الولادة: 1891
الوفاة: 1970
📜 حياته
وُلِدَ البطريركُ أبونا باسيليوس، في 23 أبريل 1891. اسمُهُ العَلماني (جبري جيورجيس ولدتساديك)، في مَدَى مكايل، وهي قريةٌ في منطقةِ مرهابيت في شيوا بأثيوبيا. كان والدهُ ممهير ولدتساديك، مسؤولًا كنسيًّا محترمًا. تلقّى جبري جيورجيس في مسقطِ رأسهِ تعليمًا ابتدائيًّا في الكنيسةِ المحليّة، ثم دخل دير ديبري ليبانوس حيثُ تلقّى تعليمًا دينيًّا متقدّمًا. رُسِمَ راهبًا في سنّ 21، وخدم في الدير مدّة 12 عامًا. ثم تمَّ تعيينُهُ مُدبِّرًا للعديد من الكنائس في إثيوبيا، وأبرزها كنيسة القدّيسة مريم في ميناجشا. في أوائل عام 1923، تمَّ ترشيحُهُ رئيسًا للكنائسِ والأديرةِ الإثيوبية في القدس بلقب «ممهير».
بقي ممهير جبري جيورجيس في القدس مدّة عامين، حيثُ اكتسب المعرفةَ اللاهوتيّة ليُصبِح رئيسَ دير ديبري ليبانوس في عام 1933. (في ذلكَ الوقت كانت هذه أعلى رتبةٍ لإثيوبي داخل الكنيسة، لأن منصبَ أبونا، أو رئيس الأساقفة، كان دائمًا يُشغَلُ من قِبَلِ مطرانِ الكنيسة القبطية). أثناء الغزو الإيطالي، رافق جبري جيورجيس الإمبراطور هيلا سيلاسي والقوات الإثيوبية في معركة مايشو ولكنهم هُزِموا. عاد جبري جيورجيس بصحبةِ الإمبراطور إلى أديس أبابا، ثم إلى المنفى، وعرضوا قضيةَ إثيوبيا على عصبة الأمم.
خلال الاحتلال الإيطالي، عاش جبري جيورجيس في المنفى في القدس، حيث ظلّ على اتصالٍ مع أربنيوتش، أو مقاتلي المقاومة داخل إثيوبيا. أثناء الاحتلال، كان رئيس الأساقفة القبطي للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية أبونا كيرلس قد خضعَ في البداية للحكم الإيطالي. في وقتٍ لاحق، عاد رئيس الأساقفة إلى مصر وندّد بالاحتلال الإيطالي، فقامت السلطات الإيطالية بشكلٍ غير قانوني بتعيين أسقف جوجام الإثيوبي المولد «أبونا» إبراهيم كرئيس أساقفة جديد للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية في عام 1937، وسمحوا له بمسح أساقفةٍ بدون موافقة بطريركية الأقباط بالإسكندرية. عند وفاة «أبونا» إبراهيم، أُقيمَ «أبونا» يوأنس رئيسًا للأساقفة. لم يعترف البطريرك في مصر ولا الإمبراطور المقيم في المنفى بهؤلاء الأساقفة المعيَّنين من قِبَلِ الإيطاليين. ومع ذلك، اعتبر الإمبراطور أن أبونا كيرلس قد تعاون أوّلًا مع العدو ثم تخلّى عن قطيعه. في عشية عودة الإمبراطور هيلا سيلاسي إلى إثيوبيا، اقترحت السلطات الكنسية القبطية أن يرافق أبونا كيرلس الإمبراطور، لكن عُرِضَ الاقتراحُ وتمَّ رفضُه، واختير رئيس دير ديبري ليبانوس بدلًا منه. كما لاحظت مارغاري بيرهام: «الصور الفوتوغرافية لتلك اللحظة الدرامية عندما خطا الإمبراطور عبر الحدود في المنطقة البرية ورفع علمه، تُظهِر رئيس دير ديبري ليبانوس يرتدي أرديةً احتفاليةً سوداء متدفقة بجانبه.»
بعد تحرير إثيوبيا عام 1941، صار جبري جيورجيس هو الرئيس الفعلي للكنيسة الإثيوبية، وذلك بسبب رفض الإمبراطور استقبال «أبونا» يوأنس أو الاعتراف به كرئيس أساقفة، وبسبب رفض رجال الدين عمومًا قبول عودة أبونا كيرلس. أثناء ذلك، كانت تجري مفاوضاتٌ لتسوية وضع الكنيسة مع البطريركية القبطية.
كرَّس البابا القبطي يوساب الثاني جبري جيورجيس رئيسَ أساقفة إثيوبيا باسم أبونا باسيليوس في يوليو 1948، خلال حفلٍ أُقيمَ في كاتدرائية مارمرقس في مصر. في عام 1950، عند وفاة أبونا كيرلس، أصبح أبونا باسيليوس رئيسًا للكنيسة الإثيوبية، مع السلطة الكاملة لترشيح الأساقفة ورؤساء الأساقفة. خلال احتفالٍ مهيبٍ في عام 1959، حضره الإمبراطور هيلا سيلاسي، كرَّس البابا القبطي كيرلس السادس في كاتدرائية مارمرقس بمصر أبونا باسيليوس كأوّل بطريرك كاثوليكوس للكنيسة التوحيد الإثيوبية الأرثوذكسية.
⛪ البطريرك
كان يُنظَرُ إلى أبونا باسيليوس على أنّهُ شخصيةٌ محافظةٌ وتقليديةٌ داخل الكنيسة، على عكسِ خليفته أبونا ثاؤفيلوس الذي كان آنذاك رئيسَ أساقفة هرار وكان من المصلحين. نظر البطريرك أبونا باسيليوس إلى كلِّ بدعةٍ بريبةٍ شديدة.
كان أبونا باسيليوس رجلًا تقيًّا للغاية، ركّز بشكلٍ كبير على الصلاة والصوم، فتركَ العديد من واجباته لأبونا ثيوفيلوس الذي عمل نائبًا له، ثم بصفته بطريركًا بالنيابة عندما بدأت صحة أبونا باسيليوس تتدهور بعد عام 1963.
كان أبونا باسيليوس واحدًا من الأشخاص القلائل الذين على الرغم من احترامهم الشديد للإمبراطور، إلا أنّه لم يَخْشَهُ بل احتفظ بآرائه ومبادئه. من المعروف أنّه كان صريحًا ومنفتحًا مع الإمبراطور، ولم يتردد يومًا في إخباره بالحقيقة حتى وإن كان ذلك لا يُرضيه. عندما اعتقد البطريرك أن تصرفات الحكومة أو الإمبراطور نفسه تتعارض مع ما يراه صوابًا، كان يُهدِّدُ بالذهاب إلى دير ديبري ليبانوس، وهو تهديدٌ كان يأخذه الإمبراطور على محمل الجد، وغالبًا ما يُغيّر رأيه. خدم البطريرك في مجلس الكراون، وكان من أكثر مستشاري الإمبراطور تأثيرًا.
في عام 1960، شنَّ الحرس الإمبراطوري «كبرذاباجنا» محاولة انقلاب ضد الإمبراطور أثناء زيارته للبرازيل. أُعلِنَ خلعُ الإمبراطور وحكومته، وأن ولي العهد أسفاو ووسن سيعمل كملكٍ وفقًا للدستور، وأن الإصلاحات ستُنفَّذ. لكن الجيش الإمبراطوري وسلاح الجو عارضا الانقلاب. أرسل قادة الانقلاب مبعوثين للبطريرك، لكنه رفض الاعتراف بالانقلاب وأعلن أن الحرس لا يملك سلطة عزل إمبراطور مُسِحَ من الكنيسة. وأصدر حَرْمًا ضد المشاركين فيه. طُبِعَ البيان ونُشِرَ ووزِّعَ فوق أديس أبابا بمروحيات الجيش، واستخدمه الجيش لحشد الدعم، حتى سُحِقَ الانقلاب.
بعد ذلك، طاف البطريرك على ثكنات الجيش لطمأنة الجنود ووعدهم بزيادةٍ في الرواتب، لكن الإمبراطور لم يستطع تنفيذ الوعد، فغضب أبونا باسيليوس وذهب إلى دير ديبري ليبانوس احتجاجًا. ذهب الإمبراطور بنفسه وأقنعه بالعودة ومنح زيادةٍ أقل للجنود.
🌿 السنوات الأخيرة
بدأ أبونا باسيليوس يقضي وقتًا متزايدًا في دير ديبري ليبانوس بعد أن تدهورت صحته في أوائل الستينيات. ترك واجباته لأبونا ثيوفيلوس، وقضى وقتًا أطول في الراحة والصلاة في الدير، ونادرًا ما ظهر في البطريركية أو البلاط الإمبراطوري. كان أضعف من أن يشارك في مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بأديس أبابا عام 1965، فمثّله أبونا ثيوفيلوس.
توفّي البطريرك أبونا باسيليوس، أوّل بطريرك وكاثوليكوس للكنيسة التوحيد الإثيوبية الأرثوذكسية، في 13 أكتوبر 1970. وبعد جنازةٍ رسميّةٍ في كاتدرائية الثالوث القدوس بأديس أبابا، حضرها الإمبراطور والعائلة الإمبراطورية والحكومة والسلك الدبلوماسي، دُفِنَ في دير ديبري ليبانوس. وخلفه أبونا ثيوفيلوس.