الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | حلب |
الطائفة | – |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🏘️ قرية تلانيسوس (دير سمعان)
اسم هذه القرية الأصلي هو تل نيشه من السريانية، وتعني “تل النساء”. حُوِّر بعدئذ إلى اليونانية فدعيت تلانيسوس. أما في وقتنا الحاضر فتدعى “دير سمعان”.
تقع هذه القرية في السفح الغربي لقلعة سمعان في شمال سهل القاطورة. وكانت عبارة عن قرية زراعية توسعت وأصبحت مدينة لإقامة الحجاج الذين يقصدون المنطقة لزيارة عمود كنيسة القديس سمعان. لم يبقَ من القرية القديمة في القرون الأولى سوى خرائب لا تُذكَر مبعثرة شمال البلدة الحالية على مساحة 250×150 م. ربما كانت معاصرة قاطورة وخربة الشيخ بركات، أي من القرن الأول حتى الرابع. أما شهرتها الفعلية فجاءتها منذ أن قصدها القديس سمعان حوالي العام 412 عندما ترك دير برج السبع قرب تلعادة والتجأ إلى تلانيسوس حيث الدير البسيط الذي أسسه مارس ابن برعطون، الذي قضى فيه قديسنا ثلاث سنوات قبل أن يصعد الجبل القريب.
أما الأبنية الهامة في المدينة فقد تَمَّ بناؤها بدءًا من السنة 459، تاريخ وفاة القديس سمعان، وخاصة حين بُدِئَ بتشكيل ورشات البناء لبناء الكنيسة العظيمة. لقد وُجِدَ في القرية كتابات سريانية تعود بحسب رأي انولتمان، اختصاصي اللغات السامية في البعثة الأميركية، إلى القرن التاسع حتى القرن الثاني عشر، كما وُجِدت كتابات كوفية تعود للقرون الوسطى.
ويعلمنا ياقوت الحموي أن البلدة كانت تحتوي في القرن الحادي عشر على دير هام كان يستقبل الزوار المسافرين، مما يُؤكّد ازدهار وأهمية المنطقة التي كانت تمر منها الطريق الواصلة بين أفاميا وقورش. كما تأتيها الطريق من رفادة وقدرة وتصلها طريق أخرى بباصوفان إلى الشرق منها، ومن تلانيسوس تبدأ شمالًا هذه المنطقة الحالية من وادي عفرين.
ونجد في تلانيسوس العديد من الفنادق وأماكن التجمع العامة. أما الفنادق فكانت مخصّصة لإيواء جموع الحجاج الغفيرة، وكانت تتألف بشكل عام من غرف مُبنية حول باحة مُغلقة تشكل نواة الفندق، يُضاف إليها فناء ذو عدة طبقات أو قاعات كبيرة بُنيت خلف رواق بطول 50 م تقريبًا، ربما كانت سوقًا تقوم فيها الدكاكين المجاورة والمتشابهة. وكان كل بناء فندقي يتألف بشكل عام من جزأين منفصلين، أحدهما أبعاد صغيرة يُؤجَّر طبقته الأرضية والعلوية للزوار، بينما القسم الآخر الذي لا فواصل بين غرفه فُتُخَصّص طبقته الأرضية للأصطبل، والعلوي للسكن.
🕌 وصف أديرة تلانيسوس
تدلنا حياة القديس سمعان العمودي أنّه قضى ثلاث سنوات في قرية تلانيسوس الواقعة في السفح الجنوبي الغربي من الجبل الذي أمضى معظم حياته فوق عمود فيه، وذلك عندما تنسّك في دير مارس ابن برعطون الذي لم يبق منه اليوم أي أثر.
وقد اشتهرت مدينة تلانيسوس بكونها مكان إقامة الحجاج لزيارة القديس سمعان أثناء حياته وبعد مماته، ويصل بينها وبين موقع العمود طريق المواكب في وسطه قوس النصر.
