الدولة | مصر |
---|---|
المحافظة – المدينة | الإسكندرية |
الطائفة | أقباط أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🌟 ميلاد القدّيس العظيم الأنبا بيشوي
وُلِدَ القدّيس العظيم الأنبا بيشوي في عام 320م في بلدة شنشنا في محافظة المنوفيّة بدلتا مصر، وقامت والدته التقيّة بتربيته – بعد وفاة والده – مع إخـوته السّتة. وكافأها الله على حسن تربيتها لهم بأن أرسل ملاكه إليها واختار ابنها بيشوي ليكون خادمًا للربّ طول أيّام حياته.
وبيشوي باللّغة القبطيّة معناها “سامي” أو “عادل”، وتلقّبه الكنيسة في صلواتها وكتبها وتقليدها بـ”الرجل الكامل حبيب مخلّصنا الصالح”، كما يُلقّب أيضًا بـ”كوكب البريّة”.
🏜️ الرهبنة في برّيّة شيهيت
وفي عام 340م، أي وعمره عشرون عامًا، ذهب إلى برّيّة شيهيت بالأسقيط (حاليًا وادي النطرون)، وتتلمذ على يد القدّيس الأنبا بموا تلميذ القدّيس مقاريوس الكبير، وصار أخًا روحيًّا للقدّيس يوحنّا القصير صاحب شجرة الطاعة، الذي غرس عصًا جافة طاعةً لمعلّمه الأنبا بموا، فنَمَت وصارت شجرةً مثمرة ببركة طاعته.
👼 ظهور الملاك وإرشاد السماء
وعندما تنيّح الأنبا بموا، ظهر ملاك الربّ للأنبا بيشوي وأخبره بأنّ الله يُريده أن يسكن منفردًا في المنطقة المجاورة غرب منطقة القدّيس يوحنّس القصير، لأنّه سيصير أبًا ومرشدًا لكثير من الرهبان. فأطاع الأنبا بيشوي وسكن في مغارة (لا تزال موجودة إلى الآن في دير القدّيسة العذراء الشهير بالسريان).
وسرعان ما عُرِفَ بفضائله، فتكوّنت حوله جماعة رهبانيّة، فكان بذلك بداية دير القدّيس العظيم الأنبا بيشوي الحالي.
🙏 حياة الصلاة والسهر الروحي
ولشدّة محبّته لمخلّصنا الصالح كان يودّ أن يواصل حديثه معه في الصلاة والحوار مع الله أطول وقت ممكن، فكان يربط شعر رأسه بحبلٍ مُدلّى من سقف مغارته لأعلى، لكي يستيقظ إذا نام ويواصل صلاته مع حبيبه.
لهذا يُلقَّب بـ”حبيب مخلّصنا الصالح”.
ولشدّة حلاوة الصلاة والتأمّل في الله، كان ينسى الطعام الماديّ لعدّة أيّام، مستعيضًا عنه بالطعام الروحيّ من صلاة وتأمّل وقراءة كلمة الله الحيّة.
🐝 تلاميذه وحياة الشركة
وكان كلّ من يتقابل معه يمتلئ بالسلام والسعادة والطمأنينة، ويعود فرحًا سعيدًا، حتى انضمّ إليه جمع غفير بلغ حوالي ٢٤٠٠ شخص، عاشوا حياة السعادة الدائمة تحت إرشاده، وسكنوا في مغاراتٍ منتشرة في الجبل، كما كانوا يحيطون بالأنبا بيشوي مثل النحل حول الشهد (كما ورد في المخطوطات القديمة).
وهكذا تحقّق وعد السيّد المسيح له عندما ظهر له في مغارته وقال له إنّ الجبل كلّه سَيُمتلَأ بالعبّاد تحت إرشاده.
💪 العمل اليدوي والدفاع عن الإيمان
كان عامِلًا نشيطًا يأكل من تعب يديه، حتى إنّه قال لتلاميذه:
“لم آكل طعامًا من إنسان… يا أولادي، اعملوا بأيديكم لتعيشوا وتجدوا ما تتصدّقون به على الفقراء.”
ويُذكر عنه دفاعه عن الإيمان، إذ أنقذ أحد المعلّمين من هرطقةٍ دينيّة دون جرح مشاعره، وبطريقة بسيطة حكيمة، فربحه هو وكلّ أتباعه.
ولم يكن فقط لطيفًا متواضعًا رقيق المشاعر لا يجرح إنسانًا مهما كان، بل كان أيضًا يحترم إنسانيّة الجميع، ويرقّ قلبه الحنون للفقراء والمساكين، حتى لُقّب بـ”الرجل الكامل”.
💧 التواضع وخدمة الغرباء
وبقلبٍ متضع كانيحمل أتعاب تلاميذه وضعفاتهم، وهو ملازم للصوم ليقودهم لحياة الجهاد. وكان يداوم الجهاد لكي يحفظ الله نفوسهم في الإيمان.
ومن تواضعه أنّه كان يغسل أقدام الغرباء والزائرين دون أن يعرف من هم أو ينظر إلى وجوههم. لذلك ظهر له الربّ يسوع كأنّه غريب (مثلما ظهر لإبراهيم أبي الآباء قديمًا)، وغسل له الأنبا بيشوي قدميه الطوباويّتين، ولم يعرفه إلّا عندما رأى جراح الصليب في قدميه.
وتلك هي السِّمة المميّزة لدير الأنبا بيشوي، التي تُظهر تواضع ومحبة الرهبان، وتُبيّن أنّ التواضع والمحبة الصادقة تجعلان الله قريبًا جدًّا من الإنسان.
❤️ معجزة حمل السيد المسيح
ومن حنان قلبه الشفوق أنّه حمل عجوزًا في الطريق، فاكتشف أنّه هو السيّد المسيح الممجّد، الذي وعده بأنّ جسده – أي جسد الأنبا بيشوي – الذي حفظه طاهرًا وخدم به الناس والمحتاجين وضبطه بالتداريب والممارسات الروحيّة، سيبقى بدون فساد لأنّه حمل الربّ يسوع.
وفعلاً، ما زال جسده باقٍ بلا فساد إلى الآن (وبدون تحنيط).
ويُذكر عنه أنّه لم يجرح مشاعر إنسانٍ كان يُشوشر أثناء وعظ الأنبا بيشوي لأولاده، فلمّا رأى هذا الإنسان سعة قلب القدّيس، كفّ عن الشوشرة واعتذر.
💎 زهده في المال ومقاومته للشيطان
كما كان زاهدًا في المال، فرفض ما جاء به أحد الأغنياء من ذهبٍ وفضّة، إذ أعلمه الله بحيلة الشيطان الذي أراد أن يُصرفه عن العبادة. ونصح الرجل الغني أن يرجع بفضّته وذهبه ويوزّعه على الفقراء والمحتاجين لينال بركة الربّ.
ولمّا انصرف الرجل الغني ورجع الأنبا بيشوي إلى قلايَته، صاح به الشيطان:
“آه منك… إنّك تُفسد جميع حِيَلي بزهدك.”
فأجابه القدّيس باتّضاعٍ ومسكنة:
“منذ أن سقطتَ أيّها الشيطان والله يُفسد جميع حِيَلك ضدّ أولاده.”
😢 محبّته لأولاده وصلاته عن الخطاة
وكان يحبّ أولاده الروحيّين ويعاملهم كأبٍ حنون، كما كان يبكي على الخطاة مثال إرميا النبيّ، حتى لُقّب بالأنبا بيشوي الأراميّ.
وظلّ يُجاهد في الصلاة من أجل أحد تلاميذه الذي أخطأ حتى رجع تائبًا إلى الله.
وكثيرًا ما كان يظهر له الربّ يسوع لشدّة محبّته له، وكان يعرف أمورًا كثيرة بروح النبوّة، منها أنّه عَرَفَ بمجيء الأنبا أفرآم السريانيّ من سوريا قبل أن يأتي ليزوره، لما سمعه عن روحانيّة الأنبا بيشوي العظيمة.
وقد طلب قدّيسنا من السيّد المسيح أن يعطيه لسانًا سريانيًّا حتى يتحدّث مع الضيف السريانيّ، وقد كان.
⚔️ هجوم البربر وانتقاله إلى الصعيد
وعند هجوم البربر الأوّل على البرّيّة حوالي عام 407م، لم يشأ الأنبا بيشوي أن يبقى بالدير لئلّا يقتله أحد البربر فيهلك البربريّ بسببه، فنزح مع مجموعةٍ من رهبانه إلى الصعيد (أنصنا)، وتصادق مع الأنبا بولا الطموهي، وأسس ديرًا كبيرًا في بلدة دير البرشا مركز ملوي، باقٍ إلى الآن.
🕊️ نياحته ونقل جسده الطاهر
وفي 15 يوليو 417م تنيّح ودُفِن في منية صقر بأنصنا (عند ملوي حاليًّا).
وبعد ثلاثة شهور تنيّح القدّيس الأنبا بولا الطموهي في 7 بابة الموافق 17 أكتوبر، ودُفِن بجواره حسب رغبتهما.
ثمّ نَقَل البابا يوساب الأوّل (البطريرك 52) (830 – 849م) جسده الطاهر إلى ديره بوادي النطرون في 13 ديسمبر 841م (4 كيهك 557ش).
وفي 8 أبيب الموافق 15 يوليو من كل عام، في ذكرى نياحة القدّيس الأنبا بيشوي، يحتفل الدير برئاسة قداسة البابا الطوباوي الأنبا شنوده، مع نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير والآباء الرهبان، بوضع الحنوط والأطياب على جسدي القدّيسين، مع وجود جمعٍ غفير من الشعب.
🏛️ تاريخ الدير
في أواخر القرن الرابع الميلاديّ تأسّس الدير تحت قيادة القدّيس الأنبا بيشوي كتجمّعٍ رهبانيّ، ويشمل كنيسة الأنبا بيشوي وقلالي الرهبان وبئر مياهٍ بدون أسوار.
وفي أواخر القرن الخامس الميلاديّ، أثناء حكم الإمبراطور زينون، أُنشِئَ الحصن ويتكوّن من ثلاثة طوابق:
- الطابق الأوّل يشمل بئر مياه، ومطحنة غلال، ومعصرة زيت، ومخازن.
- الطابق الثاني وبه مدخل الحصن عن طريق كوبري متحرّك، ويوجد به فرن وكنيسة على اسم القدّيسة العذراء مريم.
- الطابق الثالث وهو السطح، وبه كنيسة على اسم الملاك ميخائيل، ومغارتان.
وفي القرن التاسع الميلاديّ أُقيمت الأسوار الحاليّة للدير على مساحةٍ حوالي ثلاثة أفدنة.
وفي القرن الرابع عشر الميلاديّ قام البابا بنيامين الثاني (البطريرك رقم 82)، الذي كان على السدّة البطريركيّة ما بين 1327 – 1339م، بعمل ترميماتٍ واسعةٍ للدير بسبب النمل الأبيض الذي عرّض سقف الكنيسة للانهيار.
وكنوز الدير تتمثّل في أجساد القدّيسين الموجودة، حيث يوجد جسد القدّيس العظيم الأنبا ييشوي والأنبا بولا الطموهيّ في أنبوبةٍ واحدةٍ داخل المقصورة بالخورس الأوّل.
⛪ كنائس الدير
يوجد في الدير كنيسة الأنبا بيشوي وتُعتبر أكبر كنيسة في أديرة وادي النطرون، وبها:
- المذبح الرئيسي على اسم القدّيس الأنبا بيشوي،
- المذبح البحري على اسم القدّيسة العذراء مريم،
- المذبح القبلي على اسم القدّيس يوحنّا المعمدان.
كما يوجد بها ثلاثة خوارس، وفي الخورس الثاني أنبلٌ للتعليم.
وتوجد أيضًا:
كنيسة الشهيد أبسخيرون القلينيّ في الجهة القبليّة من كنيسة الأنبا بيشوي، ويوجد بها ممرٌّ يؤدّي إلى المعموديّة المقدّسة، وجزءٌ من جسد الشهيد أبسخيرون داخل مقصورة في نفس الكنيسة.
كنيسة الأنبا بنيامين (البابا 52) في الجهة البحريّة من كنيسة الأنبا بيشوي.
كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس من الجهة الغربيّة القبليّة.
كما توجد المائدة القديمة غرب الكنيسة، وبئر الشهداء أمام الكنيسة من الناحية البحريّة، وهي التي غَسَلَ فيها البربر سيوفهم بعد أن قتلوا 49 من الآباء الرهبان القدّيسين في دير القدّيس مكاريوس الكبير أثناء غارتهم الثالثة على البرّيّة سنة 444م، وتذكار استشهادهم في 26 طوبة.
ويُوجَد أيضًا الحصن الذي بُنِيَ في أواخر القرن الخامس الميلاديّ أثناء حكم الإمبراطور زينون، ويتكوّن من ثلاثة طوابق، ويتوسّط الدير حديقةٌ واسعة يحيط بها عددٌ من المباني.
✝️ جهود قداسة البابا شنوده الثالث
تعهّد قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث بتعمير دير القدّيس الأنبا بيشوي، فرسم له نيافة الأنبا صرابامون أسقفًا ورئيسًا للدير سنة 1975م، وأسس مقرًّا بابويًّا في الدير يقضي فيه بضعة أيّام أسبوعيًّا.
وبفضل صلواتهما وعملهما الدائم زاد عدد الرهبان، واهتمّا بالتعمير والإنشاءات من قلالي (مساكن) للرهبان، ومكتبةٍ ضخمةٍ للاطّلاع، وحفر الآبار وعمل الصهاريج لمياه الشرب، والاهتمام بالزراعة وتربية الماشية، وإنشاء مساكن للعمّال وتوفير الرعاية الروحيّة والصحيّة لهم، بالإضافة إلى العيادات والصيدليّة وقصرٍ بمنارةٍ شاهقةٍ ومضايف وبيوت خلوةٍ للضيوف، كما تمّ بناء كاتدرائيّةٍ كبيرةٍ بالدير.
وممّا يُذكَر أنّه تمّ إعداد وعمل وطبخ زيت الميرون أربع مرّات في الدير أعوام 1981م، 1987م، 1990م، 1995م، لكي يُوزَّع على الكنائس في مصر والخارج.
وما زال عمل الربّ ينمو ويزداد في كنيسته المقدّسة.
💫 بركة القدّيسين
بركة القدّيسين الأنبا بيشوي والأنبا بولا الطموهيّ اللذين ما زالا حتّى الآن تُجرى بواسطتهما معجزاتٌ كثيرة من جسديهما الطاهرين، وبصلواتهما أمام عرش النعمة، تكون بركة شفاعتهما معنا وتُثبّتُنا في المسيح يسوع، وله المجد الدائم إلى الأبد، آمين.
🌿 حديقة الدير
يتوسّط الدير حديقةٌ واسعة يحيط بها عددٌ من المباني وهي:
- من الجهة البحريّة: قلالي مُشيَّدة منذ حوالي ستين عامًا، والمطعّمة توجد فوق الباب البحريّ.
- من الجهة القبليّة: قلالي قديمة من القرن التاسع تُستعمل حتى الآن.
- من الجهة الشرقيّة: قلالي حديثة الإنشاء.
- من الجهة الغربيّة: يوجد الطافوس (مقبرة الرهبان).
🏗️ الإنشاءات الحديثة بالدير الأثريّ
- مضيفة الزوّار وهي لراحة واستضافة ضيوف الدير.
- قصر الضيافة ويعلوه منارة شاهقة الارتفاع.
- المكتبة الجديدة وهي من أكبر مكتبات الكنيسة القبطيّة.
ملاحظة: مغارة الأنبا بيشوي توجد في دير السريان، فعند إنشائه ضمّ بداخله المغارة تباركًا بالقدّيس.
🕊️ اهتمام البابا شنوده الثالث والأنبا صرابامون
كان اهتمام قداسة البابا شنوده الثالث مع نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير في تعمير الدير يشمل مجالاتٍ كثيرة، منها:
- بناء قلالي جديدة للرهبان مع إنشاء بيوتٍ للخلوة والضيافة، وعمل أكثر من صهريجٍ لماء الشرب، ممّا استلزم حفر آبار مياه وتوصيل خطّ كهرباء من الشبكة العامّة.
- زراعة مساحةٍ كبيرةٍ من الأراضي بالخضر والفواكه، وإنشاء معملٍ لمنتجات الألبان.
- إنشاء مخبزٍ حديثٍ، وورشٍ للنجارة والحدادة، وإنشاء مساكن للعمّال وتوفير الرعاية الصحيّة لهم.
- افتتاح مكتبةٍ حديثة بالدير تُعتبر من أعظم المكتبات الحديثة.
- إنشاء عيادةٍ مجهّزة لعلاج الآباء الرهبان وصيدليّة.
- افتتاح مقرَّين للدير في القاهرة والإسكندريّة، ومكتبةٍ لعرض منتجات الدير.
- وجود مقرٍّ بابويٍّ للدير مزوّدٍ بكافّة الإمكانيّات اللازمة لخدمة أنشطة الكنيسة وعقد المؤتمرات.
وممّا يُذكَر أنّ الدير قد تبارك بعمل وإعداد زيت الميرون المقدّس أربع مرّات أعوام 1981، 1987، 1990، 1995، لكي يُوزَّع على الكنائس في مصر والخارج. وما زال عمل الربّ ينمو ويزداد في كنيسته المقدّسة.