حنيني لمن أصبحت مرآيا بصدري ...أسميتها وطن
تعيش داخلي على مساحات المدى تبحر في فضاءات الروح، تجيئني حمامة تتدلى من بين الآلهة .. لأغمض العينين على موعد رحل. شامة على الخد أرتسمت في مسافاتي البعيدة... سلاماً لكِ. سلاماً لأرضٍ تصنع التاريخ كل يوم... ويولد الأبطال من ثراها التليد كل يوم... رغم هذه البلايا لم تزل تفوح برائحة الحب والنقاء والبشرى للقادمين تحتمل كل مرارة الأيام ... توزع نياشين المحبة ، و على صدورهم تعلق أوسمة الخلود . كم من سنين عشت فيكِ .. شلت يميني إن نسيتك ياقاسيون أأنساك َ ياباب توما ..أأنساك يا باب المصلى يابلد الأجراس والمآذن والقباب... يابلد العذارى الحالمات الوادعات ... يابلد الياسمين كم من مرة تهنا في أزقتك تلك الصغيرة نبحث عن ريحانة تعطر شرفات المنازل أوتذكرين زاهداً بك قد أهيم ، ناسكاً من دون صومعة، سوى شعاع قنديل خافت وقلب حالمٍ يودع كل يومٍ أشراقةً ، وينتظر لغدٍ جميل وبعض من كتب، وعلوم، وأشعار حب ، وطفولة، وأحلام رجولة. قد أضنته هذه الغربة ، بعدما خرج عن مسارك في لحظة ضياع، ليبحث عن \"صيد ثمين\" كما كان يُشاع. كم من مرة اوتذكرين كيف راحت أصابعي تلامس الضياء من عينيك وتكتب فوق شفاهك مخارج الحروف والفيزياء . كم من معادلة صنعها الحب من دفء خديك لنغير جداول الكيمياء كم من سوسنة سكنت سقف بيتي ذاك المشرَّع للريح في العراء كم طبعنا من حمرة الشفاه على تلك دفاتر الرياضيات وانت ترسمن بيانات الهوى والعمر والقادمات من السنين . على الجدار كم بيت من الشعر أثقلت تلك الرسوم كم عطرت تلك غرفتي ، غيمة في أخر الأسبوع . أما تذكرين كيف تحولت لغتنا الى مفردات في الحب والهيام ومدرجات كلية العلوم .. كم من مرة أزهرت بلقاءاتنا يوم كنتُ أجىء إليك من دون موعد لأحضر الدروس وأنا أعبىء صدرى من هدأت الصمت.. أراقبُ خصلات شعرك وهي تأخذ كل مساحات الجبين ماذا لو نطقت تلك اطلالنا تُرى كم ينابيع من دموعي ستجرى لتسقى حتى بردى ذاك العليل فهل ظلمنا أحداً إن أحببنا حتى الموت وطننا نحن عشقناهُ وهل سرقنا من أحدٍ إن نحن هذا الوطن في جسومنا بنيناه هاهي في قلبي تتدفق بالحنين أيتها النوارس المهاجرة هل تبقى لديك دفئاً من تلك الشموع من غير أحتراق او رماد .. حنيني إليك ..حنيني لوطن يجمع ُكل هذه السوسنات،وأزقتنا القديمة وبيوتاً فوق اسطحة المنازل. أنثريني لو أرتضيتِ في حديقتكِ احسبيني بعضاً من سمادْ. وغداً في الربيع ، بيادراً من ازاهيرٍ سوف تروي حكاية فتىً في الهوى رحلْ ..وفي حشاياهُ لهيبٌ وأنتظارْ.