ازدهرت القرية بشكل خاص بعد وفاة القديس سمعان. وهناك كتابات على ثلاثة أبنية هي فنادق أنجز بناؤها بين العامين 470م و480م. وهناك ثلاثة أديرة كبيرة تحيط بالقرية: أحدها في القسم الشمالي الغربي للقرية يعود تاريخ بنائه إلى العام 491/492، والآخر في جنوب شرقي القرية ويعود مع الكنيسة الشمالية المنعزلة وحدها إلى نهاية القرن السادس للميلاد. وهناك الدير الجنوبي الغربي الذي يعود إلى القرن السادس كذلك.
وعلى حدود القرية القديمة شمال الحي الجديد، توجد باحة واسعة يحيط بثلاثة أضلاع منها بناء ذو طبقة واحدة، والضلع مؤلف من بناء رئيسي ذي طبقة أرضية وطبقتين في أعلاه، ويتألف كل منهما من قاعة واحدة ورواق يُطلَق على البناء اسم “مكان الإقامة”، واعتبره تشالنكو مكانًا حكوميًا، بينما اعتبره بتلر فندقًا أو فيلا. وكانت هناك طريق تصل إلى مدخل البناء من جهة الغرب تزينها الأعمدة من جانبيها.
🏛️ الدير الشمالي الغربي
هذا الدير هو أقدم الأديرة الثلاثة في تلانيسوس. وتقع الكنيسة الكبيرة في الجنوب، وهناك مقبرة خلف حنيتها الخارجية. أما في الشمال فيوجد بناءان بأروقة متصلان مع بعضهما بممر مع وجود باحة.
وفي جهة الشرق يوجد بناءان متميزان، في كل من الطبقة الأرضية والعلوية، قاعة وحيدة مفتوحة على الباحة عن طريق الركائز. وفي شرقي البنائين رواق يتقدم مسكن مربع على شكل برج يعلوه جناح جميل الإطلالة. أما من حيث الوظيفة فكان الدخول إلى الكنيسة في الغرب والبناء قربها من الخارج مفتوحتين لعامة الناس، وفي الوسط المقبرة الجماعية، بينما اختص البناء الثاني بالرهبان.
وفي الشرق، كان البناءان بأروقتهما لإقامة الزوار الضيوف المؤقتة، وبخاصة في أشهر الصيف. أما البناء المطل على الباحة فكان على الأغلب لإقامة رئيس الدير، ويتميز عن مكان إقامة الكاهن المؤلف من غرفتين فوق بعض، تقعان إلى الشرق من غرفة خدمة القداس. ويعد بتلر الكنيسة إلى القرن الخامس للميلاد، ويؤكّد ذلك تيجان الأعمدة المشابهة لأعمدة كنيسة سمعان العمودي، وهي من نهاية القرن الخامس. أما باقي أبنية الدير فتعود إلى فترة قريبة من فترة بناء الكنيسة لكنها لم تُبنَ بنفس الفترة.
وقد بُنيت المقبرة مكان المقلع الذي أُخذت منه أحجار أبنية الدير، وكان تسلسل البناء: الكنيسة أولًا، ثم المقبرة، ثم الروقان مع الطبقتين، ثم أماكن السكن التي تُغلق الباحة لجهة الشرق. وقد أُنجز كامل البناء في العقد الأول من القرن السادس للميلاد. وهناك على مسافة 50 م إلى الغرب من الدير وفي وسط أرض زراعية، بناء صغير مؤلف من قاعدة وأربع ركائز في زواياها، ربما كان مكان إقامة أحد النساك العموديين في القرن السادس للميلاد. وربما كان هذا الدير، كما ذكرنا سابقًا، قد بُني مكان دير مارس الذي بقي فيه القديس سمعان مدة ثلاث سنوات قبل صعوده الجبل واعتلائه العمود. ويشكل الدير الزاوية الجنوبية من قطعة أرض أبعادها 250 م × 120 م، تضم بعض الصهاريج والمقالع والأرض الصالحة للزراعة والمبعثرة هنا وهناك.
🏛️ الدير الجنوبي الغربي
يشكل هذا الدير الزاوية في أرض زراعية أبعادها 275 × 250 م، ولا تزال محاطة بجدران. ويشبه الدير بتركيبه الدير الموصوف أعلاه، إلا أن جناحه الشمالي تعرض لإضافات متأخرة. وتتجه أبنية الدير من الجنوب إلى الشمال، وتقع الكنيسة في القسم الجنوبي، وهناك دار سكن في الشرق وبناءان لسكن أهل الدير في الشمال والغرب، وقد حُفِرَ تحت البناء الغربي مقبرة الدير والأضرحة.
كانت الكنيسة مؤلفة من بهو واحد واسع أبعاده 17.40 × 8.60 م، مع هيكل ثلاثي وسقف مستوٍ في الهيكل بدلًا من الحنية. ويطل الهيكل بأقواسه الثلاثة على البهو، وقوس الهيكل واسع وأعلى من الأقواس الجانبية. أما مكان الشهادة فمحلق بجنوب الكنيسة ويضم ضريحًا كبيرًا. وكان يحيط بالكنيسة رواق من الغرب والجنوب، وقد اتصل رواق بناء الدير في الجنوب، وهو آخر ما بُني في مجموعة أبنية الدير برواق الكنيسة. والطبقة العلوية لبناء الدير مؤلفة من ثلاث غرف منفصلة. وكان السور المجدد لأملاك الدير يقسمها إلى قسمين غير متساويين، الشمالي لا يضم أبنية منظورة، بينما نميز في القسم الجنوبي بين الصهاريج والأبنية المتهدمة ومنهل كبير للمياه بأبعاد 20 × 30 م، مما يوحي بأن المنطقة كانت مخصصة لاستقبال المسافرين والحجاج.
🏛️ الدير الجنوبي الشرقي
حمل هذا الدير تسمية “الفندق الكبير” منذ زيارة دي فوغوية في 1861م. ويقع في سفح جبل سمعان الجنوبي. يضم الدير بنائين مع أروقة: الشمالي منها بأبعاد 38 × 17 م، والآخر بأبعاد 28 × 18.50 م.
وتقوم بعض الأبنية الثانوية المتهدمة إلى الغرب من البنائين. وفي الشرق توجد كنيسة جنائزية صغيرة ذات طبقة علوية، نصفها محفور في الصخر ونصفها الآخر مبني، تحتوي طبقتها الأرضية سبعة أضرحة وضريحين في الجانبين، يصل بينهما جسر حجري للعبور، مصنوعة من ركائز ونجفات تحمل البلاطات.
الطبقة الأرضية في البناء الشمالي مقسومة إلى قاعتين تفصل بينهما غرفة ضيقة. وهذا البناء يضم ثلاث طبقات، تشتمل طبقتان منها على شرفة أو رواق. ويتألف البناء الجنوبي أيضًا من ثلاث طبقات، الطبقة الأرضية مقسومة إلى قاعتين: القاعة الجنوبية أصغر من الأخرى وتشكل بهوًا لكنيسة صغيرة داخلية، هيكلها بارز إلى الخارج.
تعتبر كنيسة الدير الشمالي الغربي أكثر غنى وكبرًا. أما كنيسة الدير الجنوبي الغربي فمساوية بحجمها لأبنية الدير الأخرى. أما هنا في الدير الجنوبي الشرقي فلم تعد الكنيسة هي البناء الأساسي في مجموعة أبنية الدير، إذ أصبحت ملحقة به وبأبعاد صغيرة بحيث لا تُميَّز جيدًا من الخارج. كان ذلك في القرن السادس للميلاد، ويبين تطور كنائس الدير بين القرن الخامس والسادس. وتشكل أملاك الدير مساحة 200 × 100 م، وهناك فراغ ربما كان لإقامة “تخييم” الحجاج في الهواء الطلق، ويمكن تأريخ الدير من الأفريز العلوي الذي يمكن إعادته إلى النصف الثاني من القرن السادس.