الولادة: –
الوفاة: 873
🧠 نبذة عن حُنين بن إسحاق
أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي (سريانية: ܚܢܝܢ ܒܪ ܐܝܣܚܩ، عُرف في اللاتينية باسم Johannitius؛ عاش بين عامي 809م و873م) هو أحد الأطباء النقلة الذين نَقَلوا كتب الطب وغيره من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي. وكان يذكر الذين نُقِلَ لهم.
كان عالمًا باللغات الأربع: العربية، والسريانية، واليونانية، والفارسية، يجيدها نطقًا وكتابة، وتميّز نقله بالدقة وجودة الأسلوب.
📚 مكانته العلمية وأعماله
كان حنين مؤرخًا ومترجمًا، ويُعَدّ من أهم المترجمين إلى العربية عبر العصور. وقد ترجم أعمال جالينوس وأبقراط وأرسطو والعهد القديم من اليونانية، فحُفِظَت بفضل ترجماته بعض الكتب التي كادت تضيع.
عيّنه الخليفة العباسي المأمون مسؤولًا عن بيت الحكمة وديوان الترجمة، وكان يمنحه الذهب مقابل ما يترجمه إلى العربية.
ورحل كثيرًا إلى فارس وبلاد الروم، وعاصر تسعة من الخلفاء. وله العديد من الكتب والترجمات التي تجاوزت المائة، فأصبح المرجع الأكبر للمترجمين جميعًا ورئيسًا لطب العيون.
تُعَدّ مقالاته العشر في العين أقدم مؤلفٍ علميٍّ في أمراض العيون عرفه تاريخ البحث العلمي.
تُوفِّيَ في سامراء عام 260هـ (873م). وساعده في أعماله ابنه إسحاق بن حنين وابن أخته حبيش بن الأعسم.
🧬 حياته ونشأته
وُلِدَ حنين في الحيرة عام 194هـ (810م) لأسرة مسيحية، وكان والده يعمل في الصيدلة والصيرفة. حاول دراسة الطب في بغداد على يد يوحنا بن ماسويه، لكن لم يُوفَّق بسبب خلافٍ معه.
غادر بغداد إلى الأهواز ثم إلى الشام والإسكندرية وبلاد الروم، مُصمِّمًا على إتقان اللغة اليونانية وإتمام دراسته الطبية. وبعد سنوات من الغياب عاد إلى بغداد وقد برع في اللغة اليونانية، وأصبح قادرًا على الترجمة منها بدقةٍ متميزة.
وفي بغداد اتصل بأبي عيسى جبرائيل بن بختيشوع، ثم سعى لإصلاح العلاقة بينه وبين يوحنا بن ماسويه، فتمّ له ذلك، وتعاونا لاحقًا في مجال الطب والترجمة.
وصلت شهرة حنين إلى الخليفة المأمون الذي كلّفه بترجمة النصوص اليونانية وتصحيح الترجمات القديمة، فأصبح من المقرّبين في بلاط المأمون ثم المعتصم.
وكان على صداقة وثيقة مع سلمويه بن بنان، رئيس أطباء بغداد، مما ساعده على حضور مجالس العلماء في بلاط الخلفاء.
🏛️ حنين مع الخلفاء العباسيين
استمر نجم حنين في الصعود في عهد المتوكل على الله، حتى صار من كبار المترجمين ورئيسًا لأطباء بغداد.
لكنّه عانى من تقلّب مزاج الخليفة، فتعرض للنَّكْب مرتين:
الأولى حين رفض أن يصف للخليفة سُمًّا لقتل أحد أعدائه، التزامًا منه بأخلاق مهنة الطب.
والثانية حين اتُّهِمَ بالزندقة نتيجة وشايات الحُسّاد.
وبعد حينٍ أعاد المتوكل اعتباره واعتذر له، لكن مكتبته التي صُودِرَت لم تُرَدّ إليه، وكانت تحتوي على أندر المخطوطات التي جمعها في رحلاته الطويلة إلى الشام ومصر وبلاد الروم.
وقد عاصر بعد المتوكل خمسة من الخلفاء حتى تُوفِّيَ في عهد الخليفة المعتمد.
✍️ إنجازاته في الترجمة
عُرِفَ عن حنين بن إسحاق أن ترجماته من الإغريقية إلى العربية لم تكن تحتاج إلى تصحيح، لإتقانه اللغتين إتقانًا بالغًا، حتى لُقِّبَ بشيخ المترجمين وأحد مؤسسي الطب الإسلامي.
كتب خلال حياته أكثر من 116 كتابًا في شتى فروع العلوم والطب، منها 21 كتابًا طبيًا.
شارك في الترجمة ابنه إسحاق وابن عمه حبيش، وكانا ينقلان الكتب من السريانية إلى العربية ويُلخّصانها.
بفضل أعمالهم، أصبح العلماء العرب خلال قرنٍ واحدٍ مطّلعين على كامل التراث الطبي الإغريقي، وأضافوا إليه من خبراتهم في التشخيص والعلاج.
من أهم مؤلفاته كتاب الأجلوكان في شفاء الأمراض، وهو تلخيص لكتاب جالينوس، ويتضمن وصفًا للحميات والأمراض الالتهابية وطرق تحضير نحو 150 دواءً.
كان حنين وتلاميذه يبتعدون عن النقل الحرفي، ويحرصون على نقل المعنى بوضوح ودقة، فحققت ترجماتهم نجاحًا كبيرًا.
كما وضع العديد من المصطلحات العلمية العربية المبتكرة، فاستقر معظمها في لغة الطب والفلسفة إلى اليوم.
🧩 مؤلفاته
من أشهر كتبه:
- كتاب العشر مقالات في العين
- كتاب المسائل في العين
- كتاب تركيب العين
- كتاب الألوان
- كتاب تقاسيم علل العين
- كتاب اختبار أدوية عين
- كتاب علاج أمراض العين بالحديد
- الفصول الأبقراطية
- حيلة البرء
- القول في حفظ الأسنان واستصلاحها
- التشريح الكبير
- كتاب المسائل في الطب للمتعلمين (وهو مدخل علم الطب)
🌍 ترجماته
قام بترجمة:
- كتاب المجسطي لبطليموس.
- كتاب فصول أبقراط.
⚕️ مكانته الطبية وإرثه العلمي
يُعَدّ حنين بن إسحاق المؤسس الحقيقي للطب العلمي عند العرب.
وكتابه أسئلة عن الطب من أهم المراجع التعليمية للأطباء المبتدئين، إذ يشرح أساسيات الطب في صورة سؤالٍ وجوابٍ واضحين.
كما ألّف كتاب عشرة وثائق في أمراض العيون، الذي يُعَدّ أقدم مؤلفٍ علميٍّ منهجيٍّ في طب العيون، يصف تشريح العين وأمراضها وطرق علاجها الدوائية والجراحية.
وبعد حياةٍ حافلةٍ بالعلم والترجمة والطب، تُوفِّيَ حنين بن إسحاق سنة 873م، تاركًا إرثًا خالدًا أسّس لنهضة الطب الإسلامي التي مهدت للنهضة الأوروبية الحديثة.
🏅 تكريم بعد 1152 عامًا على رحيله
بعد مرور 1152 عامًا على رحيل الطبيب السرياني حنين بن إسحاق، كرّمته فيينا من جديد.
ففي لفتة علمية وثقافية مميّزة، أعاد اتحاد الأطباء السريان في العالم (ISMA) التذكير بإرث هذا الطبيب والمترجم الكبير، أحد روّاد الطب في العصور الوسطى، وذلك عبر إهداء لوحة فنية تجسّد صورته وأثره العلمي، رسمها الفنان والطبيب فؤاد روهم، وقدمتها إدارة اتحاد الأطباء السريان مع الفنان إلى رئيس جامعة فيينا الطبية.
جاء هذا التكريم في قاعة Jugendstilhörsaal التاريخية بجامعة فيينا الطبية (Medical University of Vienna) الواقعة في Spitalgasse 23 – فيينا، النمسا، وهي القاعة نفسها التي شهدت حضور شخصيات أوروبية بارزة مثل القيصر فرانز جوزف الأول، وسيغموند فرويد، وغوستاف كليمت.
تزامن هذا الحدث مع افتتاح المؤتمر السنوي لإحياء الذكرى الخامسة عشرة لتأسيس اتحاد الأطباء السريان في العالم.
ويُذكر أن حنين بن إسحاق العبادي (808–873م) وُلد في مدينة الحيرة بالعراق، وكان من أبرز أطباء ومترجمي العصر العباسي. عُرف بدقته في ترجمة المؤلفات اليونانية والسريانية إلى العربية، وأسهم في تأسيس منهج علمي دقيق للترجمة والمقارنة النصية في بيت الحكمة ببغداد.
ومن أشهر أعماله كتاب العشر مقالات في العين، الذي شكّل مرجعًا أساسيًا في علم العيون لقرون طويلة، وترجماته لكتب جالينوس وأبقراط التي أسّست للجسر العلمي بين الشرق والغرب.