الولادة: –
الوفاة: 418
القديس زوسيموس (Zosimus), البابا الرسولي رقم 41 والذي خدم في أوائل القرن الخامس، في فترة حساسة من تاريخ الكنيسة، وواجه فيها جدالات عقائدية وتنظيمية مهمة. يُعتقد أنه من أصل يوناني. مدة حبريته كانت من 18 مارس 417 م حتى وفاته في 26 ديسمبر 418 م. دُفن في بازيليك القديس لورينس خارج الأسوار (San Lorenzo fuori le Mura). لا يُحتفل به رسمياً كقديس عام، ولكن يُذكر باحترام ضمن التاريخ البابوي.
سيرته ودوره الكنسي
زوسيموس خَلَف البابا إينوسنت الأول في وقتٍ كانت فيه الكنيسة منشغلة بقضايا عقائدية خطيرة أبرزها:
الخلاف مع أتباع بيلاجيوس (البيلاجيانية): البيلاجيانية هي بدعة تنكر الخطيئة الأصلية وتقلل من أهمية النعمة الإلهية. في بداية حبريته، زوسيموس بدا متساهلًا مع بيلاجيوس وصديقه اللاهوتي سيليستيوس، إذ قبِل دفاعهم عن أنفسهم وظن أنهم أرثوذكسيون. هذا القرار أثار غضب أساقفة إفريقيا، خاصة القديس أوغسطينوس. بعد مراجعة إضافية واطلاعه على التفاصيل الدقيقة، غيّر موقفه لاحقًا وأدان تعاليم بيلاجيوس رسميًا عام 418 م في مرسوم يُعرف بـ “Epistola Tractoria”. هذا القرار كان حاسمًا في دحض البدعة في الغرب.
الخلاف حول أسقفية آرل (جنوب فرنسا): حصل نزاع بين أسقفين حول من له الأحقية في كرسي آرل. البابا زوسيموس منح الشرعية للأسقف باتروسينوس، مما أثار خلافاً بينه وبين أساقفة غاليا. هذا أبرز التحديات التي كانت تواجه سلطة روما البابوية في المناطق الغربية من الإمبراطورية.
تعزيز سلطة روما البابوية: تمسّك زوسيموس بسلطة أسقف روما كرأس للكنيسة الجامعة، وأكد أنه المرجع الأعلى في الشؤون العقائدية والانضباطية.
رسائله، خاصة إلى إفريقيا وغاليا، تتضمن لغة قوية حول أولوية الكرسي الرسولي المستند إلى بطرس الرسول.
مكانته وتأثيره
على الرغم من قصر مدة حبريته (حوالي 1 سنة و9 أشهر)، إلا أنه لعب دوراً كبيراً في دحض البيلاجيانية، وهي واحدة من أخطر البدع في تاريخ الكنيسة الغربية. يُحترم بسبب تصحيحه لموقفه الأول، مما يدل على تواضعه ورغبته في حفظ الإيمان السليم. ورد اسمه في رسائل القديس أوغسطينوس ضمن السياقات الجدالية حول بيلاجيوس. لم يُعلَن قديساً رسمياً في معظم التقاليد الغربية، لكن يُذكر تاريخيًا باحترام كراعٍ صالح قاوم الهرطقة بعد التدقيق.
البابا زوسيموس يُعتبر شخصية انتقالية مهمة في تاريخ الكرسي الرسولي، حيث واجه واحدة من أهم أزمات اللاهوت الغربي، وأثبت أهمية الحكمة والتدرّج في اتخاذ القرار اللاهوتي السليم. قراره النهائي بإدانة البيلاجيانية أسهم في بلورة العقيدة حول الخطيئة والنعمة، والتي تبنّاها لاحقاً مجمع ترينت في القرن السادس عشر.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت