| الدولة | العراق |
|---|---|
| المحافظة – المدينة | كركوك |
| الطائفة | كلدان |
| الموقع على الخريطة |
🕍 كنيسة الحمراء في كركوك — مدخل وتسمية
كنيسة الحمراء في كركوك تاريخها حافل بمعجزات ربنا يسوع المسيح منذ القرن الرابع للميلاد. كانت مدينة كركوك تُسمى (كرخ سلوخ)، إلا أن هذه الكنيسة تُعرف الآن بمقبرة (طهمازكرد)، وهو القائد المجوسي الفارسي الذي استُشهِدَ على يده عشرات الآلاف من مسيحيي مدينة كركوك وضواحيها، وذلك قبل اعتناقه وقبوله هو وجنوده المسيحية دينًا وعقيدةً.
🩸 سبب التسمية — الأرض الملطخة بدم الشهداء
أما سبب تسميتها بكنيسة الحمراء — والمعروفة أيضًا لدى أهالي كركوك من جميع الأديان والطوائف باسم (قرمزي كليسه) — فهو أنها أُريقَت على أرض هذه الكنيسة دماء طاهرة لعشرات الآلاف من المسيحيين، فاصطبغت تربتها الزكية بدماء الشهداء حتى تحوَّل لونها إلى أحمر قانٍ، فبُنيت على هذه البقعة المقدسة كنيسة سُمّيت كنيسة الحمراء.
👑 خلفية تاريخية — الحملة الفارسية
تاريخ هذا الحدث العظيم أو بالأحرى هذه المعجزة الإلهية هو كما يلي: في عهد الملك الفارسي بزدجر الثاني، التي كانت عاصمتها المدائن (التي تُعرف حاليًا بسلمان بك شرق بغداد)، أرسل الملك حملة عسكرية بقيادة طهمازكرد إلى مدينة كركوك لإجبار ساكنيها المسيحيين على ترك ديانتهم ومعتقداتهم المسيحية واعتناق المجوسية التي كانت الإمبراطورية الفارسية تدين بها.
إلا أن القائد المجوسي طهمازكرد عندما حضر إلى كركوك مع جيشه الجرار، أمهل المسيحيين الساكنين فيها ثلاثة أيام فقط لاعتناق المجوسية وترك الإيمان المسيحي، وبانقضاء هذه المدة أُخبِرَ أنهم إن أصروا على ثباتهم بالدين المسيحي فسيساقون إلى تلة أو هضبة تقع شمال مدينة كركوك لاستشهادهم بالسيف، وقد بُنيت على تلك الهضبة كنيسة الحمراء لاحقًا.
🙏 تجمع المؤمنين وقرار الاستشهاد
وبانقضاء المهلة القصيرة (ثلاثة أيام) تقاطر المسيحيون إلى الكنيسة وتجمعوا فيها في اليوم الثالث والأخير. من تلك الكنيسة بدأوا السير أفواجًا أفواجًا نحو مكان استشهادهم وهم يرتلون المديح ويهللون بفرح بُغية اللقاء العاجل بربنا يسوع المسيح في السماء.
👩👦 معجزة مرتا وولدَيها
وأثناء سيرهم في أزقة كركوك حدث ما لم يكن في الحسبان، إنها معجزة إلهية حقًا. إذ سمعت امرأة تُدعى مرتا أصوات التراتيل والابتهالات، فتركت العجينة والتنّور المهيأ للخبز، وأمسكت بولديها، وكانا لم يتجاوزا العاشرة من عمرهما، فهرولت مسرعة إلى الجموع الغفيرة من المصلين والمرتلين المتجهين إلى ساحة الاستشهاد. وصلت إلى المكان الذي كان القائد طهمازكرد وجنوده يتحضرون فيه لعملية الاستشهاد، فاستشرطت على القائد ثلاثة شروط هي:
ضرب عنق ولديها أمام عينيها.
ثم ضرب عنقها.
وأخيرًا النظر إلى السماء ليرى ما سيحدث.
✝️ تحول القائد والمعجزة الظاهرة
لم يقبل القائد المجوسي في بادئ الأمر شروط هذه المرأة المؤمنة المتلهفة للقاء ربها وابنيها، متذرعًا بأنهما صغيران ولم يعرفا حقيقة الدين المسيحي، لكن مرتا أصرت على أنها لن تدع فلذات كبدها يعتنقون المجوسية. وبعد جدال ونقاش حاد اضطر القائد إلى تنفيذ الشروط الثلاثة واحدة تلو الأخرى.
وعند إكمال الشرط الثالث رفع القائد عينيه إلى السماء فنظر وشاهد ما لم تشهده العين من قبل، إذ رأى الملائكة نازلين من السماء بسلالم من نور، يسبحون أرواح الشهداء ويصعدونهم إلى السماء، ومن بينهم أرواح ولدي مرتا ومرتا نفسها. حينئذ رمى السيف من يديه وألقاه بعيدًا عنه وأعلن لجنوده أنه تَنَصَّرَ، فقبل المسيحية دينًا وعقيدةً له. تفاجأ الجنود بإعلانه، فسألوه: «ماذا حدث؟ هل سحرتك المرأة؟» فأجاب: «انظروا وارفعوا رؤوسكم عاليًا إلى السماء لتروا ما يحدث!» فلما أبصر الجنود تلك المعجزة العظيمة انضموا إلى قائدهم وأعلنوا قبولهم المسيحية وآمنوا بالرب.
⚔️ رد الإمبراطورية والنهاية المأساوية
إلا أن الإمبراطور الفارسي عندما علم بما حدث في كركوك أرسل حملة عسكرية كبيرة فاستُشهِدَ القائد طهمازكرد وجنوده.
🪦 بناء الكنيسة وذكرى الشهيد
بعد فترة بُنيت على تلك البقعة الطاهرة التي أُريقَت عليها دماء عشرات الآلاف من الشهداء كنيسة كبيرة سُمّيت كنيسة الحمراء. كان يُقام فيها احتفال ديني كبير في يوم تذكار الشهيد طهمازكرد الذي يصادف (25 أيلول)، ولا تزال كنيستنا الكلدانية تسجل في التقويم السنوي الكنسي هذا التاريخ تذكارًا للشهيد طهمازكرد.
غير أن هذه البقعة تحولت إلى مقبرة كبيرة للمسيحيين في كركوك، وخاصة بعد أن تهدمت أثناء انسحاب القوات العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 من مدينة كركوك، إذ حولتها الدولة العثمانية — أي الكنيسة المقدسة — إلى مخزن للعتاد والأسلحة ظنًا منها أن الحلفاء لن يقتربوا إليها لكونها كنيسة، ففجرتها الدولة العثمانية وبما فيها من الأسلحة بغية عدم استفادة الحلفاء منها.