الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | ريف دمشق |
الطائفة | روم أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
يحتل دير السيدة المركز الثاني في الأهمية بعد القدس الشريف من حيث عدد زائري الأماكن الدينية في الشرق. يتربع الدير على رابية عالية تشرف على منطقة صيدنايا، وفيه مكتبة تضم العديد من الكتب المخطوطة الثمينة التي تُبيّن أن عهد بناء هذا الدير يرجع إلى حوالي سنة 547م.
🏛️ لمحة تاريخية
يروي المؤرخون أن الإمبراطور البيزنطي يوستنيانوس الأول، لمّا خرج بجيوشه لمهاجمة الفُرس، مرّ بطريقه عبر سوريا فوصل إلى صحرائها حيث عسكر الجند مع خيولهم ومعدّاتهم. ولكن ما لبث أن فتك بهم العطش نظرًا لقلّة المياه في تلك البقاع.
وفيما هم على هذه الحالة المؤلمة، إذ بأنظار الملك تقع من بعيد على غزالة شهية للصيد، فأخذ يطاردها بحماس شديد حتى كاد التعب أن يُنهكها، فوقعت على رأس تلٍّ صخريّة، ثم اتجهت صوب ينبوع ماء عذب رقراق. وهناك لم تترك الغزالة للصيّاد أي فرصة ليطلق السهام عليها، بل فجأةً تحوّلت هيئتها إلى أيقونة للسيدة العذراء يشعّ منها نور عظيم…
وخرجت من الأيقونة يد بيضاء وامتدّت عن بُعد نحو الملك الصيّاد، وقالت له:
«لن تقتلني يا يوستنيانوس… ولكنك ستُشيّد لي كنيسة هنا على هذه الرابية».
عادت العذراء «الغزالة ثانية» وظهرت ليوستنيانوس مرة ثانية في الحلم، وأرشدته إلى تصميم فخم، ويُقال إن هذا الرسم يُمثّل نفس الهندسة التي بُني عليها هذا الدير الشريف الذي لا يزال حتى اليوم محتفظًا بعظمته وجماله البيزنطي.
وقد جُسِّدت هذه الحادثة من خلال لوحة فنية رائعة معلّقة فوق مقام الشاغورة الحالي، وهي من رسم فنان يوناني، تتحدّث عن الكيفية التي بُني فيها الدير، والرسم المذكور أكثر تعبيرًا من النص.
🕯️ مقام الشاغورة
مقام الشاغورة هو القسم الأهم في دير السيدة، وهو غرفة صغيرة مظلمة تُضاء بالشموع والزيت دائمًا، ذات سقفٍ معقود تتدلّى منه مصابيح عديدة مملوءة بالزيت.
في جدارها الشرقي كُوّة ذات شبكٍ من الفضة فوقه قطع وسلاسل ذهبية وفضية وصلبان مختلفة مما قدّمه الزوّار في مختلف الأزمنة.
تُحفَظ أيقونة السيدة مريم العذراء وراء هذا الشبك، في داخل طاق محفور في الجدار، وهي إحدى النسخ الأصلية الأربع التي رسمها الرسول لوقا البشير، وتُلقَّب بالسريانية «شاهورة أو شاغورة» أي «المعروفة والذائعة الصيت».
يضم المقام أيضًا أيقونات فنية قديمة يرجع تاريخها إلى القرن الخامس والسادس والسابع الميلادي. وقد روت الكتب القديمة قصصًا وحكايات عن هذه الأيقونة العجائبية، وكم من سقيمٍ شُفي وكم من مصاب أُبرئ.
⛪ الكنيسة
الكنيسة كبيرة حسنة البناء. وروى الأب يسون اليسوعي سنة 1660م أنها تماثل أعظم كنائس فرنسا وأجملها.
يفصل الهيكل عن صحن الكنيسة حامل أيقونات (أيقونسطاس) من الخشب الملوّن والمحفور، يماثل في روعته أجمل ما تضم كنائس العالم، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر.
يقع أمام الهيكل ووراءه فرش من الفسيفساء الملوّنة تُصوّر بعض الحيوانات، وهو غاية في الجمال.
تحوي الكنيسة كذلك عشرات الأيقونات القديمة النادرة تعتبر كنزًا أثريًا، ولها ثلاث قباب بديعة أكبرها القبة الوسطى التي تتخللها أشعة الشمس من كل الجهات.
في سنة 1728م وجد السائح الروسي بارسكي أن الكنيسة تشبه كنيسة طور سيناء بل تفوقها جمالًا، وقد جُدِّدت سنة 1780م.
يدخل الزائر إلى الدير عبر باب صغير من الخشب السميك المصفّح بالحديد.
🏰 أهم أقسام الدير وأجنحته
المتحف والمكتبة: يقعان بجوار مقام الشاغورة، ويحتويان على كمية كبيرة ومتنوعة من الأواني والبدلات والأيقونات والكتب المقدّسة، حيث جُمع فيهما كل ما يمكن اعتباره عناصر تحكي تاريخ الدير.
دائرة الرئاسة: تقع قبالة الباب الغربي للكنيسة، وتُعدّ مقر القيادة المباشر للدير. وتتألف من عدة غرف مع فسحة سماوية، فيها مكتب ومقر إقامة رئيسة الدير ومساعدتها مع غرفة استقبال الزوّار.
الميتم: يقع في القسم الشمالي الغربي للدير، يضم حاليًا 35 فتاة يتيمة، يتلقين فيه العطف والعناية الاجتماعية والتربوية والصحية، ويفسح المجال أمامهن لمتابعة الدراسة.
حارة الراهبات: تقع بجوار الكنيسة وتتألف من عشرات الغرف، ولكل راهبة غرفتها الخاصة. يضم الدير حاليًا 39 راهبة يهتممن بخدمة الشاغورة والكنيسة والميتم والزوار.
دور الضيافة: تضم مجموعة كبيرة من الأجنحة والغرف المخصصة للضيوف من نزلاء الدير، موزعة في كل أرجائه.
المدرسة والروضة: تتبعان للدير ويُدرَّس فيهما بنات الميتم و125 طفلًا آخر من أولاد البلدة، ويسعى الدير لتوسيعها حتى تصل إلى المرحلة الإعدادية.
الأراضي الزراعية: يملك الدير حوالي 300 دنم تؤمّن له القمح والزيتون والخضراوات والفواكه، إضافة إلى تربية الأبقار والغنم والماعز لتوفير الحليب والعلف.
الموارد والتبرعات: يعتمد الدير ماديًا على تقدّمات المؤمنين وتبرّعاتهم المادية والعينية، إضافة إلى موارد الخدم الكنسية.
الخدمات الاجتماعية: يساهم الدير في إعانة العديد من العائلات المريضة ومساعدة نساء مهجّرات من مختلف الأقطار.
👑 الإدارة والاحتفالات
ترأس الدير حاليًا الحاجة كريستين باز، ويُعيد الدير لعيد ميلاد السيدة في 8 أيلول من كل عام.