الولادة: 500
الوفاة: 578
🕊️ القديس مار يعقوب البرادعي (ܡܪܝ ܝܥܩܘܒ ܒܪܕܥܝܐ)
هو أحد أبرز رجالات الكنيسة السريانية في التاريخ، وُلِد في أوائل القرن السادس الميلادي (حوالي سنة 500م)، وكان له دور بطولي في إعادة لمّ شمل الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بعد اضطهاد طويل. عُرف بثباته وإيمانه العميق، وبتنقله المتخفي في كل أرجاء الشرق لتثبيت المؤمنين وإقامة الكهنة والأساقفة.
🏛️ النشأة والخدمة المبكرة
نشأ مار يعقوب في مدينة تُدعى تلا موزيبلنا. ومع اشتداد الاضطهادات ضد الكنيسة السريانية بين عامي 512–528م، سافر إلى القسطنطينية سنة 528م. هناك، نال دعم الإمبراطور ثيودوسيوس وزوجته تيروكيا التي كانت تنتمي إلى المذهب الأرثوذكسي (الميافيزي). بفضلها، سُمح له بأن يُرسم أسقفًا على يد البطريرك مار ساويرا الأنطاكي (الذي كان في المنفى)، ليكون رسولًا متنقلًا بين الكنائس.
🧥 حياته التبشيرية والنسكية
ارتدى مار يعقوب ثياب الرهبان الفقراء، وجال على مدى خمسين عامًا في كل من سوريا، ما بين النهرين، مصر، أرمينيا، لبنان، وحتى بلاد فارس. كان يكرّس الكهنة ويُقيم الأساقفة، وكان يحمل رسائل المجامع السرية التي كانت تُعقد في المنفى. لم يكن عمله تنظيميًا فقط، بل كان روحيًا وعقائديًا، حافظ فيه على وحدة الكنيسة والإيمان الأرثوذكسي.
📊 أرقام مذهلة
بحسب المصادر السريانية، رسم مار يعقوب خلال حياته:
أكثر من 100,000 كاهن
أكثر من 80,000 شماس
أكثر من 200,000 أسقف
في شتى أرجاء الشرق، ما جعله يُلقّب بـ”بطريرك كل المشرق”، وهو لقب سبق أن بدأ معه، وتكرّس رسميًا لاحقًا في مجمع دير قرتمين سنة 793م.
🕯️ وفاته ورفاته
توفي في 30 تموز سنة 578م في دير كاسيس قرب منبج، ثم نُقلت رفاته إلى دير زافين في ماردين، وأخيرًا إلى دير مار مرقس في القدس. وما تزال ذكراه حيّة في الصلوات السريانية حتى يومنا هذا.
📜 إرثه التاريخي والعقائدي
شهد القرن السادس انقسامًا بعد مجمع خلقيدونية (451م)، وانقسمت الكنائس بين مؤيد ورافض له. لعب مار يعقوب دورًا محوريًا في تثبيت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، ما جعل الكنيسة تُنسب إليه في ما بعد باسم “اليعقوبية”، رغم أن هذا اللقب أُطلق من الخصوم، وقد رُفع اسمه لاحقًا من قائمة الهراطقة سنة 633م.
🖋️ كتاباته
يُنسب إليه عدد قليل من المؤلفات، بينها رسائل وعظات، وبعضها كتبها بالتعاون مع الأسقف بطرس الرهاوي، وذُكر أيضًا في مصادر سريانية ومخطوطات حبشية في قوانين كنسية مختلفة.
🔖 رمزيته وأهميته
👣 الراهب المتجوّل: رمز للإيمان المتحرك في وجه الاضطهاد.
🕊️ صانع الوحدة: حافظ على وحدة الكنيسة في أصعب ظروفها.
📚 المدافع العقائدي: كان صوته صوت الرسل والآباء، لا مبتدعًا بل حاميًا للإيمان.
🕯️ المعترف والشهيد غير الدامي: عاش كل عمره في الخطر والنفي والتعب لأجل الإيمان دون أن يموت قتيلاً، لكنه شهيد روح.
مصدر آخر
نفتقر حتى أيامنا الحاضرة، إلى سيرة نقدية شاملة حول هذه الشخصية البارزة التي طرحت بشأنها أسئلة عديدة ولا سيما من قبل دافيد بوندي.
استعرض في هذه المقالة المصادر العديدة لسيرة يعقوب البرادعي، وبعضها مشكوك بصحته. يلاحظ أن هناك مراحل دقيقة وعديدة تفتقر إلى معلومات أصلية أو غير أصلية، ولا سيما في ما يتعلق بالسنوات الأخيرة التي تلت موت يوستينيانس /565/.
إن سيرته التقليدية التي جمعها، على سبيل المثال، البطريرك برصوم تجعل مولده في تل موزلت عام /500/، أصبح راهباً في دير فسيلتا الواقع قرب مسقط رأسه (والحالية)، في سنة /528/ انتقل إلى القسطنطينية، ثم بتأثير من الإمبراطورة تيودورة وبتوصية من الملك العربي الحارث بن جبلة، رسمه البطريرك تيودوسيوس الإسكندري سنة /542-543/، ولم يذكر إلا في النصوص المتأخرة أن يكون سويريوس الأنطاكي هو الذي رسمه، رُسم على كرسي الرها ولم يتمكن من الإقامة فيها، على الرغم من أن تيودوسيوس منح يعقوب أولية ما على سائر الأساقفة (يذكره الأول في مستهل رسائله)، لا يبدو أنه كان له لقب آخر، كلقب: “الأسقف المسكوني” الذي تنسبه إليه النصوص الحديثة العهد.
أصبح يعقوب روح المقاومة في وجه سياسة يوستينياس الذي كان يحاول دفع الكنائس إلى القبول بقانون إيمان خلقيدونية، متمتعاً بـ ” سلطة ظرفية” كبيرة، تُعزى إلى زهده وعلمه ومقاومته البطولية في وجه المصاعب، جال يعقوب بلا كلل في البلاد الشرقية ومصر وسورية، وصولاً إلى أرمينيا شمالاً، وتخوم بلاد فارس. وكان يرسم عشرات الآلاف من الكهنة (قيل أنه رسم 102000!) و/27/ أسقفاً وبطريركين، وذلك بهدف أن يمد المقاومة المناهضة لخلقيدونية بإطار يمهد لإبراز هذه المقاومة على الملأ. وكان ينتقل متخفياً بصفة جوال (من هنا كان اسمه البرادعي، وهو ما لا يجب دمجه بـ ” بار آداي” أو “بار أداي”، كما فعل، على سبيل المثال المعجم اللاهوتي الكاثوليكي).
وكان يتوارى دائماً بفضل أن الشعب معه، من وجه الحرس الملكي، “ينظم ويرسم ويعزي ويشجع، ويوطد الإيمان ويعلم في كل مكان حزب المؤمنين”.
إنه رئيس روحي موهوب أكثر منه رئيس كنسي، ومع ذلك لم يكن “بديلاً مؤقتاً من البطريرك مار سويريوس”، (الغائب المنفي) وليس من الصحيح إعطاؤه لقب بطريرك.
لا يبدو أن يعقوب تجاوز التخوم البيزنطية، وإذا أخذنا بما جاء في التاريخ المنسوب إلى زكريا، يكون قورش هو الذي قام بمثل هذا العمل في المملكة الفارسية، ولكن خصوصاً أحد الأساقفة الذين رسمهم ويدعى أحودامه.
يبدو أن دور يعقوب قد تضاءل بعد موت يوستينيانس عام /565/، ولا سيما بعد وفاة حاميه البطريرك تيودوسيوس الإسكندري عام /566/، ثم تأتي سنوات سادت فيها الخلافات، ولا سيما فضيحة تسببت “بالمصائب” التي لم يجلُ المؤرخون أمرها… تحاول النصوص أن تخفف من أهميتها، إذ تذكر على سبيل المثال، أن القديس يعقوب وبولس الثاني الأسود الإسكندري بطريرك أنطاكية /550-575/، كانا متفانيين في خدمة الرب.
وفي الواقع، يظهر (في تاريخ الرهاوي المجهول) أن يعقوب قد أقام بولس بطريركاً على أنطاكية بموافقة تيودوسيوس الإسكندري. أما بعد، وكان بولس القالونيقي (الرقي) أن يقبل بالبطريركية، ولكن بطرس كان يرفض دائماً، بسبب وجود بولس.
ولم يقبل بطرس (الثالث) بالبطريركية إلا بعد وفاة كل من بولس /575/ ويعقوب /578/، وكانت سيامته على يد دميانس بطريرك الإسكندرية.
توفي يعقوب البرادعي في 30 /تموز/يوليو عام /578/، في مصر في دير قسيون، وفي عام /622/، قام رهبان ديره الأصلي وهو دير قسيلتا، بالاستيلاء على رفاته وحملوه إلى ديرهم، وقد يكونون هم أيضاً الذين نمقوا نصوص سيرته لإعلاء شأن ديرهم.
اعتبر يعقوب من قبل خصومه “مؤسس” الكنيسة السريانية التي أطلقوا عليها المونوفيزية، وبالتالي لقب “اليعقوبية”. أما السريان الأرثوذكس ابن الكنيسة البار، والمجاهد الرسولي الأكبر.
من الثابت أنه كان أحد عناصر نهضة المجموعة اللاخلقيدونية بعد وفاة مار سويريوس. لكن هذه المجموعة لم تتمكن من تحقيق تنظيمها الذاتي، في وجه الكنيسة “الملكية” والكنيسة “النسطورية” الفارسية، إلا في العام /629/، أي قبل الفتح الإسلامي للمدائن، عندما كان جيش هرقل يحتل النصف الشمالي للعراق الحالي، وكان ذلك لمدة ست سنوات فقط.
يرد تذكار مار يعقوب البرادعي في جميع اللوائح السريانية الغربية، في 2/شباط/ فبراير و 18 أو 20 منه، وفي 20/آذار/ مارس أو 21 منه، وفي 30 /تموز/يوليو أو 31 منه، وفي 28 /تشرين الثاني/نوفمبر.
ينسب إليه عدد قليل من المؤلفات، ومع ذلك لم يُبت بعد بمسألة صحتها، أُحصي له:تسع رسائل، بعضها كُتب بالتعاون مع آخرين، ولا سيما الأسقف ثيودوروس، الذي رُسم معه،”وقانون إيمان”، وهو يُنسب أحياناً إلى البطريرك نوح البقوفي، وعظة حول البشارة وأخيراً نافور. وهناك قوانين باسمه محفوظة في مخطوطات حبشية.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت