الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | حمص |
الطائفة | سريان أرثوذكس |
الموقع على الخريطة |
🏛️ تاريخ بناء كنيسة مار سركيس وباخوس
يَرْتَقِي عهدُ بنيان كنيسة مار سركيس وباخوس إلى سنة 1756م، وكان المهتمُّ ببنائها الشيخُ عيسى النعمة (زفرات القلوب للخوري عيسى أسعد ص 100) على قطعة أرض حبستها سيدةٌ مؤمنة تُسمَّى “شامية امرأة عبيد” على دير مار موسى الحبشي، وهي حصتها من كرم التوتة ضمن قرية صدد عن ذمة ابنها بشارة 1656م، فَسُمّيت الكنيسة باسم توتةٍ حمراء شاميةً على اسمها.
وبجانب الكنيسة بيتٌ للعماد ومدفنٌ للكهنة. وللكنيسة بئرٌ تطوّق فمه حلقةٌ حجريةٌ زرقاء (صوانية) أثريةٌ مدبجة بحروف يونانية قديمة العهد.
✝️ قصة بناء الكنيسة
لِبِنَاءِ هذه الكنيسة قصةٌ عجيبةٌ يتناقلها أبناء صدد الخلف عن السلف، نَذْكُرها باختصار:
في النصف الأول من القرن الثامن عشر استدعَى السلطانُ العثماني أحدَ أكبر أعيان منطقة حمص لمحاكمته في إسطنبول، وكان المعنيُّ بذلك أسعدَ آغا سويدان، وكان أسعد آغا من كبار أفندية حمص وسورية آنذاك. وانتشر الخبرُ بسرعةٍ البرق في حمص، وكان له صدى شؤم على الآغا، إذ أن إسطنبول آنذاك وُصِفَت بأنها مقبرةُ الأحياء، وكلُّ من يُسافِر إليها بطلب السلطان لا يعود.
ذهبت مشايخ صدد لتوديع الآغا، فسأَلَهم أن يُصلّوا لأجل عودته بالسلامة، فطلبوا منه أن يُؤمِّن لهم رخصةً لبناء كنيسة، إذ أن بناء الكنيسة آنذاك كان يَتطلّب موافقةَ السلطان. فأخذ عهدًا على نفسه أنه سَيَسعى لدى السلطان للحصول على براءةٍ لبناء كنيسة في صدد على اسم الشهيد مار جرجس (الذي يُدعوه المسلمون بالخضر).
سافر الآغا إلى الباب العالي، وهناك تعرف إلى شخصٍ من حاشية السلطان اهتمَّ لأمره وأكرمه، وانتهت محاكمته بتبرئته. ولشدة سرور الآغا بنجاح مهمته ودّع السلطان ومضى يتجوّل في أسواق الأستانة لشراء الحاجات، وكان كلما انتقل من مكانٍ لآخر اعترضه فارسٌ يركب جوادًا، وفي المساء مضى إلى خان ليقضي ليلته، فرأى في منامه طيفَ القديس مار جرجس يُذكِّره بالعهد.
انتفض الآغا مذعورًا وطلب مقابلة السلطان، وروى له ما حدث معه، فَمُنِحَ براءةً لبناء كنيسة. وعندما عاد، سَلَّمَ البراءة إلى أهالي صدد الذين قدموا ليهنئوه بالسلامة. اتفق رجال صدد فيما بينهم على أن يُبْنوا كنيستين بدل واحدة في آنٍ واحد: واحدة على اسم الشهيد مار جرجس، والأخرى على اسم الشهيدين مار سركيس ومار باخوس.
🖌️ وصف الكنيسة وزخارفها
عندما تطأ قدماك عتبة هذه الكنيسة تشعر بهزةٍ هيبةٍ وخشوعٍ من مشاهدة تلك التصاوير المرسومة على جدرانها الأربعة وهيكلها الجميل، وتشتمل على تمثيل بعض الآباء والشهداء وملافنةً (سريانية تعني معلمي) وقديسي الكنيسة بوضوح وقامةٍ كاملة، وكيفما تحولت إلى ناحية تشاهد أعينهم مصوبةً إليك.
هاك تفاصيلها:
في الجدار الغربي مجموعة من الرسوم تُمثِّل ولادةَ السيد والمخلّص يسوع المسيح في مذوَدِ الحيوانات، والباقي كما مر بك، وبقرب هذا المشهد الرائع رُسِمَ البطلُ الأشم مار تيئودوروس يعلو جواده ويطعن برمحه تنينًا في قلبه.
وفي الحنية الجنوبية رسمٌ ليونان النبي التهمه حوتٌ عظيم، ومن جوف الحوت يرفع صلاةً لله (وقد رأى البعضُ رموزًا من نوع هذا الحوت، وفي بطنه فرسٌ كامل، فلا يُستغرب أن يبلع رجلاً كاملًا).
أما في الهيكل من جهة الجنوب فهناك رسمان: أحدهما للقديس أنطونيوس، والثاني للأنبا مقاريوس المصري، وبيد كل منهما سبحو وكتاب صلوات، وتحت أقدامهم حيةٌ يَطأُنها معًا. ويليهما رسمٌ للملفان باسيليوس العظيم.
وفي جدار الهيكل الشرقي صورة القديس ديمتريوس. ويليه رسومٌ يَتَمَثَّل بها السيد المسيح داخلاً إلى الهيكل مع القديسة مريم أمه، وهي تحمل بيديها فرخي حمام تقدمةً عن بكرها تكميلاً لشريعة موسى (لا 12:2–8)، يرافقها يوسف البار وسمعان الشيخ يحمل السيد المسيح على ذراعيه (لو 2:28). ويليهم رسم العلامة مار غريغوريوس الملفان، وعن يمينه رسم الأبوين القديسين مار ديوسقوروس والأسقف صاروخان، الذي ساعد الأسقف إبراهيم بزخرفة هذه التصاوير الرائعة.
وفي الجدار الشرقي رسم للشهيد مار جرجس، الذي جَدَّدَه الرسّامُ الماهر حنا الشامي عام 1924م، بدلًا من الرسم الأصلي الذي أتلفته الرطوبة وعفا أثره، وبجانبه رسم الملفان العام مار أفران السرياني، الذي لَقَّبَه العلماء باسم “نبي السريان”، ويليه رسم للقديسة مريم وفي حضنها الطاهر يسوع المسيح يرضع من ثديها المبارك، وتحته شخصٌ يتبارك بتقبيل يده، ويوسف البار معهما، وعلى هامة العذراء إكليلٌ من نورٍ يسنده ملاكان من طرفيه.
هذا ولم نذكر من الصور إلا الشيء البسيط كأمثلةٍ فقط.
🏗️ بنية الكنيسة والمرافق
وللكنيسة جدارٌ قائم من حجارةٍ بيضاء بين صحن الكنيسة والهيكل، وهو مُدَبَّجٌ بنقوشٍ بديعةٍ محفورة، وهي تمثل قوسًا من زهورٍ تجدد سنة 1900م، يرتفع 50 سم عن أرض الكنيسة.
أما سقف الكنيسة فيزينه عددٌ من الثريات البلورية المهداة من المؤمنين، وتبرعاتهم تُنَار بالكهرباء، وفي السقف اثنتا عشرة بيضةً من بيض النعام معلقةً ومدلاةً.
وفي إيوان الكنيسة سلمٌ من حجرٍ يؤدي إلى بهو واسع، ومنافعه مُعَدَّة لراعي الأبرشية يحل فيها أثناء زيارته الرعوية.