الولادة: 1811
الوفاة: 1885
🏛️ النشأة والخلفية
وُلد بولس حاتم باسم بطرس بن نعمة الله بن بطرس حاتم، لأمّه سوسان بنت يوسف شبارخ، في حلب بتاريخ 15/27 كانون الثاني 1811. بعد إنهائه التعليم الابتدائي، تعلّم اللغة السريانية وشارك في ترتيل الفروض الكنسية مع الإكليروس الماروني. لاحظ المطران بولس أروتين موهبته، لكنه لم يسمح له بالالتحاق بالإكليروس الماروني، فتواصل في تحصيل معارفه، بما في ذلك مبادئ اللغة اللاتينية على يد الخوري جبرائيل جّوّان الملكّي.
🎓 التعليم والخدمة المبكرة
في سنة 1828 استدعاه المطران أغناطيوس عجوري لإرساله إلى روما، لكن ظروفه الصحية حالت دون ذلك، فدرس في المدرسة الإكليريكية الأرمنية بدير بزمار مبادئ الفلسفة واللاهوت واللغة الإيطالية. لاحقًا، خدم في أبرشية زحلة ككاتم سر المطران أغناطيوس، وتولى الإشراف على الأخويات ومراكز التعليم المسيحي، ووسّع نطاق عملها في قرى البقاع. رُقّي إلى درجة الشماس الإنجليزي عام 1830، ومنحه المطران سلطة قيادة الرسالة العامة في المنطقة.
✝️ الكهنوت والدور الرعوي
عاد إلى حلب عام 1833 مع المطران غريغوريوس شاهيات، وألقى أولى مواعظه في الكنيسة الكاتدرائية حول ثبات الكنيسة الكاثوليكية وعناية الله بها. في 26 أيار 1835، رُقّي إلى الكهنوت المقدس وأصبح كاتم أسراره، وأخذ يناهض بدعة “العابدات”، مدافعًا عن التقاليد والطقوس الصحيحة.
⚔️ مناهضة بدعة “العابدات”
كان بولس حاتم داعمًا للمطران ديمتريوس أنطاكي في محاربة أخوّيّة “العابدات”، ورفض أن يصبح نائبًا عامًا لتجنب الادعاءات بأن الأبرشية تحت سلطة أسقفين. نشر سنة 1839 كتابه “دحض الأضاليل الباطشتاوية”, حيث فضح بدعة العابدات المستوردة من تعاليم هندية، وأوضح الحرم الاحتفالي الذي أقيم في 3 آب 1847 بحضور كبار المطارنة. كوفئ لاحقًا من المطران ديمتريوس بالصليب، ليصبح أول “أرشمندريت” في تاريخ الطائفة الملكية الكاثوليكية.
🌍 بعثة رومية ودراسة اللغات
في 8 آب 1850 أُرسل إلى روما بمهمة رسمية من البطريرك مكسيموس مظلوم، وأقام هناك نحو سنتين، درس خلالها اللغة الفرنسية ودرس بعمق اللاتينية. بعد إتمام مهمته، جال في مدن إيطاليا وفرنسا، قبل العودة إلى حلب.
🕊️ دور الوحدة والإصلاح
عاد إلى حلب ليُساهم في استتباب السلم بين أفراد الطائفة وإزالة الفوضى، مستعيدًا وحدة الجماعة وطاعة رئيسهم الشرعي في أواخر 1852. في سنة 1860، ابتُلي بحمى شديدة دامت أربعين يومًا، معبرًا عن صبره وإيمانه خلال محنته.
🏛️ انتخابه أسقفًا لحلب
بعد وفاة المطران ديمتريوس أنطاكي في 9 تموز 1863، وجّه البطريرك إكليمنضوس بحوث بتاريخ 10 آب 1863 منشورًا إلى أبرشية حلب، يأمر فيه باجتماع اللجنة الانتخابية لاختيار خلف للمطران المتوفى، برئاسة الخوري يوسف حاتم، وبمشاركة كهنة الأبرشية وعشرين من أرخندس الطائفة. في 21 آب اجتمع الكهنة للانتخاب، وعددهم أحد عشر كاهنًا، وصوّتوا لصالح الخوري بولس حاتم سبع مرات من أصل أحد عشر صوتًا، فوّقّع الحاضرون وثيقة الانتخاب وأرسلوا نسخة إلى البطريرك إكليمنضوس، الذي صدّق على الانتخاب بتاريخ 31 آب 1863 واستدعى بولس حاتم للرسامة الأسقفية.
✝️ رسامته الأسقفية
ودّع الأسقف المنتخب أبناء الطائفة في 13 أيلول 1863، ثم توجه إلى الإسكندرية، وركب البحر إلى بيروت ووصلها في 19 أيلول. في 27 أيلول 1863 رّقّاه البطريرك إكليمنضوس بحوث إلى الدرجة الأسقفية، بمشاركة مطارنة بيروت وعكا، وأبقى له اسمه بولس، في كاتدرائية بيروت.
🕊️ عودته إلى حلب واستقبال الطائفة
بعد ثلاثة أيام، أي في 30 أيلول 1863، غادر بيروت وعاد إلى حلب، ودخلها في 5 تشرين الأول، حيث نظّمت الطائفة له استقبالًا حافلًا. وقد بعث له الشاعر الرومي الملكي فرنسيس فتح الله مراش من باريس قصيدة بعنوان “ثمرة البشرى ومرآة الذكرى”, يثني فيها على توليه رعاية الطائفة ويشير إلى فرح الجماعة بانتصاره الأسقفي.
🏛️ النشاط الطائفي بعد توليه السدّة الأسقفية
في 18 أيلول 1864، حضر المطران بولس حاتم المجمع الطائفي في دير مار يوحّنّا الشوير ببيروت، حيث استقال البطريرك إكليمنضوس بحوث (24 أيلول)، وانتُخب البطريرك غريغوريوس يوسف (29 أيلول). خلال المجمع، أقام بولس قدّاسًا احتفاليًا وخطب في صفات البطريرك الجديد، موقعًا باسم “بولس متروبوليت سلوقية وحلب”, ما دل على تغير أسبقية الرسامة الأسقفية بين الأساقفة.
✝️ زياراته ورعايته للأبرشية
في 17 أيار 1867، سافر إلى رومة بدعوة من البابا بيوس التاسع للاشتراك في احتفال تثبيت بعض القديسين، وعاد إلى حلب في 6 آب 1867. وفي سنة 1869، أضاف بفضل جهوده مدينة قورش الأثرية (قرب آّلز) إلى أبرشية حلب، معتمدة رسميًا من البطريرك غريغوريوس يوسف.
🕊️ الاشتراك في المجمع الفاتيكانّي الأوّل
استعد المطران بولس حاتم للمشاركة في المجمع الفاتيكانّي الأوّل، فغادر حلب في أيلول 1869، وشارك مع ثمانية أساقفة آخرين في الاجتماعات التمهيدية في دمشق، ثم انتقلوا إلى إيطاليا، ووصلوا رومة في تشرين الثاني. اجتمع المجمع لأول مرة في 8 كانون الأول 1869، وشارك بولس حاتم في الجلسات الأساسية حتى نيسان 1870، قبل أن يعود إلى الشرق ويصل حلب في أيار 1870. موقفه في المجمع كان متوافقًا مع البطريرك غريغوريوس يوسف، معارضًا بعض المعارضة ليس في عصمة البابا نفسها، بل لمناسبة توقيت إعلانها احترامًا للكنائس الأرثوذكسية.
🏛️ الاعتراف الرسمي لمقام حلب
في أوائل 1865، اعترف والي حلب ثريا باشا لطائفة الروم الكاثوليك بتقدّمها على باقي الطوائف المسيحية في المدينة، ووجه البطريرك غريغوريوس يوسف رسالة شكر له، مؤكدًا دور المطران بولس حاتم في تأكيد هذه المكانة وتنظيم شؤون الطائفة بحكمة وحسن إدارة.
🎼 اهتمامه بالتراتيل والطقوس الكنسية
كان المطران بولس مولعًا بالموسيقى الكنسية، فألف جوقة بيزنطية أدارها جرجس فتح الله اليان، وألف كتابًا موسيقيًا باسم “آتاب اقتطاف لوازم البصلتيكا”, ضم مجموعة من التراتيل البيزنطية مضبوطة بعلامات الموسيقى اليونانية، بعضها مبتكر محليًا، بما فيها أول أنشودة عربية مسجلة بعلامات موسيقية يونانية “صلاة للعذراء مريم”. كما أنشأ فرقة موسيقية وعازفين، وأصدر “بوليخرونيون” لمطران حلب، متضمنًا ألقابه الثلاثة: حلب وسلوقية وقورش.
📚 مؤلفاته
“دحض الأضاليل الباطشتاويّة الآتية عن ضلالات تعاليم هندية” (1839):
يتناول تفنيد أضاليل أخوّيّة عابدات قلب يسوع في حلب. توجد نسخة في مكتبة مطرانية حلب والمكتبة المارونية هناك.
الخطب:
جمع نحو ثلاثة آلاف خطبة، بعضهم جمعت في مجلدين، لكنها لم تُنشر.
🌟 خصاله
المطران بولس حاتم اتسمت مآثره وخصاله بالورع والاجتهاد في خدمة الطائفة. كان واعظًا بليغًا، يلقن العظة يوم الأحد والأعياد بعد القداس الكبير، ومسائيًا في الكنيسة الكاتدرائية وكنيسة القديس جاورجيوس، مخصّصًا اهتمامًا خاصًا لأعضاء أخوّيّة القربان، مستهلًا عظاته في السنوات الأخيرة بآية من نشيد الأناشيد. اهتم بتثقيف المرشحين للكهنوت في دار المطرانية بشدة، وأنشأ مكتبة معتبرة، متقنًا عدة لغات منها العربية واليونانية واللاتينية والإيطالية والفرنسية. كما أسس مدرسة لتعليم البصلتيكا، نظم الحفلات الموسيقية الأسبوعية، ومواظبًا على تلاوة الفرض الإلهي يوميًا. اتصف بالزهد في لباسه، محافظًا على بساطة ملبسه رغم إلحاح الوجهاء عليه، وغيورًا على مصالح المسيحيين والفقراء، إذ رفض تسليم سجلات الأبناء للحكومة لأغراض التجنيد العسكري، قائلاً: “أنا المطران وأنا الشعب”. كما حرص على المحافظة على مركزه، محافظًا على البروتوكول الكنسي حتى مع والي حلب، مؤكدًا على احترام الطائفة ومكانتها في المدينة.
⚰️ مرضه الأخير ووفاته
عانى المطران بولس حاتم في سنواته الأخيرة من مرض طويل الأمد عُرف باسم “مرض الملوك”، استمر نحو عشر سنوات، وخلالها عانى بصمت، حتى ألزمه ألم شديد على الفراش لمدة نحو ثلاثة عشر شهرًا نتيجة قرحة في ظهره. انتقل إلى جوار ربه في 10 شباط 1885، وأقيمت جنازته في اليوم التالي، ودُفن إلى يسار الهيكل الكبير في الكنيسة الكاتدرائية.
نقلاً عن كتاب “أساقفة الروم الملكيين بحلب في العصر الحديث”، مع بعض التصرف.