| الدولة | لبنان |
|---|---|
| المحافظة – المدينة | الشمال |
| الطائفة | روم أرثوذكس |
| الموقع على الخريطة |
⛪ التعريف والمكانة
البلمند أو بلمونت Abbatia Belimontis تسميةٌ لاتينيةٌ، تعريبها الجبلُ الجميلُ، وهو على اسم والدةِ الإله، لذلك يُدعَى بديرِ سيدةِ البلمند.
يقعُ هذا الديرُ التاريخيُّ بين قريتي أنفَة والقلمون في الجنوب الشرقي من مدينةِ طرابلسَ اللبنانيةِ حيث يربضُ على تلةٍ جميلةٍ (وقد أتت تسميةُ الجبلِ الجميل منها)، وتطلُّ على بلدةِ القلمون.
بُنيت الطبقةُ الأولى من هذا الديرِ في 30 أيار عام 1157م بأيدي رهبانِ القدِّيس برناردوس الذين كانوا قد وفدوا مع الفرنجة في حملاتهم المشرقية، وجعلوهُ مكانًا للعبادةِ والصلاةِ.
من المرجَّحِ أنّهم بنوه على بناءِ ديرٍ بيزنطيٍّ سابقٍ، يعودُ إلى القرنِ الثامن الميلادي، والبعضُ يقول إلى القرن السادس، على بناءٍ وثنيٍّ، وهذا القول الأخير مرفوضٌ، إذ إن الإمبراطور قسطنطين أصدرَ مرسومَ ميلانو الشهير في مطلع القرن الرابع بإطلاق حرية العبادةِ للمسيحيين، ثم أصبحت بفضل الإمبراطور ثيوذوسيوس الكبير دينَ الدولةِ الرسمي في الثلث الأخير من القرن الرابع.
أما المستندُ الأثريُّ الذي يؤكّدُ حجةَ بنائه على ديرٍ بيزنطي (يعود إلى القرن الثامن الميلادي)، فهو وجودُ تاجِ عمودٍ بيزنطيٍّ في البناء.
يُضافُ إلى ذلك، خروجُ رهبانِ برناردوس عن المألوف عندهم وتشييدُ بنائهم هذا على ارتفاع مئتي مترٍ عن سطحِ البحر. وتتجهُ كنيسةُ سيدةِ البلمند نحو الشرق الشماليّ وتتضمن حنيّةً كبيرةً وسوقًا واحدًا ومذبحًا واحدًا.
الاكتفاءُ بمذبحٍ واحدٍ هو خروجٌ على تقاليد هؤلاء الرهبان، بالإضافة إلى ما يمكن ملاحظته من نقوشٍ وتيجانٍ أيونيةٍ وكورنثيةٍ، والرخامُ المفروشةُ به أرضَ كنيسةِ القدِّيس جاورجيوس في ديرِ البلمند.
📜 إعادة الافتتاح والرهبنة
وفي عام 1603م مسيحيةٌ أُعيدَ افتتاحُه بعد إصلاحهِ (بعد أن هُجِرَ مدة 330 سنة). من ذاك الوقت دخلت الرهبنةُ إليه وأصبح من أهمِّ الأديارِ الرهبانيةِ في الكرسي الأنطاكي.
أما الطبقةُ الثانيةُ من الدير فقد تمّ بناؤها في القرن الثامن عشر وتُعتبر (الشقةُ الحلبية) واحدةً من أبرز معالمِها، فقد بناها الرهبانُ الحلبيون، وقسَّموها غرفًا، استُخدمت لأغراضٍ مختلفةٍ، ثم استُخدمت هذه الطبقة الثانية دارًا للمدرسةِ الإكليريكيةِ. وهناك عددٌ كبيرٌ من القلايات الرهبانية فيها.
🏫 المدرسة الإكليريكية
في عام 1833م افتتح رئيسُ الدير الأرشمندريت أثناسيوس مدرسةً إكليريكيةً وضمَّ إليها 30 تلميذًا من الرهبان. أُغلِقَت عام 1840م بأمر البطريرك مثوديوس، ولكن معظمَ الرهبانِ بقوا في الدير.
أُعيدَ افتتاحُ المدرسة في 3 كانون الثاني 1900م في عهدِ البطريركي ملاتيوس الدوماني حيث تخرج منها أول فوجٍ عام 1905م منهم بطاركةٌ وإكليريكيون. ثم تابعت مسيرتَها إلى عام 1962م حيث تولّى الوكيلُ البطريركي المطران أغناطيوس رئاسةَ الدير وإدارةَ المدرسة حيث حَقَّقت في عهده قفزةً نوعيةً عظيمةً وقد بلغت مستوى القسم الثاني من البكالوريا اللبنانية. واستطاع إنشاء المدرسة الحديثة بجوار الدير التاريخي.
⛪ الكنائس
يضمُّ الديرُ كنيستينِ:
- الأولى: كنيسةُ رقادِ السيدة، وهي الأقدمُ والأكبرُ، وفيها مجموعةٌ من الأيقوناتِ التي تنتمي إلى المدرسة الروسية، وتعودُ في غالبيتها إلى القرن 17م، إضافةً إلى أيقونةٍ لوالدةِ الإله تعودُ إلى القرن الرابع عشر.
- الثانية: كنيسةُ القديس جاورجيوس، وهي أصغرُ حجمًا من الأولى، وفي البدء استخدمها رهبانُ برناردوس قاعةً للفرسان، ثم ما لبثوا أن حوّلوها إلى كنيسةٍ للصلاةِ وللحياةِ الرهبانية. في هذه الكنيسة ثلاثُ أيقوناتٍ تعود إلى القرن 18م وتنتمي إلى المدرسةِ الحلبية. أما أيقونةُ القديس جاورجيوس شفيع الكنيسة، وهي الأيقونة الرئيسة، فقد رُسِمت في أورشليم في القرن 19م.
🎓 القاعة والهندسة المعمارية
في الديرِ قاعةٌ تُستَخدَمُ للمحاضراتِ بدون استعمالِ مكبراتِ صوتٍ حيث إن هندستَها تُغني عن استعمال المكبرات وتشهدُ لعظمةِ فنِّ العمارة آنذاك.
أما قبةُ كنيسةِ الرقاد فتعودُ إلى القرن الثاني عشر، وتشكل نموذجًا هندسيًا فريدًا من نوعه بين كنائس الشرق الأوسط.
ما يُميِّز هذه الكنيسة أنّها شُيِّدت فوقَ كنيسةٍ أخرى أقدم منها تاريخيًا، ولعلّها تعود إلى القرن الثامن، وتتصلان بممرٍّ خفيٍّ لا يظهر للعيان احترازًا وحيطةً.
🛠 الترميم والحفظ
منذ أعوام يشهد هذا الديرُ البطريركيّ، بكنيسته وأرجائه حيث يعبق البخور تسبحةً لله عزَّ وجلّ، حملةً ترميميةً هدفُها المحافظةُ عليه، بعدما سبقتها مهمةٌ مماثلةٌ قضت بتسجيله من ضمن الآثار في مصلحةِ الآثار اللبنانية بهدف حمايته، ويعود الفضل فيها إلى غبطة مولانا البطريرك عندما كان رئيسًا للدير والمدرسة في الستينات.