الدولة | العراق |
---|---|
المحافظة – المدينة | نينوى |
الطائفة | كلدان |
الموقع على الخريطة | ![]() |
⛪ كنيسة الروح القدس في حيّ الإخاء – الموصل
تقع هذه الكنيسة في الساحل الأيسر من الموصل في حيّ الإخاء، بُنيت بجهود المرحوم المطران كوركيس كرمو زمن المرحوم البطريرك روفائيل الأوّل بيداويد، وقد بُوشرَ بالبناء عامَ 1999م بعد أن كان المؤمنون يُصلّون في كنيسة مريم العذراء للآثوريين في حيّ النور، وفكّروا أن يكون لهم كنيسةٌ خاصّة بهم، حيث وصل عدد العوائل في المنطقة في ذلك الوقت إلى أكثر من ستمائة عائلة.
وكانت مساحة الأرض التي استُحصِلَت من البلدية 2000 مترٍ مربعٍ، وقد قُدّر سعر المتر آنذاك بـ 100 دينارٍ للمتر المربّع الواحد، فأصبح ثمن الأرض 200 ألف دينارٍ. فشُكِّلَت لجنةٌ من ثلاثةِ أشخاصٍ لجمع المبلغ من تبرّعات المؤمنين، وتمَّ جمعُ المبلغ خلال أسبوعين، وبقي مبلغُ خمسةٍ وأربعين ألفًا استُفيدَ منه عند عمل حفلةِ وضعِ حجرِ الأساس للكنيسة.
كُلِّفَ عددٌ من المهندسين بعمل تصاميم للمشروع، وبعد الانتهاء من عمل التصاميم شُكِّلَت لجنةٌ لتقييم الخرائط والمجسّمات التي قُدِّمَت، ففاز منها ثلاثةُ تصاميم، أُعطِيَ للتصميم الأول الجائزةُ الأولى وقيمتُها خمسون ألف دينارٍ، والتصميمُ الثاني خمسةٌ وعشرون ألف دينارٍ، والثالث عشرة آلاف دينارٍ. وكانت اللجنة محايدةً برئاسة المهندس المرحوم فرنسيس تمّو، وكان أحد أعضائها من الإخوة المسلمين.
وقد حصل تغييرٌ على التصاميم الثلاثة من قِبَل أحد المهندسين الذي عيّنه المطران كوركيس، وأصبح بالشكل الذي عليه الآن، وهو يشبه السفينة. وممّا يُذكَر حينها أنّ أسعار الأراضي في المنطقة ارتفعت بسبب إقبال المسيحيين على شراء الأراضي.
شُكِّلَت لجنةٌ من المجلس الخورني لمتابعة أعمال البناء، وقد حصل المطران كوركيس على مبلغ ستّين ألف دولارٍ كدفعةٍ أولى، وكَلّف المطرانُ بعض المهندسين والمختصّين بالبناء عن طريق الإشراف المباشر. وبعد إكمال الهيكل، جُهِّزَت القاعة الأرضية وأُعدّت للصلاة، واستمر البناء على مراحل.
وقد أُلقِيَت في الكنيسة قنبلةٌ أُصيبَت بها شقيقةُ الأب رغيد، وهو راعي الكنيسة الحالي وأحد الشمامسة الذين جمعوا مبلغ الأرض مع شماسين آخرين. وراعي الكنيسة الحالي هو الأب رغيد كني، وهو أحد أبناء المنطقة.
🕊️ تصميم الكنيسة ومعناها الرمزي
في عام 1997م، وكنت حينها في الأردن، طُلِبَ منّي من قِبَل المثلّث الرحمة المطران كوركيس كرمو تقديمُ تصميمٍ جديدٍ لكنيسةٍ باسم الروح القدس، وبعد عودتي كرّر الطلب. واعتمد التصميمُ على عددٍ من المفاهيم المسيحية واللاهوتية للخلاص.
صُمِّمَت الكنيسة على شكل سفينةٍ ترمز إلى سفينة الخلاص التي يقودها يسوع المسيح، والتي قادها في العهد القديم أبونا نوح. والمحور الطولي للسفينة واقعٌ على محور الشرق – الغرب وهو المحور الأساس لكنائسنا الشرقية، مع قليلٍ من الانحراف للضرورة المعمارية (لضيق مساحة الأرض المخصّصة لبناء الكنيسة). ومقدّمة السفينة متّجهة إلى الشرق، رمزًا لشروق نور الخلاص المسيحي على العالم، وتحمل مقدّمة السفينة نحتًا مجسّمًا لحمامةِ السلام تحمل بين منقاريها غصنَ الزيتون رمزًا للسلام وبُشرى الخلاص.
وعلى المؤمنين الدخولُ إلى سفينة الخلاص من الغرب، ويتّجهون نحو النور، ولهذا جاء المدخلُ في الجهة الخلفية للسفينة. وترتفع السفينةُ عن منسوب الأرض الطبيعية بارتفاع قامة الإنسان لتُذكِّر المؤمنين بوجود الحياة العليا السامية فوق حياة الإنسان الأرضية، والسبيل إليها هو سفينةُ المسيح، وتُذكّر المؤمنين عند دخولهم بأنّ الخلاص يتطلّب الصعودَ إلى المسيح والتجرّدَ عمّا هو أرضيٌّ وزائل.
قاعدةُ الكنيسة محاطةٌ بجدارٍ مُغلَّفٍ بالحجر على شكل أمواج البحر للدلالة على أنّ سفينة المسيح تعوم على بحور الأرض باتجاه الخلاص.
⛪ القبة والرموز اللاهوتية
يعلو السفينة قبةٌ كبيرةٌ بشكلٍ مضلّعٍ متكوّنٍ من اثني عشر ضلعًا تتكسّر ثلاثَ مراتٍ نحو أعلى مركز القبة، وهي تغطي قاعةَ الكنيسة بالكامل وتستند إلى جدرانها التي يختلف سمكها حسب الشكل التصميمي، حيث إنّ شكلَ الجدران دائريٌّ من الخارج ومضلّعٌ باثني عشر ضلعًا من الداخل، والرقم اثنا عشر يدلّ على عدد تلاميذ يسوع المسيح.
ويعلو القبةَ نحتٌ أفقيٌّ لحمامة الروح القدس للدلالة على انتشار الروح فوق المذبح عند تقديس الإفخارستيا.
ويعلو الجهةَ الشرقية من القبة، وفوق مكان المذبح، برجٌ ثلاثيّ الأضلاع، والشكلُ المثلّث يدلّ على تكامل الله الواحد في الثالوث. ويعلو البرجُ فوق القبة بانسيابية الشراع بارتفاع 33 مترًا فوق منسوب الأرض، وكلّ وحدة ارتفاع ترمز إلى سنةٍ من سنوات عمر المسيح على الأرض. ويعلو قمة البرج قاعدةٌ مثلّثةٌ تحمل نحتًا عموديًا لحمامةٍ ترمز إلى الروح القدس شفيع الكنيسة (وللأسف لم يُنفَّذ البرج كما صُمِّم لقلة الإمكانات الفنية المتاحة، وإن شاء الله يُصلَحُ يومًا ما).
✝️ القباب والمدخل الداخلي
تعلو الجهة الخلفية من سطح الكنيسة وفوق المدخل الرئيسي ثلاثُ قبابٍ صغيرةٍ بالنسبة إلى القبة الكبيرة، مرتّبةٌ على زوايا مثلثٍ وهميٍّ، تعلوها ثلاثةُ صلبانٍ، وإحدى القباب زجاجيةٌ تسمح للنور بالدخول إلى المدخل. والقباب الثلاثة ترمز إلى الثالوث المقدّس الذي يُنوِّر المسيحي منذ دخوله الكنيسة وفي كلّ حياته نحو الخلاص.
وتحت فضاء المدخل من الجهة الخلفية للسفينة يمكن للمؤمن الدخول إلى القاعة الرئيسية للكنيسة أو النزول عبر درجٍ نصفٍ دائريٍّ إلى منسوب السرداب الذي يحوي القاعة الثقافية، وهي بنفس مساحة وشكل قاعة الكنيسة الرئيسية، ويحيط بها من الغرب والشرق ملحقاتٌ خدميةٌ للقاعة.
🕍 القاعة الداخلية والهيكل
أُخِذَ بنظر الاعتبار في التصميم الأساسي أن يأتي الديكور الداخلي للقاعة والكنيسة بتكويناتٍ تُوحي للجالس بالفخامة والخشوع، ممزوجةٍ بالروحانية الشرقية لكنائسنا.
وشكلُ قاعة الكنيسة من الداخل مضلّعٌ من اثني عشر ضلعًا، وعلى طابقين مدرّجين بشكلٍ خفيفٍ باتجاه المذبح ليسمح برؤيةٍ سهلةٍ له، وبطريقةٍ أقلّ من تدرّج قاعات المسارح، للمحافظة على الخشوع داخل الكنيسة. والمدرّجات جزءٌ من أقواسٍ دائريةٍ مركزها المذبح، تسمح للمؤمن الجالس بمواجهة مركز المذبح مباشرةً.
التصميمُ مستوحى من كون الذبيحة هي مركز الأسرار والطقوس التي تُقام على المذبح، وهي الوليمة التي يلتفّ حولها المؤمنون ويشاركون فيها، مع المحافظة على أن يكون المذبح في المقدّمة، للحفاظ على قدسيّته بوصفه المركزَ الأساسي لجميع المقاعد داخل الكنيسة.