَّدَ نحوَ سنةٍ بين هذه الأديِرة، إلى أن طَلَبَهُ أهلُ حَلَب مطرانًا لهم.
🏛 نَقلُهُ إلى مَطرانيّةِ حَلَب (١٧٧٧)
بعدَ وفاةِ المطران أغناطيوس جَربوع في ١ كانون الأوّل ١٧٧٦، رُشِّحَ جُرمانوس آدَمُ بالإجماعِ من قِبَلِ الحلبّيّين، إكليروسًا وشعبًا، ليشغلَ كرسيَّ أبرشيّتِهم. وقد لَبَّى البطريرك ثاوضوسيوس دَهّان طلبَهم، فنُقِلَ جُرمانوس آدَمُ رسميًّا إلى أبرشيّةِ حلب بقرارٍ مُؤرَّخٍ في ١٧ نيسان ١٧٧٧.
لكنَّهُ لم يتمكَّن من التوجّهِ إلى حلب والإقامةِ فيها منذُ تعيينِه، فقيل إنَّ السببَ اضطهادُ الكاثوليك، غير أنَّ الأرجح أنَّهُ آثَرَ البقاءَ في لبنان لانشغالِه بأمورٍ ثقافيّةٍ وقضائيّةٍ ودينيّةٍ هامّة. فأدارَ أبرشيّتَهُ من أديرةِ الرهبانيّةِ الشويريّة بواسطةِ نوّابٍ عامّين، أوَّلُهُم الخوري أنطون صبّاغ الذي مُنِحَ شارةَ “الحَجَر” الكنسيّ سنةَ ١٧٧٨، ثُمَّ خَلَفَهُ الخوري ميخائيل جَربوع. أمّا جُرمانوس آدَمُ فبقيَ مقيمًا إمّا في ديرِ القدّيس يوحنّا الصابغ في الشوير، وإمّا في ديرِ الملاك ميخائيل بالزوق.
⚖️ نشاطٌ إداريٌّ وقضائيٌّ هامٌّ في لبنان (١٧٧٧ – ١٧٩١)
تميَّزَ المطران جُرمانوس آدَم بنشاطٍ دَفّاقٍ، مدعومٍ بعِلمٍ غزيرٍ ونباهةٍ فطريّةٍ، لكنَّهُ كان حادَّ الطبع، ميّالًا إلى التدخّل والمشاحنات. اصطدمَ أوّلًا بمطران بيروت أغناطيوس صَرّوف، ثُمّ دافعَ عن الرهبانِ الشويريّين بفتاوى قانونيّة (١٧٨٠)، وتدخَّلَ في قضايا عدّة. بعد وفاةِ البطريرك ثاوضوسيوس دَهّان (١٧٨٨)، عارضَ انتخاب أثناسيوس جوهر بطريركًا، لكنَّ رومة ثبَّتَت انتخابه (١٧٨٩).
دُعِيَ إلى سينودس عام (١٧٩٠) لكنَّهُ انسحبَ بعد خلافٍ على الأسبقيّة، وتوجَّه إلى دير القمر بطلبٍ من الأمير بشير الشهابيّ للفصلِ في قضايا الموارنة. وقد سبَق أن عُيِّنَ من قِبَلِ البابا بيوس السادس (١٧٨٧) قاصدًا رسوليًّا على الطائفة المارونيّة، وأُوكلَ إليه عقدُ سينودس عامّ، كما ترأّسَ المجمع المارونيّ في بكركي (١٧٩٠). وهذا دلَّ على ثقةِ الكرسيّ الرسوليّ به، وعلى صداقاتٍ قويّةٍ مع الموارنة، لكن أيضًا على عداواتٍ شديدةٍ. وفي الوقت نفسه ظلّت أبرشيّتُهُ الحلبّيّة تُدار من بعيد بواسطة نوّابه العامّين. فأسَّسَ سنةَ ١٧٨٧ في ديرِ الآباء اللعازريّين بحلب أخوّيّةَ القربان المقدَّس، التي نشرت عادةَ التطواف في الأعياد، وانتقلت لاحقًا إلى زحلة.
وفي سنةَ ١٧٩١ نُقِلَ إحصاءٌ عن حلب ذكر أنَّ سُكّانها ٢٢٨٠٠٠ نسمة، بينهم ٩٢٠٠ روم كاثوليك فقط، لكنَّ صِحّة هذه الأرقام مشكوكٌ فيها.
