الدولة | سوريا |
---|---|
المحافظة – المدينة | حمص |
الطائفة | سريان أرثوذكس |
الموقع على الخريطة | ![]() |
🕍 الكنيسة وتاريخها
شُيِّدَ السريان الحمصيون كاتدرائية أم الزنار في حمص ـ بستان الديوان ـ سنة (59م) في زمان البشير إيليا، وسُمّيت بهذا الاسم لوجود زنار السيدة العذراء فيها. (كانت قبل وجوده عام 476م تُعرَف بكنيسة السيدة العذراء)، وظلَّ أمره سرًا حتى عُثر عليه بالمصادفة سنة 1953 قداسة البطريرك (مار أغناطيوس إفرام الأول برصوم) بينما كان يُقَلِّب المخطوطات السريانية: «وكان قبل قرن من اكتشافه الأخير قد عُثِرَ عليه ثم أُعيدت تخبئته».
وأهم ما يُميِّز الكنيسة الأيقونات المشهورة وطرازها المعماري، حيث بُنيَت من الحجر البازلتي الأسود، تُزيِّنُه القناطر والزخارف المعمولة منذ القرن التاسع عشر، والمكتشفات الأثرية التي تمت فيها، حيث يوجد تحت الكنيسة كنيستان إحداهما فوق الأخرى، ولا تزال التنقيبات جارية حتى الآن، كما يوجد بئر ماء يصل إلى عمق 20م فيه متران ونصف المتر من الماء، والغريب في الأمر أن مستوى الماء لم يتغير فيها منذ نشوء الكنيسة وحتى الآن بالرغم من أنه مصدر المياه الرئيس للكنيسة.
✝️ قصة الزنار
كانت السيدة العذراء في الرابعة عشرة من عمرها عندما حَمِلَت بالسيد المسيح الذي ولدته وهي بتول، فربَّتَه وشَهِدَت موته وقيامته، وواظبت على التعبد والتأمل حتى وفاتها، فُجُنِّزَت بواسطة الرسل وكانت قد بلغت السبعين من عمرها، وبعد وفاتها بثلاثة أيام حمل الملائكة جسدها الطاهر إلى السماء. حينذاك رآهم القديس توما الذي كان يُبشِّر في الهند والذي لم يُشْتَرَك في تجنيز السيدة العذراء، فطلب علامة برهن بها لرفاقه عن حقيقة صعودها إلى السماء، فأعطته زنارها.
🗺️ تنقلات الزنار
أخذ القديس توما الزنار معه عند رجوعه مرة ثانية إلى الهند، وصحبه معه في الأماكن التي بَشَرَ فيها حتى وفاته، فُحُفِظَ الزنار مع رفاته طوال أربعة قرون. وفي أواخر القرن الرابع الميلادي نُقِلَ الزنار من الهند إلى الرها مع رفاة القديس، ثم نُقِل الزنار وحده إلى كنيسة العذراء في حمص سنة 476م، حيث أن راهبًا يُدعَى الأب (داود الطور عبديني) قد حَلَّ في الكنيسة ومعه الزنار، فَخَلَع الزنار اسمه على الكنيسة منذ ذلك الحين.
🏗️ تجديد الكنيسة واكتشاف الزنار
بعد ذلك بمدة خاف الحمصيون على الزنار، فدَفَنُوه داخل الكنيسة في وعاء معدني، وظل كذلك حتى سنة 1852م، حيث أراد السريان تجديد كنيستهم فُوجِدَ الزنار ثم أُعيدَ إلى مكانه، ووُضِع فوقه حجرٌ كبير نقشوا عليه بالخط الكرشوني (مزيج بين الكتابة السريانية والعربية) تاريخ تجديد الكنيسة وتاريخ بنائها، كما نقشوا أسماء المتبرعين.
ونتيجة لعوامل كثيرة أهمها الاضطهاد الذي وقع على الكنيسة، لجأ الآباء إلى إخفاء الزنار، ونُسِيَ أمره حوالي مئة عام. وفي عام 1953 شاءت إرادة الله أن يُكشَف الأمر لقداسة البطريرك مار إفرام، الذي قال في منشوره البطريركي: «لما كنا نتفحص كتابًا كرشونيًا يتضمن قصصًا ومواعظ، ظهر لنا مجلد بعدة أوراق كُرِّست فوق بعض، ولما فُتِح جلد الكتاب وجدناه مُؤلَّفًا من 46 رسالة بالكرشوني والعربي كتبها وجهاء أبرشية سورية إلى وجهاء مدينة ماردين المجاورة لمقر الكرسي البطريركي، ذكروا فيها أنهم حينما هدموا كنيستهم بغية توسيعها وتجديد بنائها وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعًا في وعاء وسط مائدة التقديس في المذبح».
بناءً على هذه المعلومات كشف البطريرك الأمر، حيث وُجِدَ رَقِيمٌ حجري وتحته جرن قديم مغطى بصفيحة نحاسية وداخله الوعاء الذي تكسّر لعتقه، فظهر الزنار ملفوفاً بعضه على بعض، جُمِعَت أجزاء الوعاء وحُفِظَت، وشاع الخبر في مدينة حمص.
🌟 أهمية الكنيسة الحالية
وإذا كانت الكنيسة فيما مضى مركز البطريركية السريانية (قبل أن يُنقَل إلى دمشق العاصمة)، إلا أنها تُعتبر أهم كنيسة في حمص، وهي الآن مقر المطرانية السريانية ومركز حج مهم لكثير من الزوار المؤمنين.
ويُجري الآن ترجيع الكنيسة إلى الحجر الأسود، حيث بدأ العمل بنزع الأسمنت عن غرفتين لتتجلّى منظر الحجر الأسود بأروع ما يكون، كما تم هدم حائط كان يفصل دار الكنيسة وقاموا بنزع البلاط من أرضية الكنيسة.
ومؤخراً وبالتعاون ما بين المطرانية ووزارة السياحة تمّ إجراء دراسة أثرية، حيث تمّ الاتفاق على إقامة جدران استنادية وإكمال أعمال الحفر والترميم، ومازال المشروع قيد التنفيذ. وما يجدر ذكره أن الكنيسة القديمة تحوي كثيرًا من المكتشفات الأثرية المهمة، حيث تم رفع عدد من الأيقونات القديمة ووُضِعَت في الكنيسة.
وأهم مرجع تاريخي تحدّث عن تاريخ الكنيسة فهو منشور بعنوان «اللؤلؤ المنثور» للبطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم.