الولادة: 860
الوفاة: 911
البابا سرجيوس الثالث (Sergius III) هو البابا رقم 119 في تسلسل باباوات الكنيسة الكاثوليكية، وقد تولّى السدة البابوية من عام 904م حتى 911م، في واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا وفسادًا في تاريخ الكنيسة، ضمن ما يُعرف تاريخيًا بـ “عصر الانحطاط البابوي” أو “القرن المظلم”. وُلد سرجيوس في روما، في قلب الدولة البابوية، وكان من عائلة رومانية أرستقراطية، مما منح مسيرته الكنسية بُعدًا سياسيًا بارزًا منذ بدايتها.
خلفيته الدينية والسياسية
كان كاهنًا كاثوليكيًا ورجل دين مثقفًا، وقد شغل منصب أسقف تشيرفي (Bishop of Caere) في شبابه. دخل معترك السياسة الكنسية من باب الولاء للبابا فورموسوس، ثم انقلب عليه لاحقًا، مما يعكس تقلب مواقفه حسب المصالح السياسية. وقد لعب دورًا بارزًا خلال الاضطرابات التي تلت وفاة فورموسوس، وشارك في الأحداث التي مهدت لمحاكمته الجثوية الشهيرة.
في عام 898م، حاول سرجيوس الوصول إلى الكرسي البابوي لكنه فشل أمام البابا يوحنا التاسع، فنُفي إلى خارج روما. لكنه عاد بعد سنوات، مدعومًا من أقوى عائلة أرستقراطية في روما آنذاك، وهي عائلة توسكولوم بقيادة النبيلة ماروزيا ووالدها ثيوفلاكتوس، ليصبح أداة في يدهم للسيطرة على الكرسي الرسولي.
بابويته (904–911م)
تولّى البابوية بالقوة بعد إقصاء البابا الشرعي كريستوفر (الذي يعتبره البعض منتحلًا).
أعاد إدانة البابا فورموسوس، وأقرّ شرعية المجمع الجثوي، بل أمر بإحياء ذكراه، وأعاد دفن جثته في مكان غير مشرف.
عُرف بعلاقته الوثيقة مع ماروزيا، التي يُعتقد أنها كانت عشيقته، ويُقال إنه أنجب منها ابنهما يوحنا الحادي عشر، الذي أصبح لاحقًا بابا، وهو ما اعتبره المؤرخون فضيحة كبرى أثرت في سمعة الكرسي البابوي.
خلال فترة حكمه، سيطرت العائلات النبيلة الرومانية على الكنيسة بشكل شبه كامل، وحوّلت البابوية إلى أداة لتحقيق مصالحها.
وفاته ودفنه
توفي سرجيوس الثالث في عام 911م بعد حبريّة استمرت سبع سنوات.
دُفن في بازيليك القديس يوحنا اللاتيراني في روما، التي كانت آنذاك الكاتدرائية الرسمية للباباوات.
مكانته في التاريخ
يُعد سرجيوس الثالث واحدًا من أكثر الباباوات إثارة للجدل، إذ اختلطت في حبريته السياسة بالدين، والمصالح الشخصية بالمكانة الكنسية. كان سياسيًا بارعًا استغل الأوضاع المضطربة لصالحه، لكنه أيضًا أضعف مكانة الكنيسة أمام نفوذ الأسر الأرستقراطية. تُعتبر حبريته بداية رسمية لفترة يُطلق عليها بعض المؤرخين “عصر البغايا” (Saeculum obscurum)، حيث سيطرت نساء من عائلة توسكولوم على قرارات الفاتيكان من وراء الستار.