🧵قِصَّةُ الأَكمام (١٧٩٢)
خلال أوّل زيارةٍ للمطران جُرمانوس آدَم إلى أبرشيّتِه الحلبّيّة، نشبَ خلافٌ بينه وبين القَسِّ إسطفان جَربوع (ابن أخ النائب العامّ الخوري ميخائيل جَربوع) حولَ زوجِ أكمام ثمينة من متروكات المطران الراحل أغناطيوس جَربوع. فقد ادَّعى القَسُّ إسطفان أنّها مُكافأة له، بينما أكّد المطران أنّها حقٌّ لمَن يخلفُ سلفَه على كرسيِّ حلب.
الخلافُ كان في جوهرِه بسيطًا، لكنَّهُ تحوَّلَ إلى نزاعٍ كبير، إذ انضمَّ الخوري ميخائيل جَربوع وبعض وجهاءِ الطائفة إلى جانب إسطفان، بينما وقف الكهنة الآخرون مع مطرانهم. وتدخَّلَ البطريرك أثناسيوس جَوهَر مؤيِّدًا خصوم المطران، فزادَ الخلافُ اشتعالًا، حتى رفع جُرمانوس دعواه إلى الكرسيّ الرسوليّ في رومة.
وقد سُجّلت إجراءات متبادَلة من حرمانٍ ورباطٍ كنسيّ، ومكاتيب بين الطرفَين، مع وساطاتٍ فاشلة، خصوصًا من مطران بيروت أغناطيوس صَرّوف الذي دعمَ المعارضين. وأمام هذه التطوّرات، قرّر المطران جُرمانوس السفرَ إلى رومة في آب ١٧٩٢ لعرضِ قضيّتِه، فوصلَ إلى تريستا سنة ١٧٩٣ بسلام.
تكشف هذه الحادثةُ التافهة في أصلها، عن صراعاتٍ أعمقَ بين جُرمانوس آدَم والبطريرك جَوهَر، ومطران بيروت صَرّوف، كما تُظهِر حِدّة طبعِه واعتدادهُ بنفسه، مُقترنَين بعِلمٍ واسع وحِنكةٍ قانونيّة، جعلتهُ يُحوِّلُ أبسط القضايا إلى نزاعاتٍ كبرى. وقد أنهت رومة لاحقًا القضيّة بلُطفٍ، طالبةً إعادةَ الأكمام إلى صاحبِها، وإغلاقَ الملفّ نهائيًّا.
🌍 التّجوّل في إيطاليا (١٧٩٢-١٧٩٧)
أبحر المطران جرمانوس آدم من اللاذقيّة في آب أو أيلول سنة ١٧٩٢ متّجهًا إلى رومة، لكنه توقّف طويلًا في مدينة تريستا حتى ربيع ١٧٩٣ حيث استُقبل بإكرام. وكانت غايته إبطال قرارات مجمع دير المخلّص (١٧٩٠) وانتزاع أبرشية حلب من سلطة البطريرك وإلحاقها مباشرة بالكرسي الرسولي. غير أنّ قرار المجمع المقدّس الصادر في ٢٦ نيسان ١٧٩٣، والمصدَّق من البابا بيوس السادس في ١٩ أيلول من العام نفسه، جاء مخيّبًا لآماله، إذ رفض إخضاع حلب مباشرة لرومة، وأوصى البطريرك أن يعامله بلطف، في حين أُلزم المطران باحترام بطريركه وزيارته عند العودة، بل وطُلب منه أن يردّ “الأكمام” أو يدفع ثمنها “حُبًّا بالسلام”. وقد ظهر من هذا القرار أنّ رومة آثرت إرضاء البطريرك أثناسيوس جوهر وتجنّب غضبه المعروف أكثر من مراعاة حقوق جرمانوس. وفي أثناء غيابه توفي جوهر (١٧٩٤)، وانتُخب بعده كيرلس الرابع سياج الذي لم يلبث أن توفي (١٧٩٦)، ثم خَلَفه أغابيوس مطر، لكن جرمانوس لم يحضر أيًّا من هذه المجامع، إذ ظلّ مقيمًا في إيطاليا. وهكذا امتدّ غيابه ستّ سنوات كاملة، ولم يعد إلى أبرشيته في حلب إلا في ٧ نيسان ١٧٩٨، ليُطرح السؤال: ماذا فعل في إيطاليا خلال هذه المدة الطويلة؟
🤝اتصالات مشبوهة
حاول جرمانوس آدم في إيطاليا استمالة بعض الأساقفة لنصرة قضيته، لكن تجواله هناك قاده إلى الاحتكاك بلاهوتيين متطرّفين يشككون بسلطة البابا ويؤمنون بأولوية المجامع. تنقّل بين عدّة مدن إيطالية، وأعلن من مسّينا مقاطعته لمجمع انتشار الإيمان بعد توبيخ شديد تلقّاه في رومة عام ١٧٩٦. وقد تأثر خاصةً بالمطران شيبيو ريتشي، المعروف بمناهضته لسلطة البابا، كما تواصل مع أساقفة فرنسيين لاجئين إلى إيطاليا يحملون أفكارًا “غليكانية”. ومع ذلك، ظل يتابع شؤون أبرشيته من بعيد، فكتب إلى إكليروس حلب عام ١٧٩٧ رسالة يدحض فيها ادعاءات حارس الأراضي المقدسة بشأن إعادة منح سرّ التثبيت.
🏠 في حلب من جديد (١٧٩٨)
عاد المطران جرمانوس آدم إلى حلب في ٧ نيسان ١٧٩٨ بعد غياب ستّ سنوات في إيطاليا، لكنّه رجع متغيِّر الموقف من رومة، إذ بدأ ينشر بين أبناء طائفته أفكارًا غليكانية وفبرونية تشكّك في سلطة البابا، مما أثار اضطرابًا وتساؤلات بين المؤمنين. وكان عدد الروم الملكيين الكاثوليك في حلب آنذاك يقارب العشرين ألفًا.
🇱🇧 العودة إلى لبنان: خلافه مع المرسلين (١٧٩٩- ١٨٠٥)
انتقل جرمانوس آدم إلى لبنان سنة ١٧٩٩ وأقام في دير الملاك ميخائيل بالزوق، حيث خاض جدلًا ضدّ المرسلين، مستغلًّا الخلاف القائم حول الرهبانية السمعانية. كتب ردَّه الشهير على “صوت الآباء المرسلين”، وأدخل فيه آراء غليكانية وفبرونية متطرّفة، ما سبَّب بلبلة بين الكاثوليك. واجه انتقادات حادّة من البطريرك الماروني يوسف تيان، لكنّه رفض التراجع مؤكِّدًا استناده إلى علماء غربيين. وتبادل الطرفان الرسائل حتى تدخّل البطريرك أغابيوس مطر دفاعًا عنه. استمر الخلاف مع المرسلين حتى ١٨٠٣ وبلغ رومة، غير أنّ الدوائر الرومانية لم تتابع القضية بجدية. وفي النهاية أصدر البطريرك تيان سنة ١٨٠٥ منشورًا يمنع قراءة مؤلفات جرمانوس آدم.
📜دوره الرئيسّيّ في مجمع القرقفه (سنة ١٨٠٦)
كان للمطران جرمانوس آدم الدور الأبرز في المجمع الطائفي العام المنعقد في دير مار أنطونيوس القرقفه من ٢٣ تموز إلى ٣ آب ١٨٠٦، حيث حضره البطريرك أغابيوس مطر وتسعة أساقفة مع كبار الإكليروس، وكان الخوري ميخائيل مظلوم ممثلًا لإكليروس حلب وأمين سر المجمع. أعدّ جرمانوس آدم قرارات المجمع ووثّقها، ونقل بعض آراءه الغليكانية والفبرونية، ما جعل بعض المعاصرين يرونها متطرفة أو مخالفة للعقيدة، بينما لاحظ آخرون لاحقًا أنها غالبًا مجرد نقل لأفكار الغرب أو تقليد كنسي شرقي أرثوذكسي لا يتعارض مع جوهر العقيدة. وقد أثارت هذه القرارات جدلًا بين المؤمنين في حلب، وانتشرت في سورية قبل اعتمادها رسميًا. بعد وفاة جرمانوس آدم في ٦ آذار ١٨١٢، أصدر مجمع انتشار الإيمان تعليمات صارمة تشجب أفكار فبرونيوس وآباسيلاس التي روجها، وأمرت الطوائف بجمع كتبه وحرقها. ونهى البابا بيوس السابع سنة ١٨١٦ وجرى تجديد النهي في ٨ أيار ١٨٢٢، ثم حكم الكرسّي الرسولّي على مجمع القرقفه بتاريخ ٣ حزيران ١٨٣٥ بسبب دخول أفكار هرطوقية إليه.
⚔️ الجدالات اللاهوتّيّة في حلب
سنة ١٨٠٣ أنهى المطران جرمانوس آدم كتابه الكبير “إيضاح البراهين الثابتة في حقيقة الأمانة الأرثوذكسية”، الذي تناول فيه آراء تحدّ من سلطة البابا وتمنح المجمع المسكونيّ تفوقًا عليه، وتنكر سلطته المباشرة على الأبرشّيّات، مع التأكيد على استدعاء الروح القدس لاستحالة القرابين إلى جسد المسيح ودمه. ولعلمه بأن هذه الآراء مخالفة للتعاليم الكاثوليكية التقليدية، حرص على إبقاء الكتاب سرّيًا، واطلع عليه عدد قليل من إكليروسه، منهم الخوري ميخائيل النحويّ والقّسّ ميخائيل مظلوم.
لكن بعض المعارضين تمكنوا من الاطلاع على محتواه، فراحوا ينشرونه بين الشعب لتشويه سمعة المطران والانتقام من موقفه تجاه المرسلين، فتمزّقت الطائفة إلى حزب “الآدمّيّين” وحزب “المعارضين”، وتحولت المسائل الدينيّة الدقيقة إلى موضوع نقاشات حادة في الأسواق والسهرات. وعندما بلغت هذه الخلافات المطران في زوق مكايل، أصدر رسائل في تموز ١٨٠٩ تمنع المجادلة في تآليفه، وأعلن لكهنته أن رأيه مقبول مثل الرأي المعاكس ما دام الكرسي الرسولي لم يحسم القضية.
أصدر البطريرك أغابيوس مطر منشورًا يؤكد اعتقاده وتعاليم الطائفة التقليدية دون تحريم الرأي المخالف، ثم أصدر منشورًا ثانٍ في ٣٠ أيلول ١٨٠٩ يطلب فيه رفض الرأي المخالف. فتمسّك فريق “الآدمّيّين” بفهمه بحسب المنشور الأول، بينما اعتبر الفريق المعارض الرأي مرذولًا بحد ذاته، واستمر الخلاف حتى وفاة المطران جرمانوس آدم في ١٠ تشرين الأوّل ١٨٠٩، وما زالت هذه النزاعات تؤثر لاحقًا على انتخاب خلفه المطران مكسيموس مظلوم.
🕊 وفاته
توفي المطران جرمانوس آدم في ١٠ تشرين الأوّل سنة ١٨٠٩ بدير مار ميخائيل بالزوق، وحظي بجنازٍ حافل، ودفن في كنيسة الدير. عند وفاته، أعلن خضوع جميع مؤلفاته لحكم الكرسي الرسولي، مؤكّدًا أنه يموت كاثوليكيًا موحدًا بالحبر الأعظم وخاضعًا له. ورغم التحفّظات عليه، وثق الكرسي برسوليته وعلمه وتقواه وحنكته في إدارة الأمور، فكلّفه مجمع انتشار الإيمان بعد وفاته بإنهاء خلافات بين مطارنة الموارنة والسريان الكاثوليك. وقد رثاه المعلم نقولا الترك في ديوانه، مشيدًا بتقواه وفضله، وموثّقًا مكانته العلمية والروحية.
📚 إنتاجه الأدبيّ
- كتب كراريس وتقارير ضدّ البطريرك أثناسيوس جوهر وأنصاره من الرهبان المخلصّيين بين سنة ١٧٦٣ وسنة ١٧٦٨.
- ألّف “إيضاح اعتقاد الآباء القدّيسين ضد إلحاد المشاقّين” في حلب سنة ١٧٦٧.
- أنجز “الرّد على صوت المرسلين” في دير الملاك ميخائيل بالزوق في ٢٠ آذار سنة ١٧٩٩.
- صنّف “إيضاح البراهين اليقينيّة على حقيقة الأمانة الأرثوذكسية” في زوق مكايل سنة ١٨٠٣.
- كتب “منارة التعاليم النفيسة في شرح سلطة الكنيسة” في الزوق في ٢١ آذار سنة ١٨٠٤.
- أنجز “شرح التعليم المسيحيّ الصغير” في الزوق، وطُبع في مطبعة الشوير سنة ١٨٠٢، لكن البابا حرّمه في ٣ حزيران ١٨١٦، ثم نقّحه اليسوعيون لاحقًا.
- صنّف “شرح التعليم وقواعد الإيمان القويم” المعروف بالتعليم المسيحيّ الكبير، وطُبع في مطبعة الشوير سنة ١٨٠٢.
- جمع مجموعة مكاتبات وكراريس ومناشير رعويّة، محفوظة في المخطوطة رقم ٧٠ بمكتبة إكليريكية القديسة حنّة بالقدس الشريف.
- أعدّ سيرة السيّد المسيح من الأناجيل الأربعة في دير الشوير سنة ١٨٠٠، لتُقرأ في المنازل.
- ألّف “إرشاد إلى معلمي الاعتراف”.
- جمع أربعين خطبة دينيّة.
- ترجم بعض مجلّدات “تاريخ الكنيسة” للكردينال أورسي سنة ١٧٦٩ أثناء نيابته للبطريرك ثاوضوسيوس دّهّان في عكا.
- ترجم أيضًا “تاريخ مجامع الكنيسة المقدّسة” للراهب الفرنسي Jean Cabassut سنة ١٧٨٠ في دير الملاك ميخائيل بالزوق.
نقلاً عن كتاب “أساقفة الروم الملكيين بحلب في العصر الحديث”، مع بعض التصرف.
موسوعة قنّشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت