الولادة: –
الوفاة: –
مار سلوانس الناسك (ܡܪܝ ܣܠܘܢܣ ܢܣܟܐ)، أحد الشخصيات النسكية الهامة في القرن الرابع الميلادي، وواحد من تلاميذ مار أوجين.
عاش في القرن الرابع الميلادي، وهو عصر ازدهار الحركة النسكية في مناطق ما بين النهرين وبلاد ما حولها. أقام وعاش كنسك في جبل إزل، وهو جبل معروف قرب مدينة ماردين الواقعة حالياً في جنوب شرق تركيا. كان أحد تلاميذ مار أوجين (مار أوغين)، الذي يُعتبر من مؤسسي الرهبنة النسكية السريانية في ذلك العصر. تأثر كثيراً بتعاليم وأسلوب مار أوجين في الزهد، الصلاة، والتأمل الروحي.
حياته النسكية
اتّبع حياة الانعزال الكامل عن العالم، مكرّساً وقته للصلاة والصوم والتأمل. عاش في الكهوف والأماكن الوعرة على جبل إزل، متنقلاً بين الخلوات، معتمداً على البساطة والابتعاد عن زخارف الحياة الدنيوية. كان مثالاً للورع والتقشف، ما أكسبه احتراماً واسعاً بين الرهبان والناس.
تعاليمه الروحية
ركّز على تطهير النفس والاقتراب من الله بالزهد والعبادة المستمرة. واعتبر أن النسك الحقيقي يبدأ بخدمة الفقراء والبساطة في الحياة. علم أن الإنسان عليه أن يصارع الشهوات والضلالات الداخلية ليصل إلى السلام الروحي. ترك تأثيراً واضحاً في الحركات النسكية في منطقة ماردين وما حولها. وساهم في تأسيس أسلوب حياة رهبانية متجذرة في الأرضية السريانية الشرقية. أُعطي مكانة القديس والراهب الكبير في التراث السرياني، ويُذكر في السنكسارات مع غيره من الآباء النسكيين.
التذكارات والطقوس:
يحتفل بعيد مار سلوانس الناسك في بعض الكنائس السريانية في تاريخ متغير بحسب التقاليد المحلية. يُذكر في صلوات الرهبان وفي كتب السنكسارات كأحد نماذج القداسة والنسك.
قصص وحكايات عن مار سلوانس الناسك
النسك في الكهف الصامت
يروى أن مار سلوانس كان يعيش في كهف صغير على جبل إزل، وكان يلتزم الصمت التام لأيام طويلة، لا يتحدث إلا للصلاة والتسبيح. كان يقول: “الصمت هو لغة الله التي تسمعها النفس النقية.” ويُقال إنّ أصوات الريح في الكهف كانت تبدو وكأنها ترانيم سماوية، مما جذب الرهبان والناس لزيارته والتعلم منه.
اختبار الإيمان في العزلة
ذات مرة، جاء تلميذ جديد يريد أن يصبح ناسكاً تحت إشراف مار سلوانس، لكن كان ضعيفاً أمام تجارب العزلة والصوم. فطلب منه سلوانس أن يصوم ثلاثة أيام كاملة في الكهف دون طعام ولا كلام. في اليوم الثالث، ظهر له حلم فيه ملاك قال: “إن كنت تريد أن تحيا لله، فعليك أن تصبر على التجارب، فكل شدة هي سلم إلى السماء.” استيقظ التلميذ بقوة روحية جديدة وأكمل دربه بنجاح.
اللقاء مع مار أوجين
يحكى أن مار أوجين، معلمه، زاره مرة على جبل إزل، وجده جالساً في صلاة عميقة، وكان وجهه متوهجاً نوراً روحانياً. قال له مار أوجين: “أنت لم تنس الطريق، يا سلوانس. الزهد ليس فقط في ترك العالم، بل في أن تكون الله معك حيثما كنت.”
وهذه العبارة أصبحت من أقوال مار سلوانس المفضلة في تعاليمه لاحقاً.
معجزة الماء في الجبل
في إحدى السنوات الجافة، كانت المياه قليلة جداً على جبل إزل، وكان الرهبان يعانون من العطش. فصلى مار سلوانس صلاة طويلة طالباً شفاعة الرب. بعد الصلاة، تدفق نبع ماء صغير من صخرة قرب كهفه. كانت هذه المعجزة سبباً في زيادة احترامه بين الناس، وكانوا يأتون ليشربوا من ذلك النبع ويشكروا الله على كرمه.
الزهد في مواجهة الغنى
روى الناس أن رجلاً غنياً عرض على مار سلوانس ثروة هائلة مقابل أن يترك النسك ويعود إلى الحياة المدنية. لكن مار سلوانس رد عليه بهدوء: “كل ثروة في العالم لا تساوي لحظة من السلام في القلب.” ثم أعطى الرجل تعاليم عن السعادة الحقيقية التي تأتي من البساطة والقرب من الله.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت