الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | حمص |
الطائفة | الإنجيلية العربية |
الموقع على الخريطة | ![]() |
✝️ بنوُدي ضاحي وبدايات الكنيسة الإنجيلية في الحفر
كان بنودي ضاحي أحد أبناء قرية الحفر شماسًا في الكنيسة السريانية، درس الكتاب المقدس وأحسن اللغة العربية واللغة السريانية على يد كاهن القرية الخوري يوسف نصر الله. وبحكم عمله كتاجر للعباءات ومستلزمات صنعها من صوف ووبر وغيرهما، احتك أثناء سفره إلى دمشق والقلمون بالإنجيليين الأوائل واقتنع بما يكرزون بعد دراسة وفهم، فأعلن فجأة تخليه عن المذهب السرياني الذي ورثه عن آبائه وأجداده، واستطاع إقناع أخويه (نفر ومطانس) بوجهة نظره فتضامنا معه وذهبا مذهبه، فأخذ المرسل الإيرلندي القس (سْتيورت) يزوره في قرية الحفر ويجتمع بالأشقاء الثلاثة ليدرسوا الكتاب المقدس شرحًا وتفسيرًا، فكانوا الرواد الأوائل للكنيسة الإنجيلية المشيخية في قريتهم منذ عام خمسة وتسعين وثمانمائة وألف (1895).
😔 المعارضة والمحن
لم يكن طريق بنودي ضاحي وشقيقيه مفروشًا بالورود، فقد عزّ على أهالي القرية بما فيهم أقرباؤهم أن يصبأ هؤلاء ويبدلوا مذهبهم ويأتوا «ببدعة» جديدة، ففي ذلك خروج على الدين (كذا). فحاولوا ردعهم بالحسنى تارة وبالإكراه أخرى، وبتسليط زبانية الدولة العثمانية عليهم دون جدوى، فقد كان إيمانهم أقوى من أن يتزعزع، والضغوط التي تُمارَس أوهى من أن تثنيهم عن ذلك الإيمان.
وكانت الاجتماعات تُعقد في منزلهم الصغير المجاور للكنيسة السريانية، ثم بنوا دارًا في ظاهر القرية فسيحة أصبحت فيما بعد مسرحًا للعمل الكرازي.
🇩🇰 الإرساليات الأجنبية ونشأة التعليم
حلّت إرسالية أمريكية محل الإرسالية الإيرلندية في رعاية حقل القلمون والحفر منه، وأخذ يرعاه القس (كروفرد) لعدة سنوات. وفي عام 1905 طلبت إرسالية دنمركية من الإرسالية الأمريكية حقلاً تعمل فيه، فتخلى لهم الأمريكيون عن حقل القلمون.
كان الدنمركيون لوثريين وكنيسة القلمون مشيخية، وكان يرأس الإرسالية القس (برب) ويساعده الطبيب الدكتور (فكسمول). وحصل خلاف بين القس (برب) و(بنودي) حين أراد تعميد ابنه اسطيفان، فطلب القس (برب) عرّابًا فرفض بنودي ذلك، وحجته أن العرّاب عبارة عن كفيل يتعهد تربية المعمود دينيًا، والأبوان هما المنوطان بهذه المهمة، والعرّاب الغريب عاجز عن ذلك، ومبادئ الكنيسة الإنجيلية المشيخية تقرر ذلك.
تمسك كل منهما بموقفه، فعاد القس إلى مقره في دير عطية، وبقي الطفل بدون عماد. فقصد بنودي ضاحي دمشق وأعلم القس كروفرد بما حصل، وهدد بعودته إلى مذهبه القديم إذا كانت الطقوس واحدة بين المذهبين، فتدارك الأمر القس كروفرد وأوعز للإرسالية الدنمركية بتطبيق المذهب المشيخي في القلمون أو مغادرته ليعود الأمريكيون لرعايته، فرضخ الدنمركيون للأمر الواقع.
🏥 النهضة الثقافية والصحية
نشط الدنمركيون بعد ذلك على الصعيد الثقافي والصحي والكرازي، واستخدمت إحدى غرف الدار الفسيحة كنيسة، وبعضها مدرسة، وجعل من بعض غرفها مستوصفًا يعوده الدكتور (فكسمول) الدنمركي والدكتور (داود كاتبه) العربي، وكانا يحضران من النبك على ظهور الخيل فيطبّبان المرضى ويوزعان الأدوية مجانًا.
واستقدموا المعلم نسيم ملوك من حمص عام 1909، كما أوفدوا نفر ضاحي إلى مدرسة سوق الغرب للدراسة ليعود ويصبح معلمًا في مدرستهم في بلدة صدد. ثم استقدموا المعلم خليل الجرجور من زحلة، حيث كان قد نزح عن قرية الحفر إليها وتعلم هناك وحصل على شهادة (الهاي سكول).
فازدهرت المدرسة وتوافد أطفال القرية ذكورًا وإناثًا، فالتعليم كان مختلطًا، كل ذلك قبل الحرب العالمية الأولى، واستمر حتى منتصف العقد الرابع من هذا القرن، حيث أُغلقت المدرسة لأسباب لا مجال لذكرها.
🎓 العلم والمعرفة
قُضي على الأمية في القرية، وتابع بعض أبنائها دراستهم في مدارس حمص ودمشق وسوق الغرب، وحصلوا على شهاداتهم من تلك المدارس، وانطلقوا في أوائل العشرينات من هذا القرن يعلمون في مدارس الإرسالية في القلمون (يبرود، النبك، دير عطية، الحفر، صدد، القريتين) حتى أطلق على الحفر اسم منجم المعلمين.
ومن هؤلاء الذين برزوا في التعليم:
نفر ضاحي، يوسف الطويل، خليل جرجور، بطرس جرجور، موسى ضاحي، فرحان ضاحي، اسطفان ضاحي، ضاحي ضاحي، جورج سركيس، حافظ جرجور، عيد الطويل، شكر جرجور، وديع ضاحي، نائل جرجور، توفيق جرجور، نجيب جرجور، عزة ضاحي.
ومن المعلمات: فضة ضاحي، ليديا ضاحي، فريدة ضاحي، نبيهة ضاحي، زينب ضاحي، ألس جرجور، هلن جرجور، نائلة جرجور، نورا جرجور.
⛪ العمل الكرازي وانتشار الإيمان
أما على الصعيد الكرازي، فقد اعتنق المذهب الإنجيلي على يد الدنمركيين نعمة جرجور وآل الطويل وموسى سركيس، وكان سبق هؤلاء يوسف طويل إلى اعتناقه في قرية فيروزة، وكان رائدًا في تلك القرية.
وقد خلف القس (برب) القس (سيكورد كلف)، ثم القس (روزن كويست) الدنمركيان في خدمة الكنيسة في القلمون، والقس حبيب داود، كما كان أكثر المعلمين الذين ذُكروا يقودون العبادة في كنائس المنطقة.
🕊️ وفاة بنودي ضاحي وإرثه الروحي
بقيت تلك الدار مقرًا للعبادة إلى أن بُنيت الكنيسة الحالية ودشنت في عام 1935، وبعدها بعام، وفي كانون الأول 1936، انتقل بنودي ضاحي إلى رحمة الله قرير العين.
فكتب القس (سيكورد كلف) الدنمركي الذي خلف القس (برب) مقالًا عنه في إحدى المجلات الدنمركية بعنوان:
«توفي الرجل الذي كان يعيش على جبل الجلجلة».
لم يكن بنودي مبشرًا تقليديًا، بل كان قدوة سار على هديه وسبيله كثيرون، حتى من الذين لم يعتنقوا المذهب الإنجيلي رسميًا.