الولادة: –
الوفاة: 578
مار يعقوب برادَيوس (Jacob Baradaeus) هو من أهم الشخصيات الكنسية في تاريخ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القرن السادس الميلادي (توفي عام 578 م تقريبًا)، ويُعتبر المؤسس الفعلي والمنقذ لهذه الكنيسة في القرن السادس الميلادي، في زمن كانت فيه الكنيسة تمر باضطهادات شديدة على يد الإمبراطورية البيزنطية بسبب خلافات عقائدية حول طبيعة المسيح.
الأصل: من بلدة تلا (Tella) في منطقة الرها (أورفا الحالية في تركيا)
اللقب: “برادَيوس” جاء من كلمة “برادَة” (بالسريانية: ܒܪܕܥܐ) بمعنى “الرداء الخشن أو الثوب البالي”، لأنه كان يرتدي ثيابًا رثة تخفي هويته أثناء تنقله خوفًا من الملاحقة.
السياق التاريخي
بعد مجمع خلقيدونية (451 م)، حصل انقسام عقائدي كبير في الكنيسة بشأن طبيعة المسيح.
السريان الأرثوذكس (وغيرهم من الكنائس اللاخلقيدونية مثل الأقباط والأرمن) رفضوا قرارات المجمع، وتم اضطهادهم من قبل الدولة البيزنطية.
الكثير من أساقفة الكنيسة السريانية تم نفيهم أو سجنهم أو ماتوا، وأصبحت الكنيسة مهددة بالانقراض.
الدور العظيم لمار يعقوب
التكريس كأسقف: في حوالي سنة 543 م، تمت رسامته سرًا كأسقف على يد ثيودوسيوس بطريرك الإسكندرية المنفي، ليقود الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ويعيد بناء هيكليتها.
العمل السري والشجاع: جال مار يعقوب سرًا على مدى 35 عامًا في سوريا، وبلاد ما بين النهرين، وبلاد فارس، وأرمينيا، وشرقي الروم، وهو يرتدي زي الفقراء لتجنب القبض عليه.
رسامة الأساقفة: رسم مار يعقوب أكثر من 80 أسقفًا وميطرانًا، وعددًا كبيرًا من الكهنة، ما أعاد الحياة إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية التي كانت على وشك الزوال.
إعادة تنظيم الكنيسة: أسس شبكة كنسية قوية في أنحاء سوريا والعراق وفارس، ما ضمن استمرارية الكنيسة واستقلالها العقائدي والإداري عن الدولة البيزنطية.
إنجازاته
مؤسس فعلي للكنيسة السريانية الأرثوذكسية بصيغتها الحالية، لذلك يُطلق عليه أحيانًا “الرسول الثاني”.
حافظ على الإيمان اللاخلقيدوني (الميافيزي) رغم الاضطهادات العنيفة.
ساعد في ترسيخ اللغة والثقافة السريانية، التي أصبحت عنصرًا أساسيًا في الكنيسة.
عُرف بورعه، تواضعه، وتقشفه الشديد، وكان يعيش على الحد الأدنى من الطعام والملبس.
وفاته وتكريمه
توفي حوالي عام 578 م في مدينة أوسنونا (الرها أو ديار بكر حاليًا).
تُكرّمه الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كقديس، ويُحتفل بتذكاره سنويًا.
يُعتبر رمزًا للبطولة الروحية، والحفاظ على الإيمان في وجه الاضطهاد.
كل بطاركة وأساقفة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الحاليين يتبعون في سلسلتهم الرسولية خط مار يعقوب برادَيوس.
الكنيسة تُدين له ببقائها، وتعتبره أحد أعظم قديسيها.
يُعد شخصية محورية في التاريخ المسيحي الشرقي، ورمزًا للمقاومة السلمية والقيادة الروحية.