الولادة: 1838
الوفاة: 1862
🌟 الميلاد والنشأة المبكرة
وُلِدَ “فرانشيسكو پوسّنتي” (جابريل فيما بعد) في 1 مارس 1838م، في أسيزي بإيطاليا. كان ترتيبه الحادي عشر بين ثلاثة عشر أخًا وأختًا، لأبيه “سانتي” الموظف بالحُكم المحلي، وأمه “أجنيس”. نالَ معموديته يوم ميلاده باسم “فرانشيسكو” تيمُّنًا بكونه أسيزي مثل القديس فرنسيس الأسيزي.
إنتقل والد فرانشيسكو بعد وقت قصير للعمل في “مونتالتو” ثم إلى “سبوليتو” حيث أصبح مُثَمِّن قضائي عام 1841م. في “سبوليتو” عانت الأسرة من ظروف محزنة عديدة: في ديسمبر نفس عام الانتقال توفيت الإبنة الرضيعة “روزا”، ثم توفيت الإبنة “أديلا” ذات السبعة أعوام في يناير 1842م، ثم توفيت الأم “أجنيس” في نفس العام، وكان فرانشيسكو في الرابعة من عمره.
في طفولته كان فرانشيسكو طفلًا صعب المِراس، شديد العصبية لفقدانه أمه، لكنه في المراهقة أصبح محل محبة وتقدير معارفه وجيرانه، لأنه كان مُهتمًا بأعمال الرحمة الروحية والجسدية، كما تعلَّم من الإنجيل، فأصبحت المحبة والعطاء تغلبان على الطابع العصبي. كما اشتُهِر بأناقته واعتدال مظهره، لكنه بقي من مفاعيل المُراهقة أنه كان مشغولًا بحضور حفلات المجتمع الراقي في “سبوليتو”، وسرعان ما أصبح أفضل من يجيد الإتيكيت ومراقصة الفتيات.
إرتبط عاطفيًا بإحدى فتيات المدينة واعتزم خطبتها، لكن تصادف في نفس الفترة أن يزور ديرًا لإخوة يسوع، وكان للزيارة أثر في تحريك دعوة مُغايرة لدعوة الزواج، فبدأ يتكوَّن روحيًا وتعليميًا في ديرهم، ثم انتقل ليقضي بعض الوقت في التكوين الديني العلمي لدى جامعة الأباء اليسوعيين في “سبوليتو”، وقد أظهر اهتمامًا وبراعة ملحوظة في الدراسة والتأمل، كما أتقن اللغة اللاتينية. وفي نفس الوقت تكونت رؤية واضحة لدى فرانشيسكو بأن دعوته هي في تكريس حياته لله من أجل الرسالة، ولكنه لم يتخذ قرارًا بذلك.
✝️ التجارب والمحنة العائلية
عام 1851م مَرِضَ فرانشيسكو، ولكنه تمسَّك بالأمل بأنه إن كُتِبَ له الشفاء فسيذهب فورًا ليترهَّب، ثم نسيَ وعده. وتكرَّر الأمر عندما نجى من رصاصة طائشة كادت تصيبه أثناء رحلة صيد مع أقرانه. ثم عادت تُخَيِّم الأحداث المُحزنة على الأسرة مرة أخرى، فقد توفي شقيقه “باولو”، وانتحر شقيق آخر هو “لورنزو” في عام 1853م، وعاود المرض جسد فرانشيسكو تأثرًا بوفاة شقيقيه، وكانت محنة المرض أشدّ من سابقتها، حينها قرَّر أن يقدِّم النذر الرهباني حال شفائه، وبالفعل أتمّ ذلك.
تقدَّم بدايةً للإلتحاق بالرهبنة اليسوعية، ولأسباب غير معلومة لم يتم قبوله. فكانت صدمة شديدة رافقتها صدمة وفاة شقيقته الكبرى “ماريا لوسيا” بالكوليرا، وهي التي كانت الأقرب إلى قلبه لأنها اعتنت به بعد وفاة والدته.
🕊️ الدعوة للرهبنة
الأخ “أولوسيوس” الراهب الدومنيكاني وشقيق فرانشيسكو، قام بإرشاده للتقدُّم لرهبنة آلام المسيح “Passionists” في مدينة “مورّوﭬـالي”. لم تكن هذه الخطوة تروق والد فرانشيسكو، الذي استعان بكثير من الأقارب لكي يقنعوا فرانشيسكو بالعدول عن فكرة الترهُّب، إلا أن محاولاتهم لم تنجح.
دخل فرانشيسكو مرحلة الإبتداء كطالب رهبنة في 19 سبتمبر 1856م، وبعدها بيومين تسلَّم زيّ رهبنة آلام المسيح، تحت اسم الأخ “جابريل للعذراء سيدة الآلام”، وقد جعل موضع تأمله وتكريسه في العذراء سيدة الآلام (الأحزان)، لأنه كان دائمًا يرى فيها الأم التي تُشاركه كل الأحزان التي ألمت به في محيط أسرته، بداية من اليُتم في سن مبكر ومرورًا بوفاة بعض أشقاءه. وفي العام التالي أعلن جابريل نذوره للرهبنة، وكان مُرشده الروحي الأب “نوربرت للقديسة مريم”.
📚 التكوين والدراسة
عام 1858م انتقل “جابريل” مع بعض زملائه طلبة الرهبنة إلى مدينة “بيـﭬـيتورينا” لإستكمال الدراسة لمدة عام، ثم اضطروا بسبب اضطرابات أن ينتقلوا إلى دير “ايزولا ديل جران ساسو” ببلدية “تيرامو”.
امتاز الأخ “جابريل” بتفوقه الأكاديمي بالتلازم مع ارتفاع قامته الروحية بالصلوات والأصوام والتأمل بالكتاب المقدس، وفي الوقت نفسه بدأت تظهر عليه أعراض مرض السُلّ. لم يكن خبر مرضه بالسُلّ مُحزِناً له، بل كان في الحقيقة مُفرِحًا، لأنه قرَّر أن يتوحد بآلام كل المرضى، ويدخل مدرسة الألم بشجاعة، بل إنه صلّى أن يموت ببطء كي يزداد تقدُّسًا بالألم.
❤️ الصبر والقداسة
كان دخوله في الألم غريبًا، فبدل أن تعود إليه طباعه العصبية التي عاش بها في طفولته، بداَ أكثر صبرًا وابتسامًا، وحافظ على واجباته الرهبانية كاملة، برغم أنه كان معفيًا من بعضها بحكم المرض ورأي الأطباء. وعندما سائت حاله ورقد على فراش الموت دون أن يستطيع القيام بواجباته، صار هو مصدر إلهام لإخوته بالدير، وكانوا يقضون كل أوقات راحتهم معه ليكتسبوا حماسًا وبسالة منه.
قُبَيل وفاته طلب إراق مذكراته الروحية، حتى لا تكون مجال إكرام له بعد وفاته، لأنه كان يرى نفسه غير مستحقّ، فقط بقيت مخطوطات مراسلاته ودراسته.
أثناء الخلوة الروحية بالدير التي تسبق نَيل سرّ الكهنوت، توفيَ جابريل بين إخوته بعطر القداسة، وهو يحمل الصليب وصورة العذراء سيدة الآلام،ً مُبتسما بسلام، في 27 فبراير 1862م قبل أن يُكمل عامه الرابع والعشرين بأيام.
🕯️ الوفاة والدفن
تم دفن الأخ جابريل في دير “ايزولا ديل جران ساسو” ببلدية “تيرامو”. في عام 1866م تم إجبار الرهبان على إخلاء هذا الدير، ولّت الكنيسة التي دُفِنَ جابريل تحت أحد مذابحها مهجورة لمدة 30 عامًا. على مستوى شعبي – غير رسمي – اشتهرت سيرة قداسة الأخ جابريل في “تيرامو”، وكان الناس يستشفعون به قبل أي إجراء لفت دعوى تطويبه، ولّوا يتوافدون على كنيسة الدير المهجورة يطلبون شفاعته، وكثيراً ما نالوا بها نعماً كانوا في حاجة إليها.
تم تطويب الأخ جابريل لسيدة الآلام على يد البابا بيوس العاشر عام 1908م، وقد حضر التطويب مرشده الروحي وبعض الإخوة الذين عاصروه في دير الإبتداء. وتم إعلان قداسته على يد البابا بندكتس الخامس عشر عام 1920م، ودُعي شفيعًا للشباب الكاثوليكي ولطلبة الإكليركيات، ويُعاد له في 27 فبراير.