الولادة: 1901
الوفاة: 1986
📜 السيرة والنشأة
يُعدّ الخوري يوسف داود المعروف بـ(بيلان) من الشخصيات الروحية والاجتماعية البارزة في تاريخ آزخ خلال القرن العشرين. وُلد عام 1901، ونشأ في بيئة إيمانية محافظة، تنتمي أسرته المتدينة العريقة إلى عشيرة (الكمكيين) ذهب والده توما داود إلى الخدمة العسكرية عام 1912 ولم يرجع. ظهر فيما بعد أن الأكراد اغتالوه في الطريق وهو عائد إلى بيته وأخفوا أثره عن العيون. ربته والدته مريم بنت يعقوب قس عبد الأحد تربية مسيحية صادقة غارسة فيه حب الكنيسة والمداومة على الصلاة ونذرته لخدمة الرب والشعب ما أسهم في توجّهه المبكر نحو الخدمة الكهنوتية في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.
تتلمذ بعدئذ في بلدته آزخ على يد بعض المعلمين ورجال الدين في دراسة السريانية والعربية، وفي مقدمتهم المطران بهنام عقراوي، أما الألحان الكنسية السريانية فقد تعلمها من الشماس جبرائيل جمعة( المدرس في مدرسة آزخ) ومن القس صموئيل ملكي وغيرهما، ثم تعلم التركية والكردية أيضا.
تزوج ابنة الأسقف حنا إيليا، ورزق منها أربعة صبيان وهم: الأب توما بيلان ( أحد كهنة السران في ألمانيا)، وعبد لله، والشماس يعقوب، والشماس سامي وسبع بنات ربّاهنّ تربية صالحة غارسًا فيهن حب الله والكنيسة والوطن والتراث السرياني المجيد.
في 11\ 4\ 1946 رسم قسيسًا لكنيسة العذراء في آزخ. وفي عام 1955 ترك بيته وعاش في الكنيسة عيشة الرهبان منقطعً ا إلى الصوم والصلاة والتأمل وخدمة الكنيسة والتراث، فكان يكتب الشعر والنثر (بالسريانية والعربية) تعبيرًا عن خوالج نفسه وصونًا لتاريخ شعبه.
كرّس الخوري داود حياته للخدمة الدينية والرعوية، فاضطلع بدورٍ مهم في رعاية أبناء رعيته روحيًا واجتماعيًا، ولا سيما في الفترات الصعبة التي مرّت بها المنطقة، حيث كان للكهنة دور أساسي في الحفاظ على تماسك المجتمع وصون هويته الدينية والثقافية.
وفي عام 1969 رُسم خوريًا، وقد تابع خدماته ولم يبارح كنيسته التي رسم لها، حتى بلغت سنوات خدمته في آزخ 41 سنة متصلة دون أي انقطاع.
📚 النشاط الثقافي والتوثيقي
لم تقتصر مكانته على الجانب الكنسي فحسب، بل كان يُنظر إليه كشخصية اجتماعية مرجعية، يُستأنس برأيه ويُحتكم إلى حكمته في شؤون الناس، وهو ما يفسّر إدراج اسمه ضمن الشخصيات التي وثّقها كتاب «آزخ: أحداث ورجال» تقديرًا لدوره وتأثيره.
شغف الخوري يوسف داود بحب كنيسته ولغتها السريانية وبحب بلدته آزخ وأهلها، فلم يتوقف منذ أن رُسم كاهنًا عن تعليم الطلاب اللغة والتراث والصلوات والألحان.
من تلامذته: الشماس الياس كلي (في المالكية)، الشماس عيسى بهنان ( في آزخ)، الدكتور يوسف سعيد والكثيرون غيرهم، عددهم أكثر من الثلاثمئة، وهم موزعون اليوم في شتى بلدان العالم: من تركيا (استنبول) إلى السويد، ومن أوروبا إلى أستراليا.
إضافة إلى ديوانه الشعري باللغة السريانية الذي نشر بعض قصائده المطران يوليوس جيجيك في كتاب “سيفي” فقد كتب تاريخ آزخ القديم والمعاصر، وعلى أقوال الشيوخ الذين سبقوه، وعلى ما رآه وعاشه، خاصة أحداث عام 1915 وعام 1964. وبهذا ترك للأجيال المقبلة عملا تاريخيا هامًا يحتوي على معلومات ووثائق قيّمة جدًا.
استمر الخوري يوسف داود (بيلان) في خدمته حتى سنواته الأخيرة، وتوفي يوم الأحد المصادف 24\ 8\ 1986، بعد حياة حافلة بالعطاء الكنسي والإنساني، وقد بلغ من العمر 85 سنة تاركًا أثرًا طيبًا في ذاكرة أبناء آزخ، ومكانة محفوظة ضمن سجل رجالها الروحيين. وقد دُفن في مقبرة الكنيسة، في هيكلها المقدس. قام يتشييع جثمانه الحبر الجليل مار طيمثاوس صموئيل مطران طور عبدين وبازبدي (آزخ) يرافقه عدد كبير من الخوارنة والقسس والشمامسة، والشعب الآزخي قاطبة.