الولادة: 1899
الوفاة: 1981
🕊️ نشأته
وُلد ميشيل بن نقولا ميخائيل توتونجيّ في الإسكندرونة في ٢ شباط ١٨٩٩، لوالديه اللذين نزحا إليها من حلب لأعمال تجارية. تلقى تعليمه الأول في مدرسة أخوة المدارس المسيحية، ثم أرسله الأب سلوانس خروف إلى دير الشير ليترهب، حيث ارتدى ثوب الابتداء الرهباني في ١٠ تشرين الأول ١٩١٤ وحمل اسم أثناسيوس. أظهر نذوره الرهبانية الأولى في ٢٩ تشرين الأول ١٩١٦، وقضى أربع سنوات في الدراسة والعمل داخل الدير، قبل أن يُرسل إلى المدرسة الصلاحية في القدس عام ١٩٢٠ لتلقي علومه الثانوية والفلسفية واللاهوتية، ونال رتبة الشماس في ٢٥ تموز ١٩٢٦ والسيامة الكهنوتية في ٢٠ تموز ١٩٢٧. بعد تدريسه في المدرسة الصلاحية سنتين، عاد إلى ديره ليشغل وظائف تعليمية ورعائية متنوعة، وصولاً إلى رئاسة دير النبّي أشعيا في برمانا. في حزيران ١٩٣٣ عُيّن رئيسًا عامًا للرهبانية الباسيلية الحلبية، وحصل على رتبة إيكونوموس من البطريرك كيرلس مغبغب، ثم سيّامته أسقفًا على أبرشية حمص وحماه ويبرود في ٢٦ تشرين الثاني ١٩٣٨، حيث خدم ٢٣ سنة قبل أن يُعيَّن مدبّرًا بطريركيًا لأبرشية حلب بعد وفاة المطران إيسيذورس فّتّال.
🕊️ مطران حلب
عُيّن البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ المطران أثناسيوس توتونجيّ مطرانًا لأبرشية حلب وسلوقية وقورش بعد اجتماع الأساقفة في بيروت يوم ٥ كانون الأول ١٩٦١، ودخل حلب في ٣١ كانون الأول ١٩٦١، مع نائبه العام في البداية الأسخروس جورج ماني، ثم خلفه بطرس جحا، وأمين سره الخوري جرمانوس مصريّ.
في عهده، احتفلت حلب باليوبيل الفضّي لمنظمة الشبيبة العاملة المسيحية من ١٣ إلى ٢٠ أيار ١٩٦٢، وأُنشئت “الجمعية النسائية لرعاية العجزة واليتيمات” لإصلاح دار العجزة في شارع المبلط، وتوفير الماء والكهرباء، وتجهيز الغرف وتقديم الطعام اليومي لنزلائها الذين بلغ عددهم نحو خمسين، ولا تزال الجمعية تعمل حتى اليوم.
أولى المطران توتونجيّ اهتمامًا كبيرًا بمدارس الطائفة، فكوّن لجنة للمدارس الطائفية توسعت في بناء مدرسة القديس ديمتريوس للبنين بإضافة طابق جديد وشراء دار مجاورة، وفي مدرسة القديس ديمتريوس للبنات شُيّد طابقان جديدان، وافتُتح الجناح الجديد في ١١ كانون الثاني ١٩٦٣. وفي صيف ١٩٦٤ ساهمت لجنة فتيات كريمات برئاسة الآنسة لينا أنطاوي ببناء طابق جديد في مدرسة جبل السيدة، بمساهمة مالية بلغت خمسة آلاف ليرة، وأكمل الوقف باقي النفقة، ولا تزال هذه اللجنة تعمل باسم “مشاريع جبل السيدة”.
شارك المطران توتونجيّ في جلسات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ابتداءً من ١١ تشرين الأول ١٩٦٢ حتى الدورة الرابعة في خريف ١٩٦٥، وعرف بتقديره للمتفوقين في خدمة المجتمع، فاستحصل لهم على أوسمة بابوية، كما منح الخوري أيرلس عقاد رتبة أرشمندريت في ٢ شباط ١٩٦٤.
🕊️ مشروع كنيسة القديس جاورجيوس
ركّز المطران توتونجيّ اهتمامه على بناء كنيسة القديس جاورجيوس الجديدة، مؤلفًا لجنة خاصة لذلك، ووافق في ٤ تموز ١٩٦٣ على الخرائط النهائية للمهندس الإيطالي لوشيو دي ستيفانو، مع تعديلات المهندس تشالنكو. بدأ العمل مطلع عام ١٩٦٤ بسياج حول الأرض لتسهيل متابعة العمل وحماية المارة، لكن واجه صعوبات بسبب الطبقة المائية وانحدار الصخر.
في خريف ١٩٦٤، أُنجز الأساس في النصف الشرقي، واستخدمت الحفارات للقسم الغربي وصبّت الأساسات بالأوتاد المسلحة، مع مساهمات كبيرة من الياس عازار التي أبقاها سرية. توقف العمل مطلع ١٩٦٥، ثم استُؤنف في الربيع، وارتفعت الركائز وُصُبَّ السقف، مكتملًا الطابق الأرضي مع درج المدخل الغربي بحلول تشرين الأول ١٩٦٥.
توقف العمل مجددًا بسبب وفاة المهندس الحلبّي ويلفور بالّي وتأخر الخرائط ونفاد الموارد، فسافر المطران توتونجيّ لجمع التبرعات من الجاليات العربية في أميركا الشمالية وفنزويلا. غادر حلب في ١١ أيار ١٩٦٦، وزار بوسطن والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، وجمع حوالي ٢٣٠ ألف ليرة سورية.
بعد عودته إلى حلب، استؤنف العمل، وبحلول استقالته في ٦ آذار ١٩٦٨ كانت الأعمدة والجدران والسقف مصبوبة بالباطون المسلّح، وبدأ وضع قالب قبة الكنيسة العظمى، مما يوضح التقدم الكبير في المشروع تحت إشرافه المباشر.
🕊️ من ذكريات مطرانيته
ازدهر في عهده مشروع مصيف آسب، الذي أسسه وأداره الأَسرخوس جورج ماني، ثم سجّل باسم الأبرشية لضمان استعماله الدائم لأبناء الطبقة العاملة.
قبيل عيد الميلاد ١٩٦٣ سافر إلى القدس للمشاركة في استقبال قداسة البابا بولس السادس، والتقى هناك بالبطريرك المسكوني أثيناغوراس.
في ٣٠ أيار ١٩٦٤ رافق البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ في زيارة ودّية إلى البطريرك أثيناغوراس في القسطنطينية، برفقة الأرشمندريت أغناطيوس ديك الذي وثّق الزيارة.
في ٢٨ حزيران ١٩٦٤ دُشّن آنيسة القديسة متيلدا التي أقامتها مؤسّسة جورج ومتيلد سالم الخيرية، بحضور المطران توتونجيّ والبطريرك.
منح السيامة الكهنوتية للأب يوحّنا جاموس (٢٥ شباط ١٩٦٢)، والأب حكمت جاموس (٥ نيسان ١٩٦٤)، والأب جورج بلدي (٢٥ كانون الأول ١٩٦٦).
بعد استقالة الأَسرخوس جورج ماني (٥ آذار ١٩٦٧)، عيّن المطران بطرس جحا نائبًا أسقفيًا عامًا، ومنح رتبة الشماس الإنجيلية للطالبين جان جنبرت ونقولا صّوّاف (٨ آذار ١٩٦٧).
نجح في إقناع المطران يوسف معلوف بتعيين ثلاث راهبات من راهبات الخدمة الصالحة لإدارة الشؤون البيتية في مطرانية حلب (مايو ١٩٦٦).
خلال الاعتداء الصهيوني على سوريا (حزيران ١٩٦٧)، شارك مع أساقفة حلب في الدفاع المدني، والتدريب على الإسعاف، وحث الكهنة والراهبات على الانخراط في المشافي ومراكز الإسعاف لأداء مهامهم الإنسانية والوطنية.
🕊️ المرض والاستقالة لمطران أثناسيوس توتونجيّ
في مطلع تموز ١٩٦٧، تعرض المطران توتونجيّ لأزمة قلبية خطيرة نقل على إثرها إلى مستشفى القديس لويس، تحت إشراف الدّكتور نوئيل مكربنة، وأمضى هناك حوالي شهر لتلقي العلاج.
بعد عودته إلى مطرانية حلب، استقر في غرفته الخاصة لمواصلة الراحة والعلاج.
بعد وفاة البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ (٥ تشرين الثاني ١٩٦٧) وانتخاب البطريرك مكسيموس الخامس حكيم (٢٣ تشرين الثاني ١٩٦٧)، أدرك المطران توتونجيّ أن صحته المتدهورة لم تعد تسمح له بممارسة مهامه بشكل كامل.
قدم استقالته للغبطة البطريرك الجديد في ٢ شباط ١٩٦٨، ووافق السينودس المقدس في ٦ آذار ١٩٦٨، عُيّن بدلاً عنه المطران نافيطوس إدلبي، المستشار البطريركي.
بعد تنظيم أموره ووداع أبناء أبرشيته، اعتزل المطران توتونجيّ الحياة العملية وانتقل للعيش في دير المخّلص قرب صربا (لبنان)، حيث عاش حياة رهبانية تقية حتى وافته المنية في دمشق بتاريخ ٢١ شباط ١٩٨١، ونقل جثمانه إلى دير المخّلص ودفن في مقبرته.
ترك مثلاً رائداً في التجرد والرحمة والصبر، حيث استقال حفاظًا على صحته ولإفساح المجال للآخرين لمواصلة خدمة الأبرشية، مجسّدًا الصبر والتحمل في مواجهة المصاعب والتحديات.
نقلاً عن كتاب “أساقفة الروم الملكيين بحلب في العصر الحديث”، مع بعض التصرف.