الولادة: 1873
الوفاة: 1897
القديسة تريز الطفل يسوع (تريز دو ليزيو)
أجيال من الكاثوليك أعجبوا بهذه القديسة الشابة، ولقبوها بـ”الزهرة الصغيرة”، ووجدوا في حياتها القصيرة إلهامًا يفوق ما قرأوه في مجلدات اللاهوتيين.
رغم أنها توفيت في عمر 24 سنة فقط، بعد أن قضت أقل من عشر سنوات كراهبة كرملية متقشفة، ولم تؤسس أي رهبنة، ولم تذهب في بعثات تبشيرية، فإن حياتها أثرت بشكل عميق. كتابها الوحيد “قصة نفس”، وهو نسخة مختصرة من مذكراتها نُشر بعد وفاتها، وقد ألهم الآلاف حول العالم.
في عام 1925، تم إعلان قداستها بعد 28 عامًا فقط من وفاتها، بسبب الطلب الشعبي الهائل.
ورغم أن البعض انتقدوا تصوير حياتها على أنها عاطفية بشكل مبالغ فيه، فإن رسالتها لا تزال بسيطة وعميقة: أن القداسة يمكن أن تُبنى من خلال الأعمال الصغيرة اليومية المملوءة بالمحبة.
نشأتها
وُلدت تريز في فرنسا عام 1873، لأب وأم كانا يطمحان لحياة دينية. لكن بعد الزواج، وتحت توجيه كاهن، بدأوا حياتهم الزوجية الطبيعية وأنجبوا تسعة أطفال، عاش منهم خمس فتيات فقط.
في سن الرابعة والنصف، توفيت والدتها بسرطان الثدي، مما سبب لها جرحًا عميقًا. تولت أختها الكبرى بولين دور الأم، لكنها سرعان ما دخلت الدير، فزادت مشاعر الفقد لدى تريز.
عانت تريز من مرض خطير في طفولتها، وظن من حولها أنها ستموت، لكنها شُفيت بطريقة معجزة بعد أن صلت أمام تمثال للعذراء مريم ورأت مريم تبتسم لها.
منذ صغرها، بدأت تريز تمارس الصلاة الداخلية الصامتة، وتفكر في الله والحياة الأبدية.
عندما قررت الانضمام إلى دير الكرمل، رُفض طلبها لصغر سنها. لكنها لم تستسلم، فذهبت إلى أسقف منطقتها، ولما لم تجد تجاوبًا، سافرت إلى روما وطلبت من البابا نفسه الإذن بالدخول إلى الدير. ورغم التعليمات بعدم الحديث، تحدثت إليه وأخذها الحراس، لكن شجاعتها أثارت إعجاب المسؤولين، وفي النهاية، تم قبولها.
في الدير
كان الواقع مختلفًا عن أحلامها. لم تكن الحياة الرهبانية سهلة، واضطرت إلى التضحية بصمت، والقيام بأعمال صغيرة بمحبة. كانت تبتسم في وجه من لا تحبهم، وتتحمل الإهانات بصبر، وتأكل ما يُقدَّم لها دون شكوى.
أعظم تضحياتها كانت خفية وغير معترف بها من الآخرين. وعندما أصبحت أختها بولين رئيسة الدير، طلبت منها أن تبقى مبتدئة مدى الحياة لتجنب الاتهامات بالمحاباة، فقبلت ذلك كنوع من التضحية.
في نهاية حياتها، أُصيبت بمرض السل، وكانت تتألم بشدة، لكنها احتفظت بابتسامتها رغم الألم. كتبت:
“الحب يُبرهن عليه بالأفعال، والأفعال التي أستطيع القيام بها صغيرة، لكنها تملأ قلبي بمحبة الله.”
وتقول أيضًا:
“لطالما أردت أن أكون قديسة. ولكن حينما قارنت نفسي بالقديسين، وجدت أن الفرق بيني وبينهم كالفرق بين الجبل وحبة رمل. ومع ذلك، لم أيأس، لأن الله لا يضع في قلب إنسان رغبة مستحيلة. لذلك، سأبقى صغيرة، وسأصعد إلى السماء بالمصعد – ذراعا يسوع!”
وفاتها
توفيت في 30 سبتمبر 1897. قبل وفاتها، قالت: “بعد موتي، سأُسقط أمطارًا من الورود. أريد أن أقضي السماء في عمل الخير على الأرض.”
بعد وفاتها، ظن البعض في الدير أنه لا يوجد شيء مميز يُقال عنها. لكن كتاباتها ألهمت الآلاف، وسرعان ما انتشر صيتها، وفي غضون سنوات، تم إعلان قداستها.
إرثها
رغم أنها لم تسافر أبدًا، أصبحت شفيعة الإرساليات بسبب صلواتها ودعمها للمبشرين. رسالتها البسيطة – أن القداسة تتحقق بالأعمال الصغيرة اليومية المملوءة بمحبة – لا تزال مصدر إلهام حتى اليوم.